توقيت القاهرة المحلي 07:14:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات

  مصر اليوم -

دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات

بقلم - وليد خدوري

يطرح دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات بحلول منتصف القرن، سؤالاً مهماً لخبراء الطاقة والاقتصاد العرب، نظراً للآثار المترتبة على هذا التحول التاريخي في مجال الطاقة من جهة، وللاعتماد الواسع من الاقتصادات العربية على الصادرات الهيدروكربونية من جهة أخرى؛ لريعها الضخم في الاقتصاد العربي.
إن مسألة الاعتماد الواسع على الريع البترولي في ردف الاقتصاد العربي ومحاذره ليست بالقضية الجديدة، فقد عالج الأمر عدد من الاقتصاديين العرب منذ منتصف القرن العشرين، وكان الجواب غالباً: ضرورة تعدد القطاعات الاقتصادية الإنتاجية لتفادي فترات انهيار الأسعار لتصدير سلعة واحدة.
بادر خبراء الطاقة العرب، منذ منتصف العقد الماضي، إلى طرح الموضوع من زاوية أخرى: ما دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات، هذه السياسة التي ترمي إلى تهميش استهلاك الوقود الأحفوري بحلول عام 2050.
شارك «منتدى الطاقة العربي»، خلال السنوات الماضية، في هذا النقاش، وخصوصاً خلال مؤتمره السنوي الأخير في 2022 في الكويت، حيث تداول عدد من الباحثين في الموضوع، منهم الدكتور عدنان شهاب الدين، خبير الطاقة العربي، الذي اعتمد على جداول إحصائية ورسوم بيانية في مداخلاته لتبيان توقعات المؤسسات البحثية العالمية حول مدى استهلاك النفط، خلال النصف الثاني من هذا القرن، كما طرح بعض الخيارات والبدائل المتاحة للدول النفطية مستقبلاً. وسنستعرض هنا باختصار بعض مداخلاته.
تدل التطورات العالمية على أن «مرحلة تحول الطاقة» بدأت فعلاً، متمثلة بالآتي: ازدياد أهمية سياسات مكافحة تغير المناخ، والعمل على تحسين البيئة، وعودة الاهتمام الدولي بسياسات «أمن الطاقة»، إثر نشوب حرب أوكرانيا.
تهدف «مرحلة تحول الطاقة» إلى استعمال سياسات طاقوية تخفض من الاحتباس الحراري، لكي يستطيع العالم تحقيق تصفير الانبعاثات بحلول 2050، والحد من زيادة معدل درجة الحرارة عن 1.5 درجة مئوية سنوياً.
واجهت هذه الأهداف صعوبات في تحقيقها؛ نظراً للانهماك في إصابات «كوفيد-19» والغزو الروسي لأوكرانيا. وواجهت سلع الطاقات المستدامة تحديات لعدم توفر الإمدادات الوافية من المعادن النادرة والاضطرابات في سلسلة الإمدادات، كما أدى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى بروز كساد تضخمي عالمي.
لكنْ شكلت بعض قرارات مؤتمر «كوب-27» في شرم الشيخ نقلة مهمة في مفاوضات المناخ، إذ جرى الإقرار مبدئياً بتعويض الدول النامية المتضررة من نكبات تقلبات المناخ، على أن تجري مناقشة وإقرار تفاصيل هذه السياسة في مؤتمر «كوب-28» في الإمارات، خلال خريف 2023، كما جرت الموافقة على قبول الإمدادات والتقنيات ذات الانبعاثات المنخفضة مستقبلاً.
واستعرض الدكتور عدنان الدراسات الاستشرافية والإحصائية للمنظمات البحثية (أوبك، ووكالة الطاقة الدولية، وغيرهما) حول معالم الطاقة المستقبلية لعام 2045، فمن اللافت للنظر التباين في التوقعات المستقبلية. ويُعزى السبب في الخلافات إلى الفرضيات المستعملة: تجارب النمو الاقتصادي الماضية، والسياسات المناخية المتعددة، وأداء تقنيات الطاقة المستدامة، والاستثمارات المتوقعة في بدائل الطاقة.
وهناك توقعات مشتركة بأن الطلب على النفط سيستمر مرتفعاً حتى عام 2045، كما تدل التوقعات المستقبلية على أن نسبة النفط من سلة الطاقة في عام 2045 ستكون بحدود 80 %، مما يعني أنه من الصعب جداً، إن لم يكن من المستحيل، تهميش دور النفط في عام 2050. ومن الجدير بالذكر أن غالبية استهلاك النفط في العالم تتجه الآن إلى القارات الثلاث (آسيا، وأفريقيا، وأميركا اللاتينية) التي يتوقع استمرارها في استعمال الوقود الهيدروكربوني بعد 2050؛ إذ إن معظم هذه الدول لا تزال بعيدة أشواطاً عن تشريع قوانين «تحول الطاقة».
كما تدل الإحصاءات على أنه من الأرجح وصول الطلب على النفط إلى ذروته لنحو 105 ملايين برميل يومياً، خلال النصف الثاني من هذا العقد، على أن يستقر لعدد من السنوات، ثم يبدأ بعدها الانخفاض تدريجياً ليصل إلى مستوى تتفاوت التقديرات بشأنه من 20 إلى 60 مليون برميل يومياً سنة 2050.
وعلى ضوء تباين الطلب على النفط في 2050، اقترح الدكتور عدنان على دول الاحتياطات النفطية الضخمة تبنّي إصلاحات اقتصادية جذرية لتحرير اقتصادها من الاعتماد الواسع على النفط. تشمل السياسات أن تتكون سلة الطاقة المستقبلية من مزيج من الطاقات الأولية النظيفة المنخفضة الانبعاث، فمن الخطأ الاتكال على مصدر طاقة نظيفة واحد فقط، كما تصر مجموعات الخضر الأوروبية؛ إذ إن البديل الناجح هو استغلال جميع التقنيات الواعدة التي تتصف بالحياد الكربوني، لغرض الوصول إلى صافٍ صفري للانبعاثات، من خلال الاعتماد بشكل متزايد على مزيج من مصادر الطاقة النظيفة كافة، إذ بإمكان الدول النفطية المنتِجة الكبيرة إطالة أمد إنتاج وتصدير نفوطها من المكامن التي ما زالت تحتوي على احتياطيات ضخمة، حتى في ظل سياسة تصفير الانبعاثات، وذلك بالمشاركة الفعالة في تطوير تقنيات إزالة الكربون من الوقود الأحفوري أو من الهواء مباشرة، ونشر استخدامها على نطاق واسع. كذلك إنتاج الهيدروجين الأزرق المصنَّع من الغاز الطبيعي أو من مواد هيدروكربونية أخرى.
كما أن هناك مجالاً لتتحول الدول النفطية الضخمة إلى مركز عالمي لصناعة احتجاز الكربون وتخزينه، وهناك مجال ودور واسع لدول مجلس التعاون الخليجي في تحول الطاقة هذا، والحصول على القيمة المضافة الإجمالية للدول الخليجية بالمشاركة في تطوير تقنيات الصناعة الجديدة وتوطينها في أراضيها، حيث ستوفر فرص عمل جديدة، وهناك أيضاً إمكانية الاستفادة من التعاون مع الدول الكبرى التي خصصت مبالغ ضخمة للاستثمار في صناعة اقتصاد وتدوير الكربون، مثل الصين والولايات المتحدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات دور النفط في ظل سياسة تصفير الانبعاثات



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon