توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم «رقابة إدارية» نحتاجها؟!

  مصر اليوم -

كم «رقابة إدارية» نحتاجها

بقلم : ماجدة الجندى

 كنت يوماً فى زيارة لواحدة من بلدان أمريكا اللاتينية.. وحول عشاء لطيف اجتمع بعض المصريين المقيمين، وجرت مقارنة ما بين الفساد فى مصر والفساد فى تلك البلاد.. وبعد تمهل قال لى أحدهم: الفارق بسيط.. فى مصر لو أن هناك عملية رصف شارع، المقاول المصرى سوف يقدرها مثلاً بمائة جنيه، وينفق فعلياً تلاتين أربعين بالكتير ويضع فى جيبه الباقى، يعنى يعملها بكفاءة ثلاثين بالمائة على الأكثر، وهو ضامن أن التسليم والتسلم سوف يتم دون أى منغصات.. لكن فى تلك البلاد البعيدة سوف يصرف المقاول الرقم المناسب لرصف جيد ثم يأتى فساده فى المبالغة فى تقدير التكلفة، لأنه مدرك أن وراءه، رغم الفساد، من يراقب ويتسلم وفق الأكواد القانونية المنضبطة والمضبوطة. لكن مدارس الفساد تتعدد، وتتفوق على نفسها ويبدو أنها عندنا، «تبدع»، وتتفوق على نفسها.

هذا مجرد خاطر مرق بخاطرى وقد تولت «الطبيعة» الكشف، أو أهدتنا -كما يقال فى لغة الدراما- «لحظة تنوير»! فى مواجهة المتغيرات المناخية والأمطار وغيره، صمدت أحياء القاهرة القديمة، التى بناها الغريب المحتل.. وانهارت أحدث المناطق وأكثرها تعبيراً عن «التحولات» الاقتصادية والاجتماعية فى العقود الأخيرة! صمدت أحياء مصر الجديدة والمعادى «الأصلية» والزمالك، رغم كل ما تتعرض له من إهمال عبر السنوات، وغرق «التجمع». لم يقتصر الأمر على «غياب» أوليات «هندسة الطرق»، سواء من حيث التصريف الواجب لمياه الأمطار أو مناسيب الطرق أو نوعيات الرصف، لكن خذ بالك مما جرى لمنشآت، كالأسواق والمولات التى انهارت أسقفها، أو تحولت إلى «مصفاة». لم أرَ أى مفارقة فى الأمر.. الصمود النسبى للأحياء التى تأسست معظمها فى عقود غابرة خضعت على الأقل عند النشأة لأكواد بناء حقيقية، واشتراطات إنشائية، ومراقبة، وكانت هناك قوانين «مفعلة».. كل خطوة فى البناء فى تلك الأيام كانت تخضع «للكود» الواجب.. بناءً وتسليماً وتسلماً... كانت هناك «محاسبة» فى الانتظار.. «ردع» حاضر بالقانون.. عاشت هذه الأحياء تحت معاول الإهمال والهدم ومع ذلك ما زالت صامدة.. منطقة «التجمع»، بطرقها وتقاسيمها الإنشائية ومولاتها وأسواقها وعماراتها وكومباونداتها وسلاطتها وبابا غنوجها، خلاصة زمن المقاولات المعاصرة.. يستطيع أى متخصص فى علوم الاجتماع أو الأنثروبولوجى أو حتى السياسة، أن يتناول بالدراسة، كل من زاويته، «التجمع»، التجمع كحالة «أوجزت»، و«لخصت»، الحالة المصرية فى سياق زمنى استمر عقوداً، تحولت فيه «القوانين» إلى ورقة نبلها ونشرب ميتها، ولم يعد، لا للبناء ولا غيره «أكواد» أو شفرات تراعَى وتحترَم.. «التجمع» رمز لفكرة الإنجاز «باللقطة».. الصورة.. ولا يهم «التفاصيل».. الذى بنى «سوقاً»، أو «مولاً» أو سلَّم طريقاً، لم يصمد لزخات مطر.. هذا واحد «آمن» ويحس أنه «مؤمَّن»، ولا يخشى المحاسبة.. (الدفاتر دفاترنا والورق ورقنا) لكن يبدو أن هذا سوف يتغير.. بشرى خير نزول السيد مدير الرقابة الإدارية، بشرى خير التلويح بالحساب، لكن: من؟ وكم؟ وهل يمكن الحساب بأثر رجعى؟ هل نأتى بمن هندس الطريق ومن نفذ ونأتى بالمواصفات ونراجع ما تم تسلمه؟ كم جهازاً، على شاكلة «الرقابة الإدارية»، نحن بحاجة إليه؟

كل ما أعيشه.. كل ما أتلقاه.. كل خطوة فى اليوم.. كل احتكاك.. يكاد يجعلنى أهتف: «يا رقابة.. الحقينا»!

من أول بلاعات الطرق وحتى ما يجرى فى الآثار الإسلامية!

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم «رقابة إدارية» نحتاجها كم «رقابة إدارية» نحتاجها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon