توقيت القاهرة المحلي 11:15:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تفكيك المشهد

  مصر اليوم -

تفكيك المشهد

بقلم: ماجدة الجندى

المشهد إجمالاً بحاجة إلى نوع من التفكيك، لأنه يحمل فى طياته ما يتجاوز اعتباره حادثاً، صحيح أنه كان الشغل الشاغل الأيام الماضية للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، لكن ربما يحتاج الأمر لهدأة فى التناول، تختلف عن دوائر الانفعال التى تكتسحنا، كلما جرى أمر على الساحة، فتختلط الأصوات، وتتعالى المناقشات.. لم يقبل أهل الشاب الذى أجبر على أن يلقى بنفسه تحت عجلات القطار، المائة ألف جنيه التى أعلن عنها وزير النقل كتعويض، وهى رسالة بليغة، فلا شىء يساوى ولا شىء يعوض أماً فقدت ابنها بهذا الأسلوب المروع، والأرجح أنها لن يغمض لها جفن حتى آخر أنفاسها.. فإن أمعنت النظر وجدت كلاً يغنى على ليلاه... لا جدال فى أن ما جرى للشاب الذى سقط تحت عجلات القطار مفزع إلى أقصى مدى، لكن المؤكد أنه وضع المجتمع بأسره فى مواجهة غير ملتبسة مع ما جرى له من تحولات، أخشى أن تكون قد مست الجوهر الذى لطالما طمأننا أنفسنا أنه بخير، لكن الحقيقة الكاشفة لا بد أن تقلقل هذه الطمأنينة الزائفة..أكثر من سيناريو يمكن طرحه، كان يمكن أن ينقذ هذا الشاب الذى دفعه الخوف إلى هذا المصير.. أولها وأبسطها أن يتم اتباع الإجراء القانونى، دونما ترويع، ولا قهر، وأضع عدة خطوط تحت «دونما ترويع» ولا «قهر»، نعم لنا أن نتخيل قدر الرعب الذى عاشه الشاب، والانسحاق الذى صور له أن «قفزة موت» من قطار سريع، أهون مما يصدره له موظف السكة الحديد (أياً كانت وظيفته).. السيناريو الثانى كان أن يجمع ركاب هذا القطار الـVIP، ثمن التذكرة والغرامة وهو رقم إن تم اقتسامه لا يكون معضلة على ركاب دفع الواحد منهم ٣٠٠ جنيه للتذكرة، عشرون جنيهاً من خمسة عشر راكباً، كان يمكن أن تنقذ حياة، أوليس نحن الشعب المتدين بطبعه، بتوع المليان يصب على الفاضى، والناس لبعضيها، و..و..؟: أين راح «المنديل الأبيض» الذى كان سرعان ما يتم فتحه وتمريره لفك زنقة أحدهم؟ الذين فتحوا الموبايلات وصوروا ومصمصوا الشفاه، ماذا لو استجاب أحدهم لسؤال الشاب قبل أن يلقى بنفسه تحت العجلات، قال صديقه الناجى، إنه قال بصوت عال «جرى إيه هو القطر ده ما فيهوش جدعنة ولا إيه؟» والحقيقة أنه سؤال لا يخص ركاب هذه العربة بقطار الـVIP، وحدهم، لكن يمكن توجيهه لمن «يتفرجون»، على واحد بيتحرش بواحدة ولا يتحركون، على البيه لما يستقوى على العسكرى الغلبان ويهدد انت مش عارف بتكلم مين، وغير ذلك وبدون حصر... يبقى السيناريو الثالث الذى نفذ وهو السيناريو «القاتل» وبطله مسئول القطار..نحن أمام شخصية، يقينا أنها مضطربة، غير سوية، بل ربما حالتها أكثر تفاقماً مما نتصور، طرحت خيار الموت أو القتل على الشاب بمنتهى البلادة.. وهذه الشخصية غير العادية تصرفت تحت غطاء، أو بإيحاء أنها تنفذ لوائح، لكن الحقيقة أنها تحمل داخلها بذور عدم استوائها، أى إنها فى أى موقف سوف تنضح باختلالاتها، التى من المؤكد أنها «عينة»، تشير لصنوف من الاختلال المرضى، وقد صرح السيد كامل الوزير بنفسه بأن التأهيل النفسى جزء مما يجرى فى برامج إعادة التأهيل. الصيغة التى خرج بها أول بيانات وزارة النقل، لاقت ما تستحق من انتقادات، وحملت لهجة بيروقراطية سقيمة، سرعان ما تغيرت واستعدلها بيان النيابة، يبقى موقف الإعلام الذى اتفق على «كارثية» ما جرى، (وهو كذلك) وبلغ مدى طالب فيه البعض بإقالة وزير النقل، على اعتبار أن موظف القطار كان ينفذ تعليمات ضرورة التحصيل، هنا الخيط الفاصل وهنا أيضاً اختلاط الأوراق، وهنا الحاجة إلى قدر من الرشادة، يقيناً أن القانون وضرورة تطبيقه أو التحصيل لمتعلقات الدولة مطلب الناس قبل الحكومة، بدءاً من التذكرة وحتى الأراضى وغيرها مما تم نهبه على مدى عقود، ويقينا أن جهد كامل الوزير فى ضبط مرفق النقل واضح وجلى، والأكثر يقيناً أنه لا يمكن أبداً أن يكون من تعليمات التحصيل الدفع إلى قفزات الموت.. من أين نبدأ؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك المشهد تفكيك المشهد



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon