توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العوامل الجيوسياسية تحوم حول أسواق النفط

  مصر اليوم -

العوامل الجيوسياسية تحوم حول أسواق النفط

بقلم-وليد خدوري

أيام معدودة تفصلنا عن تجديد العقوبات الأميركية على صادرات النفط الإيرانية في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ولكن الأسعار تتراجع. فبعد ارتفاع سعر «برنت» إلى نحو 86 دولاراً في الفترة الماضية، عاد وانخفض تدريجاً إلى نحو 76 دولاراً، على رغم اقتراب موعد العقوبات واحتمال منع نحو 1.4 مليون برميل يومياً من الصادرات الإيرانية البالغة نحو 2.4 مليون برميل يومياً.

وعلى رغم أن العقوبات الأميركية تفرض مقاطعة شاملة للصادرات الإيرانية، يتضح أن إيران ستنجح في اختراق هذا الحصار بطرق مختلفة. فمن جهة، عمدت إلى بدء الشحن قبل الحصار وإرسال ناقلاتها محملة بالنفط لترسو قرب الأسواق الآسيوية وتفريغها بعد العقوبات. وهناك الحسومات على الأسعار لترغيب المصافي بشرائه الآن وتخزينه، إضافة إلى الاتفاق مع الدول الأكثر استيرادا للنفط الإيراني، أي الصين والهند، لدفع قيمة النفط المستورد بعملاتها المحلية بدلاً من الدولار، وتفادي التعاملات المصرفية مع الجهاز المالي الأميركي. وهناك تفاهمات واتفاقات مع الدول المجاورة، أي روسيا، العراق، وتركيا، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، التي لها في إيران شبكات من أنابيب النفط والغاز.

وعلى رغم هذه المحاولات لتفادي الحصار الشامل، تراجعت واردات كوريا الجنوبية من النفط الإيراني إلى الصفر في أيلول (سبتمبر) الماضي، واستطاعت سؤول تعويض الإمدادات الإيرانية عبر الاستيراد من أستراليا والولايات المتحدة. واستوردت كوريا الجنوبية 148 مليون برميل من النفط عام 2017، شكلت النفوط الإيرانية 15 في المئة منها.

وتستمر الدول الأوروبية في استيراد النفط الإيراني والتعاون الاقتصادي معها، للحفاظ على عضويتها في الاتفاق النووي، على رغم انسحاب الولايات المتحدة منه. وأخيراً وليس آخراً، يبقى احتمال اللحظة الأخيرة لتجنب واشنطن وطهران المواجهة، والولوج في مفاوضات مطولة للحفاظ على الاتفاق النووي، مع إدخال بعض التعديلات. ويوجد احتمال أن يكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسلوبه السياسي الذي استعمله مع كل من كوريا الشمالية و»اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية» (نافتا) مع المكسيك وكندا، الذي يعتمد تهديد الخصم بأقسى العقوبات، ثم بدء المفاوضات.

ومن الأسئلة المطروحة، هل يشكل الحصار على الصادرات النفطية الإيرانية شحّاً في الأسواق، وإلى أي مدى؟ وهل يمكن تعويض النقص في الصادرات الإيرانية؟ وفي هذا السياق، يوجد طاقة إنتاجية إضافية تسمح للدول المصدرة تعويض تراجع النفط الإيراني، وهذه الطاقة متوفرة عند السعودية خصوصاً، إضافة الى روسيا والولايات المتحدة (النفط الصخري) والعراق والامارات. ولكن الوضع تفاقم في ظل نقص إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا وفنزويلا وكازخستان. وتُظهر التجارب السابقة أن كلما تقلصت الطاقة الإنتاجية الفائضة، خصوصاً عند الدول النفطية الكبرى، كلما تتخوف الأسواق من تهديد لأمن الطاقة، ما يرفع الأسعار ويؤدي إلى تقليص الطلب على النفط لاحقاً، وتدهور الأسعار.

وعلى رغم إمكان تعويض نقص النفط الإيراني، هناك 3 عوامل تُقلق الأسواق، فماذا إذا قررت إيران تنفيذ تهديداتها بإغلاق «مضيق هرمز» أمام كل الصادرات النفطية الخليجية البالغة نحو 15 مليون برميل يومياً، ما سيؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية خطيرة، إذ لا يمكن تعويض هذا النقص على رغم وجود بنية تحتية من أنابيب وموانئ لشحن نحو 7 ملايين برميل يومياً من النفط السعودي عبر البحر الأحمر ونحو مليوني برميل يومياً من النفط الإماراتي من بحر العرب جنوب «مضيق هرمز». ومن الممكن أن يؤدي اغلاق مضيق هرمز، على رغم ضآلة هذا الاحتمال الذي لم يحصل سابقاً، إلى رد فعل عسكري أميركية على المنشآت النووية الإيرانية وعلى منصات لإطلاق الصواريخ الباليستية، ما سيؤدي الى زيادة عالية في أسعار النفط ويهدد اقتصادات الشرق الأوسط.

وستشكل أي زيادة عالية وسريعة للأسعار إلى ارتفاع في أسعار النفوط الأميركية، في ظل خط أحمر أميركي للأسعار المحلية للبنزين، فأي سعر أعلى من 3 دولارات لغالون البنزين في الولايات المتحدة يؤدي إلى استياء شعبي نظراً إلى الاستعمال الواسع للمركبات. وهذا الأمر سيترك بصمة في نتائج الانتخابات التشريعية بعد أسبوعين تقريباً، والتي ستقرر إلى حد بعيد مدى نفوذ ترامب، خصوصاً إذا خسر الجمهوريون الأغلبية في مجلس النواب، كما هو مرجح.

ويتوجب أيضاً الأخذ في الاعتبار التطورات والتداعيات لاغتيال الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، إذ هدد ترامب بفرض بعقوبات على السعودية، التي ردّت بتهديد مضاد بفرض عقوبات أيضاً. وتتردد إشاعات عن إمكان فرض السعودية حظراً نفطياً مشابهاً لحظر عام 1973، ولكن الرياض نفت ذلك جملة وتفصيلاً، إذ صرح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح في مقابلة مع وكالة «تاس» الروسية بأن «ليس لدى السعودية أي نية لتكرار المقاطعة النفطية كما حصل عام 1973، أو استعمال النفط سلاحاً». وأضاف: «حكومتنا تتعامل مع هذه القضية من خلال القنوات السياسية المعنية، والسعودية دولة مسؤولة، إذ استخدما لعقود عدة النفط كعامل اقتصادي مسؤول عبر تحييده عن السياسة».

ويبقى سؤال آخر من دون جواب حتى الآن، ماذا ستكون ردود فعل الولايات المتحدة تجاه الدول والشركات التي ستستورد النفط الإيراني بطريقة أو بأخرى؟ فالدول المعنية عديدة ومهمة، إذ تشمل الصين والهند وأعضاء السوق الأوروبية المشتركة التي أعلن وزراء خارجيتها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك تحديهم للعقوبات الأميركية. هل ستواجه واشنطن كل هذه الدول بفرض عقوبات عليها وعلى شركاتها؟ وماذا ستكون ردود فعل الدول والشركات التي ستلاحقها واشنطن؟ وتتمثل أهمية القرار الأوروبي بتوفير الحماية القانونية للشركات الأوروبية التي تتعاون مع إيران في ظل القوانين الأوروبية، ما يعني ليس فقط حق تحميل النفط الإيراني بل أيضاً الاستثمار في الصناعة الإيرانية.

وسيؤدي الحصار الأميركي، كغيره من العقوبات التي فُرضت خلال العقود الأخيرة، إلى تفاقم المشكلات التي تواجه الاقتصاد الإيراني المنهك، والتي تتمثل في انهيار قيمة الريال أمام الدولار وتأجيل العديد من المشاريع النفطية، ما سيؤخر تطوير الطاقة الإنتاجية النفطية.

نقلا عن الحياه اللندنيه 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العوامل الجيوسياسية تحوم حول أسواق النفط العوامل الجيوسياسية تحوم حول أسواق النفط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon