بقلم : ماجدة الجندى
الحقيقة أن «الاعتذار» الوحيد الذى يمكن قبوله من السيد عمرو خالد هو أن يختفى عن عقولنا.. «بزحفه» الحثيث المستمر منذ عشرين عاماً و«مقاصده» التى استشرفناها، ولم يسمع أحد، وكان لزميلنا الكاتب الأستاذ وائل لطفى فضل توثيقها فى سلسلة مقالاته شديدة الأهمية التى نشرها عام ٢٠٠١ فى مجلة روز اليوسف، وتحولت إلى كتاب عن الدعاة الجدد.. «الاعتذار» الوحيد والواجب بل والضرورى، ربما لن يستطيعه عمرو خالد دوننا.. الاعتذار الوحيد، هو ما علينا القيام به وبحسم، فليس هناك ما يقال بعدما لخص لنا السيد عمرو رؤيته، فى دعوة للارتقاء لله عز وجل، تمر عبر «معدة» محشوة بفراخ بعينها وبوصفات مطبخ الست فلانة، ورحم الله نبينا، صلى الله عليه وسلم، ورحم وعفا عنا وغفر لنا تهاوننا فى حق أنفسنا بوأد العقل والإرادة وتركهما نهباً لمن روج لدين «انتقائى» قال معبراً عنه: «أنا عاوز أبقى غنى.. عشان أستخدم فلوسى فى الإنفاق فى سبيل الله.. عشان أعيش عيشة كريمة وعشان أبقى غنى، فالناس يقولوا شايف متدين وغنى فيحبوا ربنا من خلال غنايا!» شفتوا أحلى من كده دين تفصيل على المقاس الخليجى عاوز يبقى معاه فلوس ويلبس أحسن لبس، عشان يحبب الناس فى الدين، وصلى الله على نبينا وعلى دعوته اللهم أحينى مسكيناً وأمتنى مسكيناً واحشرنى يوم القيامة فى زمرة المساكين. الاعتذار الوحيد الذى يمكن قبوله هو فى وضع نقطة النهاية لواحد من أخطر الاختراقات التى تعرض لها المجتمع المصرى وما جسده عمرو خالد، من انقضاض على شرائح اجتماعية مصرية بعينها، صدر لها إسلاماً سابقاً تجهيزه، فى الخليج، وتم تجريبه فى صيغة «مدفوعة التذاكر» مقدماً.. وأعود إلى ما كتبه زميلنا وائل لطفى عن محاضرات عمرو خالد الدينية، فى أول الألفية الجديدة، التى كانت تباع تذاكرها ما بين ٣٠٠ ريال فى السعودية و٢٠٠ درهم، وعن توجهه لبروَزة إسلام «رأسمالى» ملائم للطبقات التى كان هى الهدف ويخطب ودها فى نوادٍ بعينها وفى لقاءات غداء وعشاء فى بيوت وقصور، تجتمع فيها بنات وسيدات بحيث كما يقول زميلنا السباق إلى الكشف، وائل لطفى، يمكن أن تسميها «إسلام بارتى»! لم ننتبه لا كدولة ولا مجتمع إلى خطورة توثيق وائل لطفى.. بل على العكس رأينا القطار قادماً ونحن مكبّلو الإرادة، نتفرج حتى كاد البلد يروح... الاعتذار الوحيد المقبول، لا نريده من السيد عمرو خالد.. بل منا، ولديننا ولبلدنا اللذين تركناهما نهباً، لما يمثله السيد عمرو خالد، الذى علينا أن نشكر لطف الله ونشكر الظرف، أن كان إعلان «الفراخ» الذى قدمه السيد الداعية ليكون ليس قشة تقصم ظهر البعير، بل «حصاة» فى كل عين لا تبصر الحقيقة ولا تسعى لإنقاذ «عقولنا» ما يمثله السيد خالد بفراخه وسلاطاته وبابا غنوجه، وعطوره وكل مشتملاته! كل النذر التى تم تجاهلها، من كتابات ومحاولات لأعمال العقل، دفعنا ثمنها غالياً، و«بالدم»، وإن لم نستفق، ونستبق استمرارية الزحف، ومحاولات إعادة إنتاجه المستمرة، والتى لم تكن خافية ولا متخفية، ، وإن لم يكن للوعى والإرادة، الآن الكلمة، فلن يكون هناك «ملحق» أو فرصة للنجاة ببلدنا..ليس مطلوباً على الإطلاق من السيد عمرو خالد أى اعتذار، بل لعلنا نشكر الظروف التى بعثها الله والتى لم تكن غير «انكشاف»، ليس لعمرو خالد ولا من يحاولون إعادة إنتاجه، سواء كانوا أصحاب محطات تليفزيون أو محطات «دواجن»، بل انكشاف وامتحان لحقيقة ما ننتويه وما نتجه ببلدنا إليه قصداً ووعياً وإرادة، والذى سوف يحاسبنا عليه التاريخ... الاعتذار الوحيد هو أن ننهى مرحلة دعاة الدواجن والعطور بحسم وقطع، وأن نستفيق.وليحمنا الله مما نفعله بأنفسنا وناسنا وبلدنا.
نقلًا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع