توقيت القاهرة المحلي 11:23:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ولا عودة!!

  مصر اليوم -

ولا عودة

بقلم : سيلڤيا النقادى

 فى انتظار المغادرة وموعد الطائرة للإقلاع، جلست ممسكة بكتاب وزهرة.. وكانت شديدة الحذر والخوف على زهرتها من أن يصيبها أى تلف.. أما الكتاب فقد كان لكاتبته رانيا أبوزيد الصحفية المغتربة اللامعة ويحمل عنواناً «لا عودة»،No turning back.. هذا الكتاب الذى يحكى تراجيديا الحرب فى سوريا من خلال قصص درامية لأربعة من الشباب يروون المآسى التى تعرضوا لها أثناء محاولتهم الهروب عبر الحدود مع شيوخ ونساء وأطفال يسيرون وحدهم دون أهل أو أقرباء، منهم من لم يتعد السنوات الثلاث- كانت الدموع تسيل من عينيها وهى تقرأ وكأنها تعيش كل حالة وترى كل مشهد من هذه المشاهد الحزينة المفجعة.. ولكنها فجأة انتبهت إلى زهرتها ويبدو أنها سبحت بفكرها بعيداً عن الكتاب وتذكرت عندما قررت أن تدخل محل الزهور ببهو المطار تتأمل جمال عفوية الورود التى اختلطت روائحها الزكية تعلن حالة من الاتحاد بينها بالرغم من اختلاف ثقافة ومنشأ كل واحدة منها. ووسط عشرات بل مئات الأسماء التى تحملها كل زهرة وقعت عيناها على «الأوركيد» قرمزية اللون وهى تقف شامخة فى الإناء الذى يحمل نفس لونها.

قررت أن تشتريها وتصحبها معها بعد أن ودعها صاحب المحل بتوصيات عديدة تشرح كيفية الحفاظ عليها أثناء السفر ورعايتها فى موطن جديد له أجواؤه ومناخه وثقافته التى ربما قد تكون مختلفة عن الأجواء التى ترعرعت فيها واستمدت منها هذا الزهو والكبرياء!! لذا حملتها برقة شديدة وكلها أمل أن تصل بها إلى بر الأمان كما وعدت صاحبها الذى أكد لها أنها سوف تعبر بها محطات وبوابات إلكترونية وتفتيشية عديدة لن تراعى حساسية ورهافة الزهرة التى سوف تتعرض لمن يفتش ويلمس بعنف بين أوراقها.. ستجد من ينبش بين ساقها الممشوقة المغروسة فى الإناء لربما يجد ما تخفيه هذه الوديعة من مفرقعات أو خناجر

أو دبابيس!! ستجد من يوقفها ويعيد مرورها داخل أجهزة الأشعة لتكشف تفاصيل نسيجها وغير ذلك من إجراءات أمنية كثيرة!!

والآن جاء موعد المغادرة، وعدت الأمور بسلام واحتفظت زهرتها بشموخها وحلقت معها بين السماء والأرض فى انتظار الوصول.. على أرض الوطن احتضنتها.. خافت عليها من نظرات الاستغراب والمساءلة الماكرة عن دواعى هذا الوجود فأسرعت بجمع حقائبها تاركة زهرتها لدقائق معدودة وحدها لتعود تجدها ساقطة على الأرض عارية من أوراقها فاقدة ساقها.

بكت وصرخت فى وجوه الحضور وهى تلملم ما تبقى من أشلاء زهرتها المسكينة- رسول السلام- فى مشهد أعاد لها أشلاء ضحايا سوريا.. ضحايا الكتاب الذى تقرؤه.. نعم الضحايا الأبرياء الذين لقوا حتفهم نتيجة لفكر الجهل والكره.. الطمع والتعصب!! فما بالك بزهره تموت!.

استدارت وهمت للخروج حزينة ولكنها لوهله تذكرت المثل الصينى الذى يقول «إذا كان كل ما تملكه فى الحياة من نقود قرشين فاشتر بأحدهما خبزاً واشتر بالآخر زهرة!!».. فلسفة لا تعرف التفضيل بين غذاء الجسد وغذاء الروح!!

 نقلًا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولا عودة ولا عودة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon