بقلم : سيلڤيا النقادى
اكتب لى بحبك بالحروف يا ولد.. لا ترسل لى هذا الرسم، فرد قائلاً: «هذه لغتنا الجديدة نعبر بها عن مشاعرنا عندما نتصل من خلال رسائلنا الإلكترونية عبر الإنترنت.. هل تعلمين أن هناك ما يزيد على 6 بلايين (إيموجى) يتم تداولها يومياً من خلال 90٪ من مستخدمى الإنترنت على مستوى العالم.. هل تعلمين أن هذه الرسومات الصغيرة.. هذه اللغة الجديدة التى يطلق عليها (إيموجى) أصبحت تصنف كالفن؟!!.. وهل تعلمين أن فى عام 2016 فتح متحف الفن الحديث بمدينة نيويورك الأمريكية جناحاً لهذه الرسومات لتجلس بجانب أعمال بابلو بيكاسو وجاكسون بولوك؟!!».
كنت أعلم ما يتحدث عنه، ربما كنت فقط أفتقد الحروف التى تكوّن الكلمة المعبرة عن الحالة- أيا كان- هذه هى اللغة الجديدة التى تزحف عبر هواتفنا الذكية.. عبر شبكاتنا التواصلية الاجتماعية وغيرها من وسائل الاتصال التكنولوجى الحديث.. هى لغة ليست جديدة، بل هى لغة عرفتها الإنسانية قبل أن تعرف أى لغة كلامية أو كتابية أخرى.. ويبدو أنها تروق لنا فنعود مرة أخرى لاستخدامها.. نلغى لغة أجسادنا أو نضعها جانباً ونعبر بلغة جديدة يطلقون عليها «Emoticons».. بمعنى «أيقونات عاطفية»، نزجها بين كل كلمة وكلمة عبر رسائلنا معبرة وحاملة لفكرنا.. آرائنا.. «هزارنا» عواطفنا وحتى شجارنا.. لغة جديدة، جميلة الشكل واللون، تحمل أكثر من 2000 تعبير عاطفى، لكنه مترجم لما نريد أن نحمله للمتلقى من معنى.. فهذه أيقونة ترسل لك ابتسامة.. أو ضحكة، وأخرى تقول لك «أنا مكسوف» أو «متعجب»، وأخرى تقول لك أنت «شيطان» أو حتى «سافل».
هناك أيقونات تعبر لك عن الحب والغزل والقبلات، وهناك أخرى تقوم بدور اللغة، فبدلاً من أن نكتب «أنا مسافر» تجد أيقونة للسفر، وأخرى تقول «أنا بشتغل» أو «أنا تحت الشمسية بصطاد» على الكمبيوتر.. وغيرها من مئات التعبيرات.. كلها لطيفة لكنها خالية من لغة جسدك، المصدر الحقيقى الذى يعبر عن مشاعرك، والمصدر الحقيقى الذى يمكن من خلاله اكتشاف صدقك أو كذبك وشخصيتك الحقيقية.. هذا هو العلم الحديث الذكى الذى أدرك إيقاع الحياة السريع، وقلة وقتك فى هذا الإيقاع، وهوسك فى استخدام أدواته التكنولوجية الحديثة!!.. ولكنه أدرك أيضاً أنك مازلت إنساناً، وأن مشاعرك هى جزء منك، فقدم لك هذه الأيقونات العاطفية التى تقوم بدورك المهم الاجتماعى للاتصال والتواصل مع الآخرين، ففتح لك الباب الخالى من المشاعر الجافة، ليمنع عنك الحرج أحياناً فى المواجهة وجهاً لوجه دون أن تدرى أنه يحولك إلى آلة ميكانيكية إلكترونية خالية من النبض.
نجح العلم فى هدفه، وجرّ معه لغات عمرها آلاف السنوات، بعدد كلمات يتعدى آلاف الآلاف.. نجح العلم فى هدفه، وأبعد الكبار والشباب ومعهم الأطفال عن طبيعة وهوية لغتهم، وقتل الحرف والهمزة والفصلة والنقطة، وحل مكانها وجه الشمس الضاحك، والوردة.. نجح العلم وحوّل مشاعرنا إلى مشاعر آلية، مفتقدين الحبيب وهو يمسك الوردة ويقول: «أنا أحبك».
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع