توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إغلاق المضائق البحريّة: سيناريوات

  مصر اليوم -

إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات

بقلم - وليد خدوري

من اللافت للنظر أنه على الرغم من الهجوم الحوثي على ناقلة سعودية بالقرب من مضيق باب المندب، وتهديد قاسم سليماني لأسطول البحرية الأميركية في البحر الأحمر، إضافة الى الخليج العربي، وإعلان وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح أن بلاده لن تشحن النفط الخام قبل التأكد من سلامة الملاحة عبر مضيق باب المندب، لم تتحرك الأسواق والأسعار.

متابعة هذه الأخبار الحيوية المتتالية خلال الأيام الأخيرة، على رغم أهميتها، تراوح السعر بين 73 - 74 دولاراً لبرميل نفط «برنت»، وهذا أمر مهم نظراً الى التحديات الجيوسياسية العديدة لأمن الطاقة خلال هذه الفترة.

إن الاعتداء الذي وقع عند مضيق باب المندب، والذي أدى الى إيقاف السعودية شحناتها عبر المضيق الى حين التأكد من سلامة العبور خلاله، هو أمر أمني حيوي وواقعي وليس من تكهنات الأسواق. فقد طرح هذا الاعتداء ورد فعل الأسواق عليه أسئلة وتصورات عدة لسيناريوات متعددة، منها:

أولاً: إن الحادث شبيه بما حصل أخيراً من تهديدات مماثلة ما بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، التي وصلت الى درجة إطلاق كوريا الجنوبية صواريخ بالستية عبر اليابان، حليف الولايات المتحدة، ناهيك عن تهديدات بقصف الولايات المتحدة نفسها بقنابل نووية، وتهديدات أميركية مماثلة بحرب مدمرة لكوريا الشمالية عن بكرة أبيها. المفاجأة في اجتماع قمة للرئيسين الأميركي والكوري الشمالي في سنغافورة ومحادثات مستمرة لتوطيد العلاقات بين البلدين.

يعتمد هذا السيناريو على فرضية أن أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المفاوضات هو توجيه أقصى أنواع التهديد لخصمه، في انتظار قبول الخصم باقتراحات معتدلة ومقبولة خوفاً من تصعيد الأزمة لتصل الى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة. لقد أصبح هذا الأسلوب الديبلوماسي والتهديدي صفة معروفة للرئيس ترامب، ليس فقط مع الدول المعادية لبلاده، بل مع حلفائها أيضاً - الذين قبلوا على مضض هذا الأسلوب الديبلوماسي في تعامل حليفهم الأقوى معهم. المفاوضات التي جرت أخيراً في واشنطن ما بين الرئيس ترامب ووفد السوق الأوروبية المشتركة، سبقها قبل يوم من عقدها خطاب حاد لترامب حول تمسّكه بفرض التعريفة الجمركية على الحديد والألومنيوم الأوروبي المصدر إلى واشنطن، وكيف سيضغط على الأوروبيين للحصول على ما يريد. وتبين أثناء التصريحات الإعلامية بعد المفاوضات، أن ترامب قرر غض النظر عن اقتراحاته الجمركية تجاه أوروبا المثيرة للجدل، مقابل موافقة الأوروبيين على تشييد الموانئ اللازمة لاستيراد الغاز المسال الأميركي الذي ستزداد صادراته خلال العقد المقبل، بدلاً من استيراد مزيد من الغاز الروسي. الأمر الذي سيخلق أزمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من المحتمل، أن الأسواق النفطية أخذت في الاقتناع بعد مسلسل التهديدات ثم التفاوض من «موقع قوة»، بأن البيت الأبيض، بشخصية ترامب في العلاقات الدولية وطريقته، يلجأ الى هذا الأسلوب من التعامل. ولفت الإعلام الأميركي الانتباه قبل أيام من حادثة مضيق باب المندب، الى أن واشنطن بدأت تتكلم عن «اتفاق نووي جديد» مع إيران.

ثانياً، ضغط الرئيس ترامب في الآونة الأخيرة على منظمة «أوبك» لزيادة الإنتاج تحسباً للحصار النفطي الذي أعلن عنه ضد إيران، وذلك للتأكد من عدم حصول شحّ في الأسواق، ما قد يؤدي الى زيادة الأسعار.

وطالبت واشنطن بأن تبدأ زيادة الإنتاج منذ الآن، على رغم أن العقوبات ستبدأ في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقد بدأت الدول ذات الطاقة الإنتاجية الفائضة الزيادة فعلاً، على رغم قناعتها بأن هناك ما يكفي من الإمدادات في الوقت الحاضر، ولا داع للزيادة حالياً. من ثم، فإن توقف تصدير النفط الخام السعودي عبر مضيق باب المندب الى حين التأكد من سلامة مروره، لا يشكل نقصاً فادحاً في الأسواق ويمكن استيعاب هذا النقص خلال المرحلة الحالية التي لا تزال مستمرة فيها الصادرات الإيرانية. إذ يتم تصدير الغالبية الساحقة من صادرات النفط الخام السعودي عبر مضيق هرمز.

كذلك، هناك أنبوب النفط الشرقي - الغربي بطاقة 5 ملايين برميل يومياً، الذي ينقل النفط الخام من المنطقة الشرقية الى الغربية. ويستعمل بعض هذا النفط في التكرير المحلي، والبعض الآخر يصدّر الى الأسواق الأوروبية عبر قناة السويس أو خط سومد، وتصدّر كميات محدودة الى الأسواق الأميركية والأفريقية من خلال مضيق باب المندب (تتباين الأرقام وتتراوح ما بين 500 - 700 ألف برميل يومياً).

ثالثاً، في حال تزايد التهديدات وتصاعد العمليات العسكرية مع اقتراب موعد العقوبات، أكان ذلك ضد سفن الأسطول الأميركي، أو ضد الناقلات التي تحمل نفوط دول مجلس التعاون الخليجي، التي لها تفاهمات وضمانات ومعاهدات أمنية مع واشنطن، من المتوقع جداً في حينه زيادة أسعار النفط الى مستويات قياسية، وتحديداً لتفادي إيقاف أو تقليص العبور عبر مضيق هرمز أو باب المندب. وهنا، ممكن اللجوء الى خيارات عدة. استعمال المخزون النفطي في شرق آسيا والبحر الكاريبي وروتردام، لضمان توافر إمدادات كافية تؤمن استقرار الأسواق. لقد تم التحضير لهذه الإجراءات الاستثنائية خلال الهجمات الأميركية على العراق في التسعينات. وفوجئت الأسواق في حينه، وانخفضت الأسعار بدلاً من أن ترتفع. من الطبيعي، أن تختلف طبيعة ومدة العمليات العسكرية وأهدافها. فهناك اليوم شخصيات مسؤولة في البيت الأبيض تنادي بتغيير نظام الحكم في طهران. وعمليات عسكرية من هذا النوع لها اعتبارات مختلفة وتستغرق أوقاتاً أطول، إضافة الى حسابات وتحضيرات إضافية. لكن مهما كانت نوعية العمليات العسكرية المحتملة، فإن التخطيط لها، بناء على التجارب السابقة، يشير الى التحوط لها عبر توفير مخزون نفطي وافٍ خارج منطقة الخليج. يحمل هذا السيناريو، أخطاراً محتملة ومفاجآت عدة. وليس مستبعداً، بل من المتوقع تحريك الأوضاع في دول عربية مجاورة، لخلط الأوراق، حيث يوجد نفوذ للحرس الثوري وحلفائه على رغم عدم تأثير هذا المخطط على الدول المصدرة في شكل مباشر على الإمدادات، كما كان واضحاً خلال السنوات الماضية.

تكمن مفاجأة هذا السيناريو في تطور العمليات العسكرية ونتائجها من ناحية، وفي ردود فعل الأسواق عند استمرار توافر إمدادات وافية بفعل المخزون الاحتياطي.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات إغلاق المضائق البحريّة سيناريوات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon