توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إغلاق المضائق البحريّة: سيناريوات

  مصر اليوم -

إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات

بقلم - وليد خدوري

من اللافت للنظر أنه على الرغم من الهجوم الحوثي على ناقلة سعودية بالقرب من مضيق باب المندب، وتهديد قاسم سليماني لأسطول البحرية الأميركية في البحر الأحمر، إضافة الى الخليج العربي، وإعلان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح أن بلاده لن تشحن النفط الخام قبل التأكد من سلامة الملاحة عبر مضيق باب المندب، لم تتحرك الأسواق والأسعار.

متابعة هذه الأخبار الحيوية المتتالية خلال الأيام الأخيرة، على رغم أهميتها، تراوح السعر بين 73 - 74 دولاراً لبرميل نفط «برنت»، وهذا أمر مهم نظراً الى التحديات الجيوسياسية العديدة لأمن الطاقة خلال هذه الفترة.

إن الاعتداء الذي وقع عند مضيق باب المندب، والذي أدى الى إيقاف السعودية شحناتها عبر المضيق الى حين التأكد من سلامة العبور خلاله، هو أمر أمني حيوي وواقعي وليس من تكهنات الأسواق. فقد طرح هذا الاعتداء ورد فعل الأسواق عليه أسئلة وتصورات عدة لسيناريوات متعددة، منها:

أولاً: إن الحادث شبيه بما حصل أخيراً من تهديدات مماثلة ما بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، التي وصلت الى درجة إطلاق كوريا الجنوبية صواريخ بالستية عبر اليابان، حليف الولايات المتحدة، ناهيك عن تهديدات بقصف الولايات المتحدة نفسها بقنابل نووية، وتهديدات أميركية مماثلة بحرب مدمرة لكوريا الشمالية عن بكرة أبيها. المفاجأة في اجتماع قمة للرئيسين الأميركي والكوري الشمالي في سنغافورة ومحادثات مستمرة لتوطيد العلاقات بين البلدين.

يعتمد هذا السيناريو على فرضية أن أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المفاوضات هو توجيه أقصى أنواع التهديد لخصمه، في انتظار قبول الخصم باقتراحات معتدلة ومقبولة خوفاً من تصعيد الأزمة لتصل الى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة. لقد أصبح هذا الأسلوب الديبلوماسي والتهديدي صفة معروفة للرئيس ترامب، ليس فقط مع الدول المعادية لبلاده، بل مع حلفائها أيضاً - الذين قبلوا على مضض هذا الأسلوب الديبلوماسي في تعامل حليفهم الأقوى معهم. المفاوضات التي جرت أخيراً في واشنطن ما بين الرئيس ترامب ووفد السوق الأوروبية المشتركة، سبقها قبل يوم من عقدها خطاب حاد لترامب حول تمسّكه بفرض التعريفة الجمركية على الحديد والألومنيوم الأوروبي المصدر إلى واشنطن، وكيف سيضغط على الأوروبيين للحصول على ما يريد. وتبين أثناء التصريحات الإعلامية بعد المفاوضات، أن ترامب قرر غض النظر عن اقتراحاته الجمركية تجاه أوروبا المثيرة للجدل، مقابل موافقة الأوروبيين على تشييد الموانئ اللازمة لاستيراد الغاز المسال الأميركي الذي ستزداد صادراته خلال العقد المقبل، بدلاً من استيراد مزيد من الغاز الروسي. الأمر الذي سيخلق أزمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من المحتمل، أن الأسواق النفطية أخذت في الاقتناع بعد مسلسل التهديدات ثم التفاوض من «موقع قوة»، بأن البيت الأبيض، بشخصية ترامب في العلاقات الدولية وطريقته، يلجأ الى هذا الأسلوب من التعامل. ولفت الإعلام الأميركي الانتباه قبل أيام من حادثة مضيق باب المندب، الى أن واشنطن بدأت تتكلم عن «اتفاق نووي جديد» مع إيران.

ثانياً، ضغط الرئيس ترامب في الآونة الأخيرة على منظمة «أوبك» لزيادة الإنتاج تحسباً للحصار النفطي الذي أعلن عنه ضد إيران، وذلك للتأكد من عدم حصول شحّ في الأسواق، ما قد يؤدي الى زيادة الأسعار.

وطالبت واشنطن بأن تبدأ زيادة الإنتاج منذ الآن، على رغم أن العقوبات ستبدأ في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقد بدأت الدول ذات الطاقة الإنتاجية الفائضة الزيادة فعلاً، على رغم قناعتها بأن هناك ما يكفي من الإمدادات في الوقت الحاضر، ولا داع للزيادة حالياً. من ثم، فإن توقف تصدير النفط الخام السعودي عبر مضيق باب المندب الى حين التأكد من سلامة مروره، لا يشكل نقصاً فادحاً في الأسواق ويمكن استيعاب هذا النقص خلال المرحلة الحالية التي لا تزال مستمرة فيها الصادرات الإيرانية. إذ يتم تصدير الغالبية الساحقة من صادرات النفط الخام السعودي عبر مضيق هرمز.

كذلك، هناك أنبوب النفط الشرقي - الغربي بطاقة 5 ملايين برميل يومياً، الذي ينقل النفط الخام من المنطقة الشرقية الى الغربية. ويستعمل بعض هذا النفط في التكرير المحلي، والبعض الآخر يصدّر الى الأسواق الأوروبية عبر قناة السويس أو خط سومد، وتصدّر كميات محدودة الى الأسواق الأميركية والأفريقية من خلال مضيق باب المندب (تتباين الأرقام وتتراوح ما بين 500 - 700 ألف برميل يومياً).

ثالثاً، في حال تزايد التهديدات وتصاعد العمليات العسكرية مع اقتراب موعد العقوبات، أكان ذلك ضد سفن الأسطول الأميركي، أو ضد الناقلات التي تحمل نفوط دول مجلس التعاون الخليجي، التي لها تفاهمات وضمانات ومعاهدات أمنية مع واشنطن، من المتوقع جداً في حينه زيادة أسعار النفط الى مستويات قياسية، وتحديداً لتفادي إيقاف أو تقليص العبور عبر مضيق هرمز أو باب المندب. وهنا، ممكن اللجوء الى خيارات عدة. استعمال المخزون النفطي في شرق آسيا والبحر الكاريبي وروتردام، لضمان توافر إمدادات كافية تؤمن استقرار الأسواق. لقد تم التحضير لهذه الإجراءات الاستثنائية خلال الهجمات الأميركية على العراق في التسعينات. وفوجئت الأسواق في حينه، وانخفضت الأسعار بدلاً من أن ترتفع. من الطبيعي، أن تختلف طبيعة ومدة العمليات العسكرية وأهدافها. فهناك اليوم شخصيات مسؤولة في البيت الأبيض تنادي بتغيير نظام الحكم في طهران. وعمليات عسكرية من هذا النوع لها اعتبارات مختلفة وتستغرق أوقاتاً أطول، إضافة الى حسابات وتحضيرات إضافية. لكن مهما كانت نوعية العمليات العسكرية المحتملة، فإن التخطيط لها، بناء على التجارب السابقة، يشير الى التحوط لها عبر توفير مخزون نفطي وافٍ خارج منطقة الخليج. يحمل هذا السيناريو، أخطاراً محتملة ومفاجآت عدة. وليس مستبعداً، بل من المتوقع تحريك الأوضاع في دول عربية مجاورة، لخلط الأوراق، حيث يوجد نفوذ للحرس الثوري وحلفائه على رغم عدم تأثير هذا المخطط على الدول المصدرة في شكل مباشر على الإمدادات، كما كان واضحاً خلال السنوات الماضية.

تكمن مفاجأة هذا السيناريو في تطور العمليات العسكرية ونتائجها من ناحية، وفي ردود فعل الأسواق عند استمرار توافر إمدادات وافية بفعل المخزون الاحتياطي.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon