توقيت القاهرة المحلي 17:16:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيش بلدى..!

  مصر اليوم -

عيش بلدى

بقلم : ماجدة الجندى

 قطعنا مسافة ليست بالقصيرة ولا الصغيرة فى مدينة مثل شيكاغو..

أصرت ابنتى، ماجدة جمال الغيطانى، التى تدرس درجة الدكتوراه فى جامعة شيكاغو، أن تتسوق «حاجة رمضان» من بقالة عربية تبعد ساعة بالسيارة عن موضع السكن، مع أن فى الإمكان أن تتسوق نسبة كبيرة من المشتريات المماثلة من السوبر ماركت.. راقبتها تدفع بعربة السوبر ماركت «الشرقى» ولا أقول العربى.. كان مقصدها الأول الأرفف المحملة بأنواع من الخبز الشرقى.. عيش شامى لبنانى.. عيش تركى.. إيرانى.. خبز هندى.. وقفتها عند «الخبز» كانت وقفة تحمل فى طياتها ما يتجاوز عملية الشراء لنوع من الخبز.. كانت وقفة محملة بالشجن والحنين.. قبل سنوات، حين كانت تدرس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان والدها يمر عليها بالسيارة فى طريق العودة إلى البيت، يخترقان الحلمية فى الطريق إلى صلاح سالم ثم المعادى.. اختراق الحلمية لم يكن سببه إلا وجود ذلك الفرن البلدى الذى يصر والدها أن يبتاع منه العيش البلدى.. مع مرور الوقت، وتحوله إلى عادة شبه يومية، صار صاحب الفرن يعتنى بأكثر من المطلوب، فيوزع العيش مسبقاً عقب خروجه من النار مباشرة، فوق طاولة من الجريد، ليظل محتفظاً بوش الرغيف «قابب» و«مفقّع».

اقتضى مشوار ابنتى الدراسى إقامات طويلة فى بقاع شتى من لندن وباريس إلى نيويورك وشيكاغو.. ظلت أثمن هداياها أن تحمل إليها، أينما كانت، أرغفة العيش البلدى.. قبل شهور حملت إليها من القاهرة، تقريباً شنطة سفر، ليس فيها إلا العيش البلدى..

أخرجته من الحقيبة، قطعت الأرغفة إلى «أنصاص»، لفتها بمنتهى العناية فى ورق نايلون، وضعت كل كام رغيف فى كيس محكم الإغلاق، ورصته فى الفريزر.. كانت تتعامل مع أرغفة العيش على اعتبار أنها المكافأة.. أو صنف الحلو الذى تكافئ به نفسها.. تماماً كما يتعامل ابنها مالك مع العيش البلدى كأنه «فطير».. حملنا من السوبر ماركت أنواعاً من الخبز، ربما تتشابه من حيث العجينة أو الشكل أو نوع الدقيق بالعيش البلدى.. لكنها ليست «عيش بلدى».. كنت أهرب من عيونها الباحثة عن رغيف بلدى وسط لفائف خبز من أوزباكستان وحتى اليمن.. وأكاد أرهف السمع إلى حوار داخلى لا يصل لأحد غير قلبها... تقاسمت ماجدة وجمال الغيطانى أموراً عديدة فى الحياة، بعضها يمكن أن تعده من قبيل الجينات الوراثية وبعضها الآخر كان نوعاً من تطابق الهوى أو المزاجات.. عمق الانفعال.. طرق فى التعبير.. شدة الإخلاص لما يعتقدان به.. والأهم تلك العلاقة «بالعيش البلدى»...

لم يكن المشوار الذى قطعناه على طوله فى مدينة شيكاغو، إلا سعياً وحنيناً.. فى «اقتفاء» أثر..

اقتفاء أثر «عيش» وأيام..

نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيش بلدى عيش بلدى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon