توقيت القاهرة المحلي 16:08:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم «رقابة إدارية» نحتاجها؟!

  مصر اليوم -

كم «رقابة إدارية» نحتاجها

بقلم : ماجدة الجندى

 كنت يوماً فى زيارة لواحدة من بلدان أمريكا اللاتينية.. وحول عشاء لطيف اجتمع بعض المصريين المقيمين، وجرت مقارنة ما بين الفساد فى مصر والفساد فى تلك البلاد.. وبعد تمهل قال لى أحدهم: الفارق بسيط.. فى مصر لو أن هناك عملية رصف شارع، المقاول المصرى سوف يقدرها مثلاً بمائة جنيه، وينفق فعلياً تلاتين أربعين بالكتير ويضع فى جيبه الباقى، يعنى يعملها بكفاءة ثلاثين بالمائة على الأكثر، وهو ضامن أن التسليم والتسلم سوف يتم دون أى منغصات.. لكن فى تلك البلاد البعيدة سوف يصرف المقاول الرقم المناسب لرصف جيد ثم يأتى فساده فى المبالغة فى تقدير التكلفة، لأنه مدرك أن وراءه، رغم الفساد، من يراقب ويتسلم وفق الأكواد القانونية المنضبطة والمضبوطة. لكن مدارس الفساد تتعدد، وتتفوق على نفسها ويبدو أنها عندنا، «تبدع»، وتتفوق على نفسها.

هذا مجرد خاطر مرق بخاطرى وقد تولت «الطبيعة» الكشف، أو أهدتنا -كما يقال فى لغة الدراما- «لحظة تنوير»! فى مواجهة المتغيرات المناخية والأمطار وغيره، صمدت أحياء القاهرة القديمة، التى بناها الغريب المحتل.. وانهارت أحدث المناطق وأكثرها تعبيراً عن «التحولات» الاقتصادية والاجتماعية فى العقود الأخيرة! صمدت أحياء مصر الجديدة والمعادى «الأصلية» والزمالك، رغم كل ما تتعرض له من إهمال عبر السنوات، وغرق «التجمع». لم يقتصر الأمر على «غياب» أوليات «هندسة الطرق»، سواء من حيث التصريف الواجب لمياه الأمطار أو مناسيب الطرق أو نوعيات الرصف، لكن خذ بالك مما جرى لمنشآت، كالأسواق والمولات التى انهارت أسقفها، أو تحولت إلى «مصفاة». لم أرَ أى مفارقة فى الأمر.. الصمود النسبى للأحياء التى تأسست معظمها فى عقود غابرة خضعت على الأقل عند النشأة لأكواد بناء حقيقية، واشتراطات إنشائية، ومراقبة، وكانت هناك قوانين «مفعلة».. كل خطوة فى البناء فى تلك الأيام كانت تخضع «للكود» الواجب.. بناءً وتسليماً وتسلماً... كانت هناك «محاسبة» فى الانتظار.. «ردع» حاضر بالقانون.. عاشت هذه الأحياء تحت معاول الإهمال والهدم ومع ذلك ما زالت صامدة.. منطقة «التجمع»، بطرقها وتقاسيمها الإنشائية ومولاتها وأسواقها وعماراتها وكومباونداتها وسلاطتها وبابا غنوجها، خلاصة زمن المقاولات المعاصرة.. يستطيع أى متخصص فى علوم الاجتماع أو الأنثروبولوجى أو حتى السياسة، أن يتناول بالدراسة، كل من زاويته، «التجمع»، التجمع كحالة «أوجزت»، و«لخصت»، الحالة المصرية فى سياق زمنى استمر عقوداً، تحولت فيه «القوانين» إلى ورقة نبلها ونشرب ميتها، ولم يعد، لا للبناء ولا غيره «أكواد» أو شفرات تراعَى وتحترَم.. «التجمع» رمز لفكرة الإنجاز «باللقطة».. الصورة.. ولا يهم «التفاصيل».. الذى بنى «سوقاً»، أو «مولاً» أو سلَّم طريقاً، لم يصمد لزخات مطر.. هذا واحد «آمن» ويحس أنه «مؤمَّن»، ولا يخشى المحاسبة.. (الدفاتر دفاترنا والورق ورقنا) لكن يبدو أن هذا سوف يتغير.. بشرى خير نزول السيد مدير الرقابة الإدارية، بشرى خير التلويح بالحساب، لكن: من؟ وكم؟ وهل يمكن الحساب بأثر رجعى؟ هل نأتى بمن هندس الطريق ومن نفذ ونأتى بالمواصفات ونراجع ما تم تسلمه؟ كم جهازاً، على شاكلة «الرقابة الإدارية»، نحن بحاجة إليه؟

كل ما أعيشه.. كل ما أتلقاه.. كل خطوة فى اليوم.. كل احتكاك.. يكاد يجعلنى أهتف: «يا رقابة.. الحقينا»!

من أول بلاعات الطرق وحتى ما يجرى فى الآثار الإسلامية!

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم «رقابة إدارية» نحتاجها كم «رقابة إدارية» نحتاجها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon