توقيت القاهرة المحلي 07:44:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليوان في أسواق النفط

  مصر اليوم -

اليوان في أسواق النفط

بقلم: وليد خدوري

ساهمت زيارة الرئيس الصيني شي جينييغ إلى السعودية الشهر الماضي واجتماعاته في الرياض مع قادة ثلاث قمم: «السعودية، وأقطار مجلس التعاون الخليجي، والأقطار العربية»؛ حيث وقعت اتفاقات ثنائية شملت الطاقة، والبنى التحتية، والتمويل، والتعليم والتكنولوجيا. واتفقت السعودية والصين على تحويل علاقاتهما الثنائية إلى «شراكة تعاونية شاملة»، على خطى الإمارات وإيران ومصر والجزائر. وقررتا عقد اجتماعات بين قادة الدولتين مرة كل سنتين، مما يفتح المجال لتوطيد العلاقات مستقبلاً. كما أعربت السعودية عن اهتمامها الكبير بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، و«مواءمتها» مع خطط «رؤية السعودية 2030».

نشرت صحيفة «الفايننشال تايمز» الأسبوع الماضي مقالاً حول دفع ثمن النفط بالدولار وعلاقته بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الصورة في سنة 2023 باتت مختلفة، «حيث إن نظام طاقة عالمي جديد ما بين الصين والشرق الأوسط بدأ يأخذ شكلاً جديداً»، وأخذ يعرف نظام الطاقة الجديد بما يسمى «ولادة البترويوان»، بمعنى أن الصين تريد إعادة صياغة سوق الطاقة العالمي كجزء من محاولة أوسع لتقليص دور الدولار في مجموعة «بريك» (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين)... ودول أخرى تأثرت بتسييس الدولار كجزء من احتياطاتهم المالية جراء غزو روسيا لأوكرانيا. يعني هذا عملياً أنه ستكون هناك زيادة في استعمال العملة الصينية في التجارة العالمية للنفط. فقد أعلن الرئيس الصيني أن بلاده لن تزيد فقط استيرادها من النفط، بل ستعمل أيضاً لزيادة «جميع أنواع التعاون في مجالات الطاقة». وهذا قد يعني، مثلاً، الاستكشاف والإنتاج المشترك في مناطق جديدة، كبحر جنوب الصين، بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مصافي التكرير والمصانع الكيميائية والبلاستيكية.
وبالفعل، نجد أن بعض هذه الاستثمارات المشتركة في قطاعات التكرير والبتروكيماويات قد أصبحت قائمة بالفعل بالذات مع الشركات السعودية الكبرى، بالإضافة إلى شركات بترولية خليجية أخرى. وتأمل الصين أن استثماراتها في هذه المشاريع سيتم تسديدها بالعملة الصينية «ريمينبي»، الذي سيتم التعامل بها في بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي، بحلول عام 2025.
ستترك هذه السياسة بصماتها على تجارة الطاقة العالمية، إذ إن روسيا وإيران وفنزويلا تشكل بمجموعها نحو 40 في المائة من احتياطي مجموعة «أوبك بلس»، كما أنها جميعاً تُصدّر النفط للصين بحسومات. هذا، بينما يشكل احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي 40 في المائة أيضاً للاحتياطي النفطي لمجموعة «أوبك بلس»، فيما تشكل الدول الأخرى الـ20 في المائة من الاحتياطي المتبقي، وهو يكمن في دول ذات علاقات جيدة مع روسيا والصين.
إن التنافس بين الدول الكبرى حول النفط ليس بالشيء الجديد، فقد ترافقت الصراعات الجيوسياسية تاريخ الصناعة النفطية طوال القرن العشرين. لكن الجديد في الأمر الآن، هو محاولات بعض الدول الكبرى تهميش الصناعة النفطية بحجة مكافحة تغير المناخ من جهة واستعمال «سلاح» النفط في حرب أوكرانيا بقرارات الحظر والمقاطعة ووضع سقف سعري لأسعار الصادرات النفطية الروسية من جهة أخرى.
من ثم، نحن في مرحلة جديدة من تاريخ الصناعة النفطية: التشريعات لتهميش الصناعة من ناحية، ومحاولة الضغط على الدول النفطية لاتخاذ مواقف جيواستراتيجية في النزاع الكوني للدول الكبرى، دون الأخذ بنظر الاعتبار المصالح الأمنية والاستراتيجية للدول النفطية، أكان ذلك في ردع محاولات تهديد المصالح الأمنية لهذه الدول، أو الضغط عليها لكي لا تتخذ قرارات اقتصادية - نفطية تعكس مصالحها وتساعد على تطوير صناعاتها البترولية وأسواقها الدولية.
لذا، بدأت الدول النفطية تتخذ مواقف متوازنة ما بين النزاعات القائمة، التي لا علاقة مباشرة لها بها، كما التي لا توفر نهجاً واضحاً للتعامل مع مصالحها الأمنية والاقتصادية.
وفي ضوء التجارب الحالية، من المتوقع استمرار سياسة التوازن ما بين الدول الكبرى في المستقبل المنظور. وبما أن الصين من أكبر الدول المستهلكة والمستوردة للطاقة في الوقت الحاضر، فمن الضروري أخذ هذه المعطيات بنظر الاعتبار عند رسم سياسات الدول المصدرة للنفط، ومن أهم هذه المعطيات أننا في «عالم متعدد الأقطاب».
وبالفعل، لقد تطورت علاقات الصين مع الدول النفطية العربية منذ عقود، بحيث أصبحت أغلبية الصادرات النفطية الخليجية منذ عقد التسعينات تتجه إلى شرق آسيا، وبالذات الصين، كما أن هناك شركات صينية عاملة في جميع الدول النفطية العربية. وتشير دراسة لمركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى أنه قد توسعت تجارة الصين للسلع والخدمات والتكنولوجيا والدفاع مع الدول العربية. وتعتبر السعودية في صلب هذه التوجهات، حيث فاقت قيمة التجارة ما بين الصين والسعودية 80 مليار دولار في عام 2021، وبلغت قيمة الاستيرادات الصينية من النفط السعودي في عام 2021 نحو 44 مليار دولار، ما يمثل حوالي 77 في المائة من إجمالي واردات الصين من السلع السعودية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوان في أسواق النفط اليوان في أسواق النفط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon