توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران: الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة

  مصر اليوم -

إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة

بقلم : أمير طاهري

تُشير الأنباء الواردة من إيران إلى أنه لن يكون هناك أدنى تغيير في الأسلوب الذي لطالما تصرفت تبعاً له. ويعني ذلك أن النظام الإيراني قرر أن يزدرد المذلة الأخيرة التي لحقت به جراء اغتيال زعيم جماعة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، وأن يمتنع عن السعي إلى «الانتقام العنيف»، كما كان يأمل الأكثر تطرفاً فيه.

الثلاثاء، داهمت مجموعة من «الحرس الثوري» معهد غوته الألماني في طهران، وأغلقته، رداً على إغلاق الحكومة الألمانية مركز دعاية إيراني في الجمهورية الفيدرالية. أما الخبر السيئ فهو نفسه أنه لن يكون هناك أي تغيير في الأسلوب الذي لطالما تصرفت به إيران.

وعليه، لن يكون الرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان بمثابة غورباتشوف الإيراني، كما كان يأمل الفصيل الموالي للولايات المتحدة داخل الزمرة الحاكمة.

ومن بين 18 رجلاً وامرأة واحدة اقترحها وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، المتحدث الحالي باسم الفصيل الموالي للولايات المتحدة، لتعيينهم أعضاءً في مجلس الوزراء، وافق «المرشد الأعلى» آية الله علي خامنئي على ثلاثة فقط.

كما أُجبر ظريف المتذمر، على الاستقالة من الوظيفة الرمزية غير التنفيذية، التي منحها له بزشكيان، بوصفه «مستشاراً استراتيجياً»، أياً كان ما يعنيه مثل هذا المنصب.

وبالمثل، لن يكون يزشكيان بمثابة دينغ شياوبينغ الإيراني، كما كان يأمل فصيل الواقعية السياسية داخل النظام. وبذلك، تظل إيران ملتزمة «بتصدير الثورة»، بدلاً عن القمصان والأحذية كما فعلت الصين في عهد شياوبينغ.

وجاءت المحصلة النهائية أن مجلس الوزراء الذي يرأسه بزشكيان، تهيمن عليه بشكل ساحق شخصيات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» وأجهزته الأمنية. ويرى بعض المراقبين أن هذا بمثابة تحضير لعصر ما بعد خامنئي، عندما تمسك الأجهزة العسكرية والأمنية بزمام الأمور.

والآن، ماذا سيفعل بزشكيان في السنوات الأربع المقبلة، مع افتراض أن فترة ولايته استمرت كل هذه المدة؟ تتمثل أحد الخيارات في اتباع الخط الذي حدده سلفه الراحل إبراهيم رئيسي. وعلى امتداد الألف يوم التي قضاها بمنصب الرئيس، كثيراً ما كان يتعرض رئيسي لانتقادات بوصفه نصف متعلم.

اليوم، وحينما أعيد النظر إلى الوراء، أجدني لا أتفق مع هذا الرأي. أعتقد أن رئيسي كان يملك نوعاً خاصاً من الذكاء، أو المكر إذا شئت. لقد أدرك أنه داخل نظام استبدادي لا يمكن أن يعني لقب الرئيس، تحت مظلته، المعنى نفسه الذي يعنيه داخل جمهورية حقيقية. وكان يدرك أنه عندما لا تستطيع فعل أي شيء، فإن أفضل رهان لك ألا تفعل شيئاً لكن ببراعة.

ولذلك، نجد أنه كان دوماً في حالة تنقل مستمر، فقد سافر إلى جميع محافظات البلاد البالغ عددها 31 محافظة، وأحياناً في أكثر من مناسبة، علاوة على ما لا يقل عن اثنتي عشرة دولة أجنبية. وفي المجمل، قضى رئيسي ما يقرب من ثلث ولايته في الذهاب إلى مكان ما، من دون الوصول إلى إنجاز أي شيء حقيقي. وتناقضت تحركات رئيسي مع صورة خامنئي، كونه شخصاً منعزلاً محصوراً داخل منطقة لا تتجاوز مساحتها الكيلومتر المربع الواحد، في العاصمة طهران.

كان أسلوب رئيسي ما يطلق عليه الفرنسيون «تزيين الفراغ». وكان رئيسي محظوظاً كذلك بتزامن فترة ولايته مع وجود جو بايدن في البيت الأبيض. فمن جهته، أحيا الرئيس الأميركي سياسة سلفه باراك أوباما في محاولة إقناع إيران بالدخول إلى الخيمة الدولية الكبيرة. لقد خفف بايدن مجموعة من العقوبات المفروضة على إيران، ما مكنها من مضاعفة دخلها من صادرات النفط خلال فترة الألف يوم التي قضاها رئيسي بالرئاسة.

والآن، هل يستطيع بزشكيان أن يحذو حذو رئيسي؟

هذا ما يأمل الكثير من المدافعين عن النظام أن يحدث، فهم يعتقدون أن مجرد التفكير في أي محاولة إصلاح كبيرة محفوف بالمخاطر، في وقت تلوح القضية الحاسمة المتمثلة في خلافة خامنئي في الأفق. وبمعنى ما، نجت إيران لمدة خمسة عقود تقريباً عبر العيش على أساس يومي، وإنفاق ما تحصل عليه من دخل من النفط على ضمان حد أدنى للبقاء في الداخل، وتوفير موارد كافية لإطعام وكلائها في الخارج.

وهناك مشكلة أخرى: بزشكيان ليس رئيسي، فقد اكتسب الرئيس الجديد لقب «باخمه»، والذي يعني، إذا حاولنا ترجمته برفق ولطف، «الكسول». ورغم أنه ليس أكبر سناً كثيراً من رئيسي، فإنه مفتقر إلى الطاقة التي تمتع بها سلفه.

الأهم من ذلك أن المشكلات التي جرى تجاهلها عبر رحلة رئيسي الرئاسية سترتد قريباً في وجه بزشكيان. وأولى هذه المشكلات بركان المعارضة الشعبية الذي ثار في عهد رئيسي، ويبدو أنه يستعر مرة أخرى وبصورة أشد خطورة.

وهناك شائعات، كي لا نجزم، عن ارتفاع مستوى السخط داخل المؤسسة العسكرية. ومن علامات ذلك غياب الزي الرسمي حول «المرشد الأعلى» في عدد من المناسبات العامة الأخيرة التي شارك بها. وربما أسهم قرار النظام الإيراني بتجاهل فكرة الانتقام لاغتيال هنية، في تأجيج هذا السخط، خصوصاً بين العناصر الأكثر تطرفاً في التحالف العسكري ـ الأمني.

ورغم المساعدة التي قدمتها إدارة بايدن، فإن الوضع الاقتصادي في إيران لا يزال مزرياً. ورغم تباطؤ التحرك نحو التضخم المفرط، فإنه لم يتوقف، بينما يخلق احتمال النمو السلبي في العامين المقبلين تحدياً أمام فريق بزشكيان الجديد. ويبدو أنه لا توجد آلية موثوقة لإدارة مسألة خلافة خامنئي، وفترة الانتقال الحتمية التي ستلي ذلك.

وأخيراً، يضيف احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، مستوى آخر من وضع معقد بالفعل في إيران.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة إيران الأخبار الطيبة والسيئة وجهان لعملة واحدة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon