توقيت القاهرة المحلي 16:08:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المبيع!

  مصر اليوم -

المبيع

بقلم : ماجدة الجندى

هل يخضع كل ما فى حياتنا لقيم التسليع، والكسب، أيا كان أو أيا تكن طبيعته؟ أو أنه قد تم اتخاذ قرار، أو أن هناك قرارا مضمرا، بالفعل، وفى صمت بأن لاشىء فوق المبيع؟

انتشرت الصور عن معبد الكرنك، الذى تحول الى دار مناسبات، أو قاعة أفراح ، لا تختلف فى النهاية عن تلك القاعات المتناثرة على كورنيش الإسكندرية، او تلك الواقعة فى أعالى بنايات الفنادق..صحيح انه بعدها بوقت، قرأنا أن قرارا أعلن، وتعليمات صدرت بعدم التكرار لمثل هذه الواقعة، الذى اقل ما توصف به، هو البذاءة إذا ما اتفقنا على أن الفعل البذىء، والقول البذىء، لا يقتصران فى تعريفهما، على الحيز الضيق لفكرة الأخلاق. لكن الأمر أعظم من أن يمر دون توقف. من هو المسئول الذى ائتمنه الناس على ذخيرتهم المعنوية، ومنها أو على رأسها آثار مصر، فأباح لواحد من أصحاب التسعة أصفار أن يحيي، ليلة من الليالى الملاح فى بهو أعرق معابد مصر؟.

بأى موطئ وقف «الدى جى» الذى صدح واهتزت معه اجساد المدعوين؟ وكيف تلقت أحجار المكان المقدس روائح الأكل، وأين تخلص المعازيم مما هضموه؟ ليلة الكرنك، حتى وإن قيل إنه تم التراجع عن إعادتها، أغرقت المصريين فى قلق ومرار مبعثهما، شعور عميق بأن تغليب المادى على المعنوي، لم يعد بمقدور أحد إيقافه، فصرنا نتعامل مع أى قيمة، بأسلوب القبائل الرحل فى الصحراء، العابرين الذين لا تربطهم أى وشائج ولا جذور بالمكان، ولا يكون لهم مآرب إلا تحقيق أقصى استفادة..

صار المعيار، كم تساوى القيمة وأى قدر من الأموال سوف تجلبه ولا يهم بعد ذلك أى شىء. الدول تستمد الطاقة والدافع من ذخيرتها المعنوية، وتجليات «ذخيرة مصر المعنوية»، درات التاج المصري، تكاد تفقد كل جلالها، بتسليعها وتقييمها بالفلوس، وليس ما جرى فى الكرنك، مع كل محاولات تمريره، هو المؤشر الوحيد، فالطريقة التى عوملت بها عمارات 26 يوليو، والتى تم دكها فى ساعات وجهاز التنسيق الحضاري، واقف بلا حول ولاقوة، والسجال الذى لا يتوقف حول القاهرة القديمة، كل ذلك دلالته فى منتهى الخطورة، أن كل شىء قابل للمبيع، وكل شىء يتم تقييمه بالفلوس.

وزيرة ثقافة فرنسا أخرجت من الوزارة تحت وطأة غضب الفرنسيين، لأنها قبل تولى الوزارة، كانت تملك واحدة من كبريات دور النشر فى العاصمة الفرنسية وفرع ادار اكت سود، مقرها فى الحى العتيق السان جيرمان او الحى السادس، بدون تصريح، قامت بتعديل معماري، داخلى محدود، اضافت من خلاله مساحة لا تتجاوز العشرين مترا (استراحة وقهوة للعاملين) .. مجرد مبنى عمره لا يتجاوز ثلاثمائة عام مست جدرانه الداخلية، أقيلت بسببه الوزيرة وشيعها الناس بلعنات وتظاهرات رفعت شعار هذا إرثي.. ولا أدرى ، ماذا سيكون الموقف لو أن مسئولا فى تلك البلاد، طلعت فى دماغه تأجير برج إيفل، لفرح واحد من اصحاب التسعة أصفار، أو كنيسة نوتردام لعيد ميلاد حفيد مليونير.. هل سمعتم عن فرح فى أكرة ببوليس اليونان أو برج بيزا، أو...

الدول تقوم على المخزون المعنوي، الذى لا يقيم بأى فلوس ولا تقدره أى قيمة مادية. الشعوب تستشهد لأجل هذا المخزون المعنوي.. فإن تم تسليع كل شىء، وأهدرت فكرة القيمة، فلِمَ نغضب حين يبيع أحدهم ذمته، او يتغاضى واحد عن شرفه؟ القيمة.. الشرف.. الذخيرة المعنوية ، بتعدد صورها لو دخلت المزاد، قل على اى شىء آخر السلام!.

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبيع المبيع



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon