توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صناعة غاز شرق المتوسط: تحديات جيوسياسية وصناعية

  مصر اليوم -

صناعة غاز شرق المتوسط تحديات جيوسياسية وصناعية

بقلم - وليد خدوري

تعد صناعة غاز شرق المتوسط، التي تبلغ العقدين من الزمن، أحدث قطاع بترولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ تمتد الصناعة البترولية الإقليمية في بعض الأحيان ما بين سبعة عقود إلى قرن من الزمن تقريباً.

تأخر انطلاق الصناعة البترولية في شرق المتوسط (الغازية منها بالذات) لسببين رئيسيين: توفر حقول الغاز في مياه عميقة تتطلب التقنية الحديثة للاستكشاف والإنتاج، من جهة، والنزاعات الإقليمية، بالذات الصراع العربي - الإسرائيلي، والاحتلال التركي للجزء الشمالي من الجمهورية القبرصية، وما تبع هذين الصراعين الإقليميين الرئيسيين من خلافات حدودية، مثل عدم رسم الحدود البحرية قبل البدء بالعمليات الاكتشافية، من جهة أخرى.

انطلقت صناعة غاز شرق المتوسط في بداية القرن الحادي والعشرين منذ إعلان «إدارة معلومات الطاقة» الأميركية عن توفر احتياطات غازية تجارية في شرق المتوسط «حوض ليفانت».

بدأ التنقيب عن الغاز في بادئ الأمر في المنطقة الاقتصادية الخالصة للمياه المصرية. واكتشفت شركة «إيني» الإيطالية حقل «زهر» في شهر أغسطس (آب) 2015، باحتياطي غازي مقداره 30 تريليون قدم مكعب، مما شكل أضخم حقل غازي في مصر وفي البحر الأبيض المتوسط.

وصفت شركة «إيني» أهمية اكتشاف الحقل العملاق في حينه، بالآتي:

«يستطيع حقل (زهر) تلبية الطلب الداخلي للغاز في مصر لعقود مقبلة. وفي نفس الوقت يمنح الفرصة لمصر لتشييد البنى التحتية لتصبح مركزاً إقليمياً مهماً لصناعة الغاز المسال، القطاع البترولي المتزايد الأهمية لتأمين إمدادات الطاقة. من ثم، من خلال هذا المشروع تستطيع مصر التأكيد على دورها الرئيسي ليس فقط لشركة (إيني)؛ إذ لعبت مصر دوراً استراتيجياً للشركة منذ تأسيسها، ولكن أيضاً لتأمين الإمدادات لصناعة الطاقة العالمية».

وبالفعل، تبوأت مصر بعد اكتشاف «زهر» المنزلة الأولى لاحتياطات الغاز في دول شرق المتوسط، وذلك بارتفاع مجمل احتياطيها الغازي في عام 2022 إلى 63.30 تريليون قدم مكعب.

سجلت إسرائيل المرتبة الثانية لإجمالي الاحتياطي الغازي في المجموعة بفارق كبير عن مصر، مسجلة 6.22 تريليون قدم مكعب. أما بقية دول شرق المتوسط، فاحتياطي كل منها هو أقل بكثير عن كل من مصر وإسرائيل.

تم تطوير حقل «زهر» في وقت قياسي؛ إذ بدأ الإنتاج في عام 2017 بعد سنتين من الاكتشاف.

بدأ ينخفض الإنتاج الغازي لشركة «إيني» في مصر لعام 2023، كما في الأعوام الثلاثة الماضية؛ إذ بدأ ينتج سنوياً حقل «زهر» ما بين 1.9 و2.1 مليار قدم مكعب يومياً. ومما يزيد من خطورة الأمر أن انخفاض المعدل السنوي لأضخم حقل غازي مصري يحدث هذا العام في نفس الوقت الذي لا يتوقع فيه ابتداء الإنتاج من حقل جديد.

كما يتوقع أن تواجه الصناعة الغازية الشرق متوسطية تحدياً آخر خلال الأشهر المقبلة، على ضوء نتائج «حرب غزة». فبحسب اتفاق أوسلو لعام 2015، تتولى السلطة الفلسطينية منح الامتيازات للشركات البترولية للاستكشاف والإنتاج من المنطقة الاقتصادية الخالصة لبحر غزة، في حين تتولى إسرائيل المسؤولية الأمنية. وبالفعل، بادرت السلطة الفلسطينية بمنح الامتياز لشركتين متخصصتين مصرية وفلسطينية لتطوير حقل «غزة مارين» الذي افتتحه في عام 1970 المرحوم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. لكن عطلت وماطلت الحكومات الإسرائيلية في تطوير الحقل، ففرضت الحصار البحري على قطاع غزة. كما طالبت باستقطاع حصة من الغاز المتجه إلى غزة لتسليمه لكونسورتيوم من الشركات الإسرائيلية لتزويد السوق الإسرائيلية.

ورغم أن احتياطي حقل «غزة مارين» محدود جداً؛ نحو 1.5 تريليون قدم مكعب، مما يمكن أن يزود الوقود الكافي لقطاع غزة لمدة عقد ونصف من الزمن؛ فقد صدرت شائعات عديدة مع بدء «معركة غزة» أنه السبب الرئيسي للحرب. وهذه شائعات غير صحيحة. فالحقل مكون من جزأين: «غزة مارين أ» في منتصف بحر غزة، و«غزة مارين ب» القريب جداً من المياه الإسرائيلية، وحقل «ماري ب» الإسرائيلي.

السؤال الآن: كيف سيتم تطوير الحقل في الظروف الجديدة بعد الحرب؟ وتحت مسؤولية من؟ وهل سيستمر العمل بالاتفاقات السابقة؟ وهل ستستمر إسرائيل في عراقيلها؟ وكيف؟

أخيراً، هناك سؤال يطرح نفسه على صناعة غاز شرق المتوسط: في ظل الاحتياطات المحدودة المكتشفة لحد الآن في المنطقة، هل ستعطى الأولوية للصادرات ومشاريعها الباهظة الثمن، أو ستعطى الأولوية في كل دولة للاستهلاك المحلي لتغذية محطات الكهرباء والمصانع، إلى جانب تشييد شبكة للطاقة الشمسية، للحفاظ على مستوى بيئي جيد؟

من الواضح أن اكتشاف الغاز في شرق المتوسط باحتياطات محدودة لحد الآن، يستوجب التفكير بالموضوع بشكل مختلف كلياً عن التفكير بالنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث الاحتياطات العملاقة وإمكانية الاستهلاك المحدودة نسبياً، ناهيك بضغوط شركات النفط العملاقة التي دعمت التصدير لزيادة أرباحها من جهة، وتلبية الطلب العالمي المتزايد سنوياً للنفط طوال القرن العشرين، من جهة أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة غاز شرق المتوسط تحديات جيوسياسية وصناعية صناعة غاز شرق المتوسط تحديات جيوسياسية وصناعية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon