توقيت القاهرة المحلي 21:14:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية

  مصر اليوم -

تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية

بقلم - وليد خدوري

 

تؤدي الحروب إلى ارتدادات سلبية على الاقتصادات الدولية. ورغم أن حرب غزة لا تزال مستمرة، دون معرفة رقعتها الجغرافية النهائية، أو طبعاً فترتها الزمنية، فقد بدأت تصدر الدراسات والتوقعات لبعض النتائج الاقتصادية للحرب، مبنيّة على تجارب الحروب السابقة وما أدت إليه.

من المتوقع أن تشكل إمدادات الطاقة اهتماماً عالمياً واسعاً لنتائج الحرب، ولو أن المعارك الحالية بعيدة عن حقول الخليج العملاقة أو إيران. فبالنسبة للأسواق العالمية، فإن نشوب حرب كبرى شرق أوسطية له انعكاسات بترولية، إما على حجم الصادرات وإما على سلسلة الإمدادات.

من هذا المنطلق، نشر معهد «بروكينغز» في واشنطن دراسة تفيد بأن «الطاقة هي القطاع الاقتصادي الأهم على المدى القصير؛ حيث كانت أسعار النفط عالية في بداية النزاع العسكري، وقد تؤدي التطورات العسكرية اللاحقة إلى فوضى في سلسلة الإمدادات، أو الانقطاعات، بالذات فيما إذا كانت الأزمة ستشمل إيران أم لا، أو إذا أدت إلى توقف الإنتاج في بعض الحقول العراقية».

تضيف الدراسة: «ارتفعت أسعار النفط حتى الآن نحو 5 دولارات عن معدلها في بداية الحرب»، هذا، مع العلم بأن أسعار النفط العالمية تراجعت في الأيام الأخيرة إلى مستواها عند نشوب الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) لنحو 87 دولاراً لبرميل نفط برنت. لكن يبدو -حتى كتابة المقال- أنه لم تطرأ انعكاسات كبرى على إمدادات النفط العالمية.

وحسب صندوق النقد العالمي، فإن أي صدمات نفطية ستترك آثارها على الاقتصاد العالمي عامة، بالذات في الدول النامية، كما هو الأمر في باكستان؛ حيث يواجه اقتصادها تحديات كبرى. وهناك احتمالات أيضاً أن تتأثر سلباً الإمدادات الغازية كما توقف الإنتاج الإجباري لحقل تمار الغازي الإسرائيلي، وأيضاً كما حصل لارتفاع أسعار الغاز الأوروبي. هذا، ومن الممكن جداً أن يؤدي استمرار وتوسع رقعة الحرب إلى انقطاعات إمدادات الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا، في ظل وضع طاقة أوروبي صعب بسبب حرب أوكرانيا، والعقوبات الأوروبية التي فرضت على الصادرات البترولية الروسية.

لا تقتصر التهديدات للإنتاج النفطي على ارتفاع أسعار النفط، أو انقطاعات في سلسلة الإمدادات؛ إذ تتوسع الانعكاسات على صلب الاقتصاد العالمي، مثل قيم العملات المحلية بالنسبة للدولار، واختلاف نسب الفوائد من دولة إلى أخرى، أو زيادة كلف الإنتاج لمنتوجات الصناعات المحلية. ذلك، نظراً إلى الأهمية الاستراتيجية للبترول في الاقتصاد العالمي، ودوره المحوري في المواصلات والإنتاج الصناعي والزراعي، ناهيك عن أهمية الوقود في تشغيل آليات الحرب.

ويؤثر الارتفاع السعري للنفط بدوره أيضاً على جهود البنوك المركزية حول العالم، للحد من ارتفاع معدلات التضخم. وهنا يتوقع صندوق النقد الدولي أن ازدياد أسعار النفط نحو 10 في المائة (إلى نحو 100 دولار للبرميل تقريباً) قد يؤدي بدوره إلى زيادة معدل التضخم العالمي نحو 0.4 نقاط مئوية.

كذلك، يزيد اشتداد الآثار الجيوسياسية المقلقة، من الشعور بالضائقة والمخاطر المالية، مما يزيد في الوقت نفسه من الضغوط لرفع سعر الدولار. وتؤثر هذه الصعوبات الاقتصادية على الدول والمواطنين من التحديات المالية التي تضغط بدورها على اقتصادات الدول المعتمدة على استيراد معظم بضائعها الاستهلاكية، منها الدول ذات الأسواق والاقتصادات النامية التي تعاني مسبقاً من أعباء الديون الخارجية، بالإضافة إلى الأسواق المالية الضعيفة، أو تلك ذات القلاقل السياسية الداخلية، والاعتداءات الإرهابية، الأمر الذي يضعف إمكانية حصولها على ثقة ومساعدة الأسواق المالية، ومن ثم يتدهور اقتصادها المنهار أصلاً إصلاحه في هذه الظروف تحت هذه الصعاب الداخلية والخارجية، مما يزيد من الأعباء على هذه الدول أثناء الحروب، لترميم اقتصادها وإيجاد الحلول المناسبة لمواطنيها. وعلى سبيل المثال الدول العربية: اليمن، وسوريا، وليبيا، ولبنان والعراق.

تدل التجارب العالمية في حالات الضائقات المالية والحروب (بالذات في السنوات والعقود الأخيرة)، على ازدياد شعور الإحباط عند المواطنين في هذه الدول، وتوجههم إما للانتماء للأحزاب اليمينية المتطرفة، ناهيك عن تبني الحكومات سياسات شعوبية أو غامضة للفت نظر شعوبها عن المخاطر الحقيقية التي تحيط بالبلاد، وإما لجوء الملايين من السكان للهجرة إلى الدول البعيدة أو المجاورة، لأجل كسب لقمة عيش كريمة لعائلاتهم و/ أو سلامة عائلاتهم وتأمين مستقبل أولادهم. وقد أخذت هذه الهجرات المليونية تزيد من المشكلات الداخلية في بعض البلدان المستقبلة لهم، إما لعدم إمكانها استيعابهم في سوق العمل المحلية، وإما للنزاعات القومية والدينية التي تثيرها ما بين مواطنيها والمهاجرين. ومن غير المستبعد أن تثير الحرب هذه، كسابقتها من الحروب، هجرة واسعة، إقليمية أو عالمية الاتجاه، اعتماداً على الأوضاع المعيشية والصحية المتردية من ناحية، ومدى ترحيب دول الاستقبال لهجرات ضخمة جديدة أم لا، وما مدى تأثير هذه الهجرة على ردود الفعل المحلية عليها في وسط موجة متزايدة من الغضب والتزمت لشعوب الدول المستقبلة للهجرات السابقة. وتشير حرب غزة أيضاً إلى سياسات جديدة/ قديمة من «التهجير العرقي» لمواطنين ورثوا بلادهم عن آبائهم وأجدادهم.

التهجير الحالي للفلسطينيين من غزة هو استمرار لنكبات التهجير في عامي 1948 و1967. وما تهجير الأرمن مؤخراً من كاراباخ إلا تهجير عرقي آخر لشعب سكن أرضه هذه منذ آلاف السنوات.

وحافظت الأسواق المالية على هدوئها خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الحرب، رغم الانخفاض البسيط في قيم الأسهم العالمية، والفروقات الصغيرة نسبياً في الفوائد. لكن تكمن المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم، ومعها أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، في حال استمرار الحرب لفترة أطول، وامتدادها لساحات أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية تبعات حرب غزة على الاقتصادات العالمية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 20:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين
  مصر اليوم - مصر تؤكد على دعم سوريا وأهمية حماية المدنيين

GMT 16:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق
  مصر اليوم - إياد نصار يُشوق متابعيه لفيلمه الجديد ويُعلِّق

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة

GMT 00:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

عمرو جمال يقترب من الانضمام لـ«بيراميدز»

GMT 11:47 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

شوبير يهاجم الكاف بسبب ملعب مباراة الأهلي وسونيديب

GMT 10:53 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

الكاف يبحث مقترحا جديدا بشأن مباراتي الزمالك وبطل تشاد

GMT 04:30 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

الزمالك يدرس بيع فرجاني ساسي ومحمود علاء

GMT 18:16 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

رينيه فايلر يرفض إراحة لاعبي الأهلي عقب لقاء المقاصة

GMT 04:01 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

Brabus تستعرض أسرع سيارات مرسيدس من الفئة "G"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon