توقيت القاهرة المحلي 20:52:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيالات

  مصر اليوم -

خيالات

بقلم : بسمة عبد العزيز

 ما بين السقوط نومًا والصحيان التام، مرحلة وسطى، تلتحم فيها الحقيقة الملموسة بأشباح من صنع الخيال. برزخٌ تختلط داخله الأمور، ويعمى المرء عند ولوجه عن إدراك حاله بوضوح، مهما بذل مِن جهد؛ يعجز عن تصنيف ما يبصر ويسمع، وتغم عليه المشاعرُ والأحاسيس. تظهر الأشياءُ على غير المألوف؛ مضحكة أحيانًا، ومخيفة أو مثيرة للتوتر في أحيان أخرى، وربما صادمة، تشلّ الفكر والفعل معًا.

حين يكتمل الصحو وينتبه العقل ويستفيق، يغدو تمييز الحقائق البسيطة والمفاهيم، عملًا سهلًا لا يحتاج مَجهودًا مُضنيًا، ولا يتطلَّب مهاراتٍ مُتفوقة. يبدو المقعد مِقعدًا، والشجرةُ هي الشجرة، والحمار حمارًا، لا إبهام ولا تعقيد، ولا مشاعر ملتبسة تُعجِز صاحبُها عن استبصار المحيط.

ثمَّة أحداثٌ قد تدفع بنا لفرط غرابتها أو ربما لعظيم قسوتها، إلى منطقة مُشوشة، يكتنفها الغموض، نختبر حال اللايقين في كامل صَحوِنا ونبيت في حيرةٍ أمامها، رغم استفاقتنا الأكيدة وتيقُّظ وعينا.

على مدار الأشهر القليلة الفائتة، ينتابني شعور مُتفاقِم بأنني عالقةٌ في برزخ يحفه الالتباس وتحوطه الشكوك، محاصرة بين حلم مفزع يعلن نفسه واقعًا، وواقع لا تتحقق شروطه عقلانيةً. لا صحيان ينهي فزعَ الحلم الكئيب، ولا نوم يزيح عبثَ الواقع ويُسكِّن مَخاوفه. أدركت مؤخرًا أن الوقوع تحت وطأة هذا الشعور المؤرق بالغرابة، وذاك الستار الذي يرخي سدوله، فيضبب الرؤية ويحيلها إلى عالم عجائبيّ، لأمر شاع واستشرى. حال استبدت بكثيرين مِن المعارف والأصدقاء والصديقات، وأبت أن تبارحهم.

يقول صديق لم يزل بعد في سني الشباب؛ أنه متأكد أن ما يحدث مِن حوله حلمٌ سخيف، وأنه ينتظر أن يصحو مِنه، وتقول أخرى في منتصف العمر؛ لا يمكن أن تكون الوقائع التي نسمع عنها ونقرأ، حقيقة، بل هلوسات جماعية سرعان ما تنقضي. تتراوح النقاشات بين عناوين كبيرة وتفاصيل صغيرة؛ خطابات متناقضة في بنيتها بما لا يستسيغ العقل، احداث تحيط بها ملابسات مبهرة تفوق أقصى الأحلام طرافة وتطرفًا، أوضاع لم تكن في الحسبان، لا يمكن تصديقها ولا استيعابها.. هل نحلم أننا جدًا فقراءٌ، أم أن واقعنا حقًا فقير؟ هل من إنجازات فعلية لا تمسّنا؛ لا نراها ولا نشعر بها ولا بأدنى انعكاس من انعكاساتها، أم أن الحديث من نسج خيال معتل؟ هل فقدنا عقولنا أم أننا بالفعل في حلم مزعج طال وامتد؟

على ذكر الأحلام؛ حكت صديقة طفولة في اللقاء الذي جمعنا بعد غياب طويل، أنها تذكر حلمًا قديمًا ظل يراودها لفترة، تقود فيه دراجة كانت تشتهيها وترغب في اقتنائها. عرفت في مرات عدة أنها تحلم، كانت تحاول التشبث بالمقود بكل ما أوتيت من قوة وعزم، لعلها تصطحب الدراجة معها من الحلم إلى الحقيقة، وتصحو في فراشها وهي تتصور أن محاولتها نجحت، لكن الدراجة لم تكن أبدًا هناك. تذكرت حكايتها حين قرأت منذ أسابيع أن ثمة دراسات وأبحاث وتدريبات تصاغ، بل وتجارب تُجرى بنجاح، بهدف التحكم في الأحلام؛ في محتواها ومداها الزمني ومسارها. يعتمد الأمر على تنمية الإدراك وحساسية العقل، فمن النائمين مَن يدرك في لحظة من اللحظات، أنه نائم بالفعل، وأن ما يراه ليس إلا حلمًا.

الحقائق يمكن التعامل معها بصورة أو أخرى، والأحلام يمكن التحكم فيها، أما ما يقع في منتصف الطريق؛ بحيث يتعذر تناوله وقياسه على أية منظومة منطقية، فربما يحتاج منا إلى ابتكار جديد، يحفظ عقولنا من التشتت ويقينا فقدان البصيرة، وينتشلنا من مصيدة الحمق والجنون.

نقلا عن الشروق  القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيالات خيالات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
  مصر اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 11:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:30 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل
  مصر اليوم - جماعة الحوثي تعلن تنفيذ 3 هجمات على أهداف حيوية في إسرائيل

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:00 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

العلماء الروس يطورون طائرة مسيّرة لمراقبة حرائق الغابات

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 20:12 2024 الخميس ,15 آب / أغسطس

عمر كمال يوجه رسالة مؤثرة لأحمد رفعت

GMT 10:00 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

إصبع ذكي يعيد حاسة اللمس للاصابع المبتورة

GMT 23:53 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مصمم مغربي يطرح تشكيلة راقية من القفطان الربيعي لموسم 2016

GMT 05:09 2015 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

توثيق ازدهار ونهاية مؤسس "داعش" أبو مصعب الزرقاوي

GMT 21:24 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

5 مواقف فتحت النار على سهير رمزي بعد خلع الحجاب

GMT 05:22 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرة موضة تقدم نصائح لارتداء فساتين الصيف خلال الشتاء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon