بقلم : أمينة خيرى
انتهت إجراءات التصويت باختيار الرئيس عبدالفتاح السيسى أو السيد موسى مصطفى موسى أو إبطال الصوت، كما انتهت المقاطعة بشقيها، سواء تلك الناجمة عن مواقف سياسية عميقة أو أنتخة نفسية واجتماعية مجيدة، كما تم طى صفحة سخرية سياسية عنكبوتية معارضة للنظام ومعها مكايدة نفسية رهيبة مؤيدة له، وعادت مقار اللجان إلى طبيعتها المدرسية ومن المتوقع أن تعاود الحياة نهجها المعتاد.
لكن قبل أن نعاود المعتاد لماذا لا نتوقف لنسأل بعضاً من أسئلة ونطرح بعضاً من الملحوظات، اللافتات المليونية التى غزت شوارع مصر على مدار الأيام القليلة السابقة للانتخابات، ما مصيرها؟ ومن المسئول عن إزالتها بحسب القانون؟ ومن الذى يتحمل نتيجة وقوع بعضها فى الشوارع تحت وطأة الرياح العاتية على مدار الأيام القليلة الماضية؟
ولا ينبغى أن تمضى هذه الانتخابات دون أن يتم البحث والتنقيح، والتبين والتوضيح حول ما أثير فى عدد من التقارير الإعلامية الغربية (وبالطبع على أثير العنكبوت محلياً) حول إجبار لموظفين وعمال فى القطاعين العام والخاص للتوجه إلى اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، بل ووقوف البعض من المديرين عند مداخل المصالح والشركات للتفتيش على أصابع العاملين للتأكد من أنهم قد أدلوا بأصواتهم، (راجع تقرير واشنطن بوست المنشور يوم 27 الحالى تحت عنوان «مصر تحاول أن تزيد مشاركة الناخبين بحوافز وتهديدات»)،
جانب كبير من تقارير الإعلام الغربى عن الانتخابات الرئاسية المصرية كان متوقعاً، لا سيما بين وسائل الإعلام الممسكة بتلابيب «الانقلاب العسكرى الذى أطاح بأول رئيس مدنى منتخب» رغم أنوف رغبة المصريين، لكن لا ننكر أيضاً أننا قدمنا لهذا الإعلام نوعية مفتخرة من أنقى وأشهى أنواع الهبد والرزع، وذلك على طبق من فضة وفى أقوال أخرى من ذهب.
فبدءاً بمجريات الأمور مع عدد ممن كانوا يخططون لخوض الانتخابات، مروراً بالإعلام المصرى الذى اصطف اصطفافاً واحداً لا ثانى له، حيث دق على وتر تطابق المشاركة مع الوطنية، وأن الوجه الآخر للعمالة والخيانة هو الامتناع عن التصويت، وانتهاء بـ«مانيا» (هوس) انتشار لافتات التأييد التى أكاد أجزم أن انتشارها الجنونى لم يسعد الرئيس السيسى نفسه، وجد الإعلام الغربى أرضاً خصبة ليغوص فى شأننا الانتخابى.
شأننا الانتخابى ينبغى ألا يتوقف بإعلان نتيجة الانتخابات، لكنه يجب أن يبدأ بداية أخرى أكثر إيجابية عقب إعلان النتيجة، وبدلاً من إدمان النواح والبكاء، والغرق فى أغوار الواقع الافتراضى حيث ندب الواقع وسب الظروف ولعن العوامل، على الجميع بدءاً بالرئيس مروراً بالمواطنين وانتهاء بالسلطات والوزارات والجهات المختصة أن تبدأ عمل جردة صيفية لترتيب البيت من الداخل.
وضمن الدواخل وضع الأحزاب السياسية التى أقترح أن يجمعها لقاء بالرئيس لفتح ملف تبادل الاتهامات حول المتسبب فى دخول الحياة الحزبية مرحلة الموت السريرى التى لا تفيق منها إلا فى مواسم الاستحقاقات الانتخابية، ومن جهة السلطات والوزارات والهيئات، عليها وعلى الرئيس أن يدفعها لتصحو من غيبوبتها، لا سيما الجهات المختصة بتنفيذ القانون، فإذا كانت الفترة الرئاسية الأولى اتسمت بمحاربة الإرهاب واستعادة الأمان والمضى قدماً فى بنية تحتية هائلة، فلتكن الفترة الثانية استكمالاً لهذه الخطوات الحيوية، مع إضافة بند استعادة دولة القانون وهيبة الدولة المفتقدتين فى الشارع تماماً.
ولا يقل المشهد الإعلامى أهمية عن بقية المشاهد السياسية والقانونية، حيث على أهل المهنة أن يسألوا أنفسهم وكل مَن مِن شأنه أن يكون ضالعاً فى المنتج الإعلامى: هل شكل الإعلام الحالى هو ما نبتغى؟ وهل نحن فى حاجة إلى تعددية أكبر؟ وهل الأصوات والأقلام المختلفة من شأنها أن تهدد الدولة أم تدعمها؟
ندعم الدولة وندعم الرئيس للمضى قدماً فى هذه الفترة العصيبة مصرياً وإقليمياً، لكننا أيضاً نطالب بما يسمح لنا بمزيد من الدعم، المشهد السياسى فى حاجة ماسة إلى إصلاح وترتيب وفتح المزيد من المجالات وليس التضييق، ودولة القانون تحتاج قانوناً يجبرها على تنفيذ القانون حتى يتم وقف نزيف الثقة الناجم عن غيبوبة تطبيق القانون فى الشارع، والمشهد الإعلامى يجب أن يتغير إن أراد أن يستعيد ثقة المواطن الذى هو الناخب، لأنه هو نفسه الذى سيتوجه أو يقاطع صناديق الانتخاب فى 2022.
نقلاً عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع