بقلم-وليد خدوري
دعا وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح الدول النفطية إلى خفض إنتاجها بنحو مليون برميل يومياً في ظل تراجع الأسعار. وأكد أن المملكة العربية السعودية ستخفض صادراتها من النفط الخام 500 ألف برميل يومياً ابتداءً من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وأوضح أن المعلومات المتوافرة تدل أن الأسواق «بحاجة إلى خفض الإنتاج مليون برميل يومياً مقارنة بمستويات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لتحقيق التوازن في السوق العالمية».
وتدل المعلومات المتوافرة على أن الطلب على النفط بدأ ينخفض في عدد من الدول النامية الصناعية، نظراً إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، والخلافات التجارية بين الدول. وزاد إنتاج النفط خلال الفترة الماضية بقوة، وخصوصاً في الدول المنتجة الكبرى، أي السعودية والولايات المتحدة وروسيا، وذلك نتيجة وهن الحصار الأميركي على صادرات النفط الإيرانية، نظراً إلى الاستثناءات الواسعة التي مُنحت لكبرى الدول المستوردة للنفط الإيراني.
وعلى رغم انخفاض الإنتاج من فنزويلا ودول أخرى في منظمة «أوبك»، ارتفع الإنتاج العالمي في أكتوبر الماضي نحو 2.6 مليون برميل يومياً مقارنة بتشرين الأول 2017.
وحذر التقرير الشهري الأخير لأسواق النفط الذي تصدره «أوبك» من العودة إلى ارتفاع المخزون النفطي العالمي، كما حصل بين عامي 2014 و2016، وأدى إلى تدهور سعر «برنت» إلى أقل من 30 دولاراً للبرميل. وبدلاً من اتجاه الإمدادات إلى المصافي لتكرير النفط الخام، لم يتوفر الطلب اللازم للمنتجات البترولية، وتوجه النفط الخام إلى التخزين في اليابسة وفي الناقلات، ليرتفع المخزون التجاري إلى نحو 400 مليون برميل في تموز (يوليو) 2016. وحينها، قررت «أوبك» مع دول منتجة أخرى، أي مجموعة إعلان التعاون، في ديسمبر 2016 خفض الإنتاج إلى المستويات المعهودة، أي معدل المخزون خلال السنوات الخمس الماضية، وتحسنت الأسعار نتيجة الالتزام بالخفض.
وأضاف تقرير «أوبك» الشهري: «على رغم توازن أسواق النفط حالياً، إلا أن التوقعات لعام 2019 تشير إلى معدلات إنتاج مرتفعة للدول غير الأعضاء في «أوبك». وهذه الزيادات في الامدادات هي أعلى من توقعات زيادة الطلب على النفط، ما يدل على ارتفاع حجم الإمدادات الفائضة في الأسواق. ويزيد من مخاوف هذا الوضع تجربة تزايد الضغوط على الأسعار خلال الفترة الأخيرة.
ويدل تقرير منظمة «أوبك» على أن الطلب على النفط الخام سينخفض بمعدلات أكثر مما كان متوقعاً عام 2019. وهناك سببان لذلك، الأول تقلص النمو الاقتصادي العالمي، والثاني الزيادة الكبيرة في الإنتاج من الدول خارج «أوبك». ويؤكد تحليل المنظمة إلى اتخاذ تدابير رادعة لتوازن الأسواق عبر خفض الإنتاج قبل أن يفيض المخزون التجاري مجدداً. وتدل معلومات المنظمة على أن الطلب على نفط «أوبك» عام 2019 سيبلغ نحو حوالى 31.5 مليون برميل يومياً، أي أقل بنحو 1.4 مليون برميل يومياً من معدل الإنتاج الحالي. وتُظهر التوقعات أن إنتاج الولايات المتحدة سيتصدر زيادة الإنتاج من خارج «أوبك»، نتيجة ارتفاع إنتاج النفط الصخري إلى معدل قياسي بلغ نحو 11.4 مليون برميل يومياً.
يُذكر أن أسعار النفط انخفضت يومياً خلال الأسبوعين الماضيين، بسبب تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعية إلى زيادة الإنتاج، ما خلق حالاً من الفزع في الأسواق، فانخفض سعر «برنت» من نحو 86 دولاراً إلى أقل من 70 دولاراً. ورجحت الأسواق أن تكون هذه التغريدات دعوة صريحة إلى خفض الأسعار.
ودعت وكالة الطاقة الدولية، التي تعكس آراء الدول الصناعية الغربية، إلى الحذر من خفض الإنتاج، لأن ارتفاع الأسعار لا يزال ممكناً. وطالب المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول في مقابلة مع نشرة «بلاتس» النفطية اليومية، كلاً من السعودية وروسيا بالاستمرار في زيادة الإنتاج لأن «أسواق النفط لا تزال في مرحلة حرجة، وخصوصاً خلال الفترة المقبل». وأشار بيرول إلى أن معدل إنتاج النفط في فنزويلا في تدهور مستمر، وقد يصل إلى أقل من مليون برميل يومياً. وأكد انخفاض الإنتاج في ليبيا ونيجيريا وأنغولا، إلى جانب تراجع الصادرات الإيرانية، هذا وقت لا يزال فيه الطلب العالمي «قوياً».
وعبر وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك عن تحفظاته على خفض الإنتاج. وقال إن بلاده «تفضل الآن مراقبة كيف تتفاعل الأسواق»، ولا أريد أن أصب تركيزي على خفض الإنتاج فقط، فهدفنا استقرار السوق، لذلك علينا أن ننتظر لنرى كيف سيكون التفاعل». ويشكل التعاون والتنسيق السعودي - الروسي في مجال النفط منذ العام 2016 ودورهما في استقطاب مجموعتي «أوبك» والدول المنتجة الأخرى، الداعم الرئيس لإنقاذ الأسواق من انهيار الأسعار إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وتوازن العرض والطلب منذ حينه. ويرجح المراقبون أن الموقف الروسي الحالي هو أمر موقت، إذ يتوجب على الوزير الروسي مراجعة موضوع خفض الإنتاج مع كبرى الشركات العاملة في روسيا، ومناقشة خططها لتطوير الحقول الجديدة، أو مشاريع زيادة الإنتاج من الحقول المنتجة لعام 2019. وسيجتمع المجلس الوزاري لمنظمة «أوبك» في فيينا في 6 ديسمبر المقبل لمناقشة ملف زيادة الإنتاج والتصويت عليه عندئذ.
نقلا عن الحياة
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع