بقلم - سيلڤيا النقادى
على مسرح أوبرا القاهرة وبعد أيام قليلة سوف يعرض باليه «الأرملة الطروب» الذى تحمل قصته الكوميدية الشهيرة معانى متضاربة حاول مؤلفها «فرانز ليهار» أن يصورها عندما عرضت هذه الأوبريت لأول مرة على مسرح أوبرا فيينا عام 1905.. فهل كان يقصد المؤلف أن يخفف من صرامة حياة الأرامل بعد وفاة أزواجهن أم كان يمنح أملاً لحياة جديدة ثانية قد تتاح لهؤلاء المنكوبات؟!
إن هذه القصة الفكاهية التى تحولت فيما بعد إلى مصدر لأحاديث وبهجة اللقاءات الاجتماعية والمحافل الصالونية وأيضاً الثقافية على مرت عقود طويلة يحمل عنوانها تأثيراً معنوياً طريفاً ومتفائلاً حتى وإن حاولت الأرامل المتحفظات الابتعاد عنه تجنباً للشبهات أو الخروج عن تقاليد وقيم المجتمع المفروضة عليهن.
والآن وبعد مرور أكثر من 113 عاماً من تأليف هذا العمل الكوميدى الساخر.. يلوح فى الأفق مرة ثانية مصطلح جديد يرتبط أيضاً بالأرامل ولكنه هذه المرة يأخذ منطعفاً آخر بعيداً عن هذه السخرية حيث يوضح أنها ليست هذه المرأة الضعيفة التى تحتاج إلى رفيق يأخذ بيدها ويساعدها على اجتياز مراحل الحياة بل هى أرملة قوية سوف تقود حياتها بنفسها تحمل هدفاً واضحاً.. محدداً.. تسلط كل طاقتها وعزيمتها من أجل تنفيذه وهو الانتقام.. الانتقام ممن قتل زوجها وشرد أطفالها لتصبح وحشاً قاسياً يعرف باسم الأرملة
السوداء.
و«الأرملة السوداء» لقب يطلق على العنكبوت الأسود السام، ولذا قد يمثل هذا المعنى الذى تم استخدامه لأول مرة من قبل الأرامل الشيشان اللاتى قتل أزواجهن أثناء عمليات الصراع الدموى مع روسيا من أجل استقلال شيشينا وكانت مذبحة مدرسة بسلان التى وقعت فى روسيا عام 2004 وراح ضحيتها 385 شخصاً وأكثر من 783 مصاباً مرتبطة باسم الأرامل السوداء، حيث شارك كثير
من الأرامل فى تنفيذ هذه العملية البشعة.. ولعلنا نتذكر أيضاً حادث تفجير المركز التجارى بكينيا الذى وقع منذ عدة سنوات وارتبط باسم «الأرملة البيضاء»، حيث اعتبرها البعض الرأس المدبر وراء الحادث.
إذن نحن أمام ظواهر جديدة من الإرهاب النسائى الذى يجتاح العالم ويتخذ أشكالاً كثيرة أخطرها هؤلاء النساء اللاتى يحولن أنفسهن إلى قنابل انتحارية انتقاماً لأزواجهن فى المقام الأول وهو الأمر الذى ربما لن يكون بعيداً عن نساء كثيرات فى المنطقة واللاتى ذقن أشد وأقسى وأبشع أنواع العنف والذل والمهانة جراء هذه الثورات وهذه المهازل من التدخلات الأجنبية والتى أدت إلى تشريد الملايين وقتلهم.
ماذا نتوقع من هؤلاء النسوة؟؟.. وماذا نتوقع من أبنائهن عندما يصبحون شباباً أو رجالاً؟؟ هل ستمر هذه القسوة التى تمت ممارستها عليهم وعليهن مرور الكرام؟؟ أم أننا سوف ننتظر قصص اوعمليات سوف تحمل أسماء جديدة؟.
والانتقام صفة ليست بغريبة عن المرأة.. التاريخ يذكر قصصاً وروايات عن ذلك، وهناك العديد من الثقافات التى يرتبط معها هذا الفكر أقربها ما نعرفه أحياناً عن المرأة الصعيدية. وصحيح أن أوجه التشابه تختلف كثيراً ولكننا لا نستطيع أن نغفل أننا سوف نرصد تحولات سيكولوجية لها مبرراتها وجذورها التى تجعلنا ربما فى يوم من الأيام نتوقع أفعالها!.
عن المصري اليوم الفاهريه