توقيت القاهرة المحلي 20:29:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دور النفط في سلة الطاقات الهجينة

  مصر اليوم -

دور النفط في سلة الطاقات الهجينة

بقلم: وليد خدوري

ترك عام 2022 بصماته الواضحة على أهمية النفط والغاز في سلة الطاقات الهجينة المزمع التوصل إليها في عام 2050.
وبدأت المحاولات الجدية لتهميش البترول في سلة الطاقة لعام 2050، مع أهمية هذا الهدف البيئي الذي وافقت عليه الأغلبية الساحقة من دول العالم في مؤتمر باريس لمكافحة تغير المناخ 2015، ونشرت خريطة الطريق له وكالة الطاقة الدولية في 2021.
وحاول تقرير الوكالة في سيناريوهاته المتعددة التغاضي وتهميش دور البترول بعد 2050. واستهجن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، التقرير في حينه، كما عارض معظم وزراء «أوبك» التقرير؛ لعدم واقعيته بالنسبة لحقائق الطاقة، حيث تشكل الإمدادات البترولية حالياً نحو 85 في المائة من سلة الطاقة، مقارنة بنحو 6 في المائة للطاقات المستدامة. وتشير التوقعات إلى صعوبات تغيير هذه النسب كثيراً بين الآن ومنتصف القرن، من ثم صعوبة إحلال البدائل محل البترول بمنتصف القرن أو خلال العقود القريبة المقبلة.
وبدأت الاضطرابات في أسواق الطاقة في خريف 2021، حيث البرد القارس في أوروبا وشرق آسيا. صاحب الصقيع هذا انخفاض المخزون الغازي وعدم توافر إمدادات غازية إضافية. والسبب هو أن الشركات العالمية ملزمة بتشريعات دولها الصناعية لتقليص الاستثمار في تطوير الحقول الهيدروكربونية والتخزين العالي للبترول. كما أنه لا تتوافر لصناعة الغاز المسال المرونة المتوافرة لصناعة النفط في الحفاظ على طاقات إنتاجية إضافية. وواجهت شركات الكهرباء صعوبة في التحول إلى استعمال الفحم بدلاً من الغاز؛ إذ قد تم إغلاق الكثير من مناجم الفحم لأسباب بيئية أيضا. ومن ثم لجأت الشركات لاستعمال الفيول أويل (غاز الوقود) لتوليد الكهرباء. الأمر الذي بدأ مسلسل زيادة أسعار النفط والغاز وفواتير الكهرباء الحالية عالمياً. أتت التطورات الكونية (الجائحة، وحرب أوكرانيا وآثارها الجيوستراتيجية) لتبرهن صعوبة التحول من الطاقة الهيدروكربونية إلى الهجينة بالسرعة المراد لها، بالذات للحظر والعقوبات الذين تم فرضهما على موسكو لمعاقبتها اقتصادياً.
نتج من هذه الأحداث تطورات مهمة على صعيد الطاقة، منها أهمية الإسراع في تشييد الطاقات المستدامة (الرياح والشمسية)، لكن تبين أيضاً صعوبة الاعتماد الواسع على هاتين الطاقتين المستدامتين؛ نظراً لتأثير التقلبات المناخية والجوية في تزويد الطاقة اللازمة دون انقطاعات، ناهيك عن الحاجة الملحة إلى زيادة قدرتهما التخزينية للطاقة التي لا تزال محدودة نسبياً.
واستفادت الصناعة البترولية خلال هذه المرحلة من إنتاج إمدادات ذات انبعاثات محدودة، كالهيدروجين (وقود المستقبل)، والأمونيا، وتدوير صناعة اقتصاد الكربون. لا تزال هذه الصناعات في مراحل التطوير وذات تكاليف باهظة الثمن، إلا أن بداية انتشارها في العديد من الدول البترولية هو دليل على إمكانية استعمال النفط بطرق مختلفة ومتعددة.
كما وجدت صناعة الغاز فرصاً جديدة لها أيضاً، رغم الحظر الأوروبي للغاز الروسي. فأوروبا، بالذات الأقطار الأوروبية الشمالية (ألمانيا وهولندا والنمسا) التي كانت تستورد الغاز الروسي بالأنابيب، أخذت في التفاوض مع دول مصدرة كبرى للغاز (قطر، والولايات المتحدة، والجزائر وغيرهم) لاستيراد الغاز المسال وتشييد البنى التحتية المترتبة على هذا الاستيراد، كما أن هناك ضرورة للتوقيع على اتفاقات تمتد نحو عقدين من الزمن؛ مما يعني ضرورة استعمال الغاز المسال حتى منتصف القرن على الأقل. وفي الوقت نفسه، لقد تبين للأقطار الأوروبية ضرورة استعمال الغاز (المنخفض الانبعاثات) إلى جانب الطاقات المستدامة؛ نظراً إلى حاجتهم الماسة في توليد طاقة كهربائية واسعة للمصانع والمنازل.
ونجد أن الصناعة البترولية المنتشرة عالمياً في موقع تفضيلي لتقديم خبراتها في الطاقة، وإمكاناتها في تزويد الخبرات الفنية العالية، وتجيير منشآتها من أنابيب وخزانات لاستعمال الوقود الجديد الناتج عن البترول.
هذا، ومن الضروري الإشارة إلى الجوانب الواقعية والبراغماتية في تحول الطاقة. إذ إن معظم الدول في القارات الثلاث، آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، ذات مئات الملايين من البشر، لم تبدأ بعد في تشريع القوانين اللازمة لتحول الطاقة. والأنكى من ذلك، أن هناك أعداداً متزايدة من هذه الدول، بالذات الأقطار الشرق أوسطية منها، التي تدهور فيها قطاع الطاقة، بحيث توقفت فيها إمكانيات الحكومات لتوليد الكهرباء مركزياً، ولجأ المواطنون عوضاً عن ذلك إلى «الموتورات» الحارقة لغاز الوقود في توليد الكهرباء للمنازل والمصانع. يعود تدهور قطاع الطاقة في أقطار الشرق الأوسط هذه إلى نخر الفساد والإهمال الحكومي، ناهيك عن النزاعات الإقليمية والطائفية التي فتكت بالبلاد. ولا تزال العديد من دول العالم الثالث على مسافة بعيدة عن مسيرة تحول الطاقة، وتكمن الأسباب لذلك في شح الأموال للاستثمار في دعم الطاقات الجديدة، وعدم أخذ موضوع تحول الطاقة بنفس جدية الدول الصناعية؛ الأمر الذي سيتطلب عقوداً عدة لتصفير الانبعاثات عالمياً، نظراً إلى إمكانية استمرار استعمال البترول في المصانع البتروكيميائية في دول العالم الثالث والكلفة المالية لملايين المواطنين في العالم الثالث، دون الدعم الرسمي، لتغيير مركباتهم إلى الكهربائية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور النفط في سلة الطاقات الهجينة دور النفط في سلة الطاقات الهجينة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:59 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند
  مصر اليوم - تصريحات فيفي عبده تتصدر التريند

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

أنجلينا جولي تكشف عن شعورها تجاه عملها بعد رحيل والدتها

GMT 15:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:55 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

اتفاق رباعي علي خارطة طريق لإيصال الغاز إلي بيروت

GMT 06:11 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

الشكشوكة التونسية

GMT 19:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل العثور على "سوبرمان هوليوود" ميتاً في صندوق

GMT 04:38 2019 الثلاثاء ,09 تموز / يوليو

تعرفي على 9 موديلات مميزة لتزيّني بها كاحلكِ

GMT 22:22 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

مستوى رمضان صبحي يثير غضب لاسارتي في الأهلي

GMT 04:46 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أفكار سهلة التطبيق خاصة بديكورات المطابخ الحديثة

GMT 02:17 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon