بقلم : ماجدة الجندى
ليلة صدور الحكم بإلزام الحكومة أن تدفع الى أصحاب المعاشات ثمانين بالمائة من العلاوات الخمس الاخيرة، كانت الأستاذة الدكتورة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، ضيفة على الأستاذ عمرو أديب فى فقرة طويلة، متعلقة بأمور عديدة تخص أنواع المعاشات وغيره مما يدخل فى سياق الاختصاص.. فى نهاية الفقرة وجه الاستاذ عمرو اديب سؤاله المتوقع عما سوف تفعله وزارة التضامن الاجتماعى إزاء الحكم الصادر فى نفس اليوم.. الحقيقة أننى تعمدت الاقتراب بنظارتى من الشاشة علنى أستشف عبر ملامح السيدة الوزيرة «نوايا الحكومة الطيبة» وهى ترد على السؤال، بابتسامتها الودود والتى تلازمها طوال الوقت، إن شاء الله حانشوف ممكن نعمل ايه).. الحقيقة أنه رغم بشاشة وجه السيدة الوزيرة المعهود، لم يطمئن قلبي، ولو كنت مكان الاستاذ عمرو لاستمريت فى طرح السؤال، حتى يتبين لنا الخيط الابيض من الخيط الاسود!.
المهم لم يكد يمر سواد الليل حتى سارعت هيئة التأمينات الاجتماعية بإقامة دعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة، دائرة عابدين لوقف تنفيذ الحكم.. الحكومة أقامت دعوتها المستعجلة وهى تعلم تمام العلم، أنها دعوى فى غير النطاق القضائى المختص، وهى أيضا على يقين، من أن الحكم الصادر لمصلحة أصحاب المعاشات، حكم واجب النفاذ والتنفيذ، وكما شرح اكثر من قانونى متخصص الحكومة تطعن وهى تعلم أنها بالطعن تقوم بمخالفة دستور 2014.. يعنى هيئة التأمين والمعاشات تصرفت بنفس منطق الملاعيب التى تسعى لمجرد التعطيل و كسب الوقت وهو منطق نربأ أن يكون مسلكا يليق.. أحقية اصحاب المعاشات فى الثمانين بالمائة من العلاوات الخمس الأخيرة أمر يكاد يكون محسوما قانونا، ولولا أن المساحة المتاحة هنا تتسع للشروحات القانونية لأوردت التفاصيل.. وفى مواجهة استشكال الحكومة، رد اصحاب المعاشات باستشكال وقدموا للمحكمة ما يثبت عدم قانونية استشكال الحكومة، وسوف يتم الحكم فيه يوم 27 مايو المقبل .. اضافة الى ذلك هناك دعوى لأصحاب المعاشات امام مجلس الدولة لم يحكم فيها منذ ما يقرب من ست سنوات. الحقيقة أن مسلك الحكومة فى مواجهة أحقية أصحاب المعاشات، مسلك يضرب فكرة دولة القانون فى مقتل، كما شرح المتخصصون.. ليس فقط لمخالفته الدستورية، ولكن لأن الحكومة وهى تتقدم بدعواها المستعجلة لوقف التنفيذ كانت تعلم أنها رفعت دعواها أمام القضاء غير المختص، (محكمة الأمور المستعجلة أوقفت حكما للمحكمة الإدارية) وهو امر لا يجوز قانونا، و هى هنا شأنها شأن اى فرد، اى نفر، أخذ على عاتقه انه يدوخ خصما شريفا يسعى للحصول على حقه بالقانون..!.
الحقيقة أن الأمر موجع وربما مثير للخجل.. انت تتكلم عن القطاع الذى منح عمره وكده وصار خيل الحكومة الذى تطلق عليه رصاصا مباشرا.. أنت تتكلم عن حدود للكفاف لم تعد تكفى حتى للعيش الحاف، وعن أعمار بدلا من أن تلتقط الأنفاس، بعد عقود أقلها فوق الخمسة والستين، مازالت مضطرة ليس فقط أن تعول من لم يجد وظيفة من الأبناء والبنات، وأن تساعد فى تربية الأحفاد بل كانت فى مقدمة من دفع فاتورة الاصلاح.. انت تتكلم عن دخول شهرية لا تصل فى أغلبها الى مائة دولار! بعض الدخول لا يتجاوز ثلاثين دولارا على صاحبها أن يدفع للحكومة ثمن النور والمياه والدواء والخضار والمواصلات بالاسعار «الحرة»..! انت تتكلم عمن نزلوا بكراسى متحركة وعكاكيز وأحيانا فى سيارات إسعاف، ليسندوا بلدهم.
أنت تتكلم عمن كان طوال الوقت مصدقا وواثقا أن القانون هو السبيل لنيل ولو بعض من حقه، فإذا به فى مواجهة ما تتابعونه ولكم وصفه!.
نقلاً عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع