توقيت القاهرة المحلي 22:22:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صناعة البترول المصرية: الإنجازات والتحديات

  مصر اليوم -

صناعة البترول المصرية الإنجازات والتحديات

بقلم - وليد خدوري

تمر صناعة البترول (النفط والغاز) المصرية في مرحلة دقيقة، بعد ثلاث سنوات من انخفاض إنتاج الغاز، والاضطرار لاستيراد الغاز المسال لتغطية العجز لتلبية الطلب المحلي، فتحولت مصر في أوائل هذا العقد وبعد 10 سنوات من تصدير الغاز إلى دولة مستوردة له.

تشهد مصر الآن زيادة ملحوظة في زيادة الاحتياط الغازي، مع اكتشاف «إيني» في آب (أغسطس) 2015 حقل «ظهر» في ذي احتياطات 30 ترليون قدم مكعب. وبدأ الإنتاج منه مبكراً في كانون الثاني (يناير) 2017 بطاقة 1.7 بليون قدم مكعبة يومياً، والذي رفع الإنتاج إلى 6.50 بليون قدم مكعب يومياً في 2018، بحيث سمح الاعتماد على الإنتاج المصري لتزويد السوق المحلية، ولو للنصف الأول من العقد المقبل، اعتماداً على اكتشاف حقول غازية جديدة مستقبلاً. يعتبر هذا تحدياً كبيراً للاستثمار في مناطق اكتشافيه جديدة. كما الاعتماد على نشاط الشركات وطبيعة عقودها مع السلطات، ومدى الالتزام بالعقود.

لقد طرأت خلافات في السنوات الماضية، حول مدى دفع السلطات الاستحقاقات المالية للشركات، وبلغ مجمل الاستحقاقات الواجب دفعها للشركات في حزيران (يونيو) 6.4 بليون دولار، الأمر الذي نتج منه تباطؤ عملية الاكتشاف والإنتاج. لكن الوضع تغير بعد تولي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم واستلام مساعدات دول الخليج، ما ساعد في تسديد الاستحقاقات لتنخفض إلى 1.2 بليون دولار. نشطت الشركات في ضوء التزامها استحقاقاتها المالية في عمليات الاستكشاف والإنتاج. فعلى سبيل المثل، تم اكتشاف حقل «ظهر». وهناك تفاؤل حذر بتحقيق «إيني» اكتشافاً ضخماً في منطقة «نور» في قطعة 6 البحرية التي اكتشف فيها حقل «ظهر» حيث توجد الطبقة الكربونية الجيولوجية نفسها في «ظهر». تعهدت «إيني» حفر بئرين اكتشافيين خلال الشهرين المقبلين. ويتوقع ازدياد الإنتاج الغازي مع بدء الإنتاج من حقل «غرب دلتا النيل» البحري من قبل «بريتش بتروليوم» إلى 600 مليون قدم مكعبة يومياً.

سمح الإنتاج من حقل «ظهر» إلى الاكتفاء الذاتي من إمدادات الغاز، لكنه لم يعوض إمدادات الغاز المسال التي كانت تصدرها مصر من محطتي التسييل اللتين تم إغلاقهما أثناء انخفاض الإنتاج. كما تم إيقاف التصدير إلى إسرائيل عبر أنبوب العريش - عسقلان. واستمر التصدير فقط إلى الأردن عبر أنبوب العريشل - عقبة (وهو جزء من خط الغاز العربي الذي يمتد إلى سورية وكان مخططاً له أن يمتد إلى وسط أوروبا عبر تركيا).

توقف تشييد الخط في سورية نظراً إلى اضطراب الأمن منذ 2011. وكما هو معتاد في اتفاقات تجارة الغاز، يتحمل المصدر مسؤولية تزويد الإمدادات المتفق عليها في الأوقات المعينة، ويتحمل المستورد استلام الإمدادات حسب الاتفاق. وأي نقض لاتفاق التسليم والاستلام يترتب على الطرف الذي أخل بالاتفاق تحمل غرامات مالية باهظة الثمن تصل إلى بلايين الدولارات. وبما أن مصر أخلت بتزويد إمدادات الغاز لمحطات التسييل خلال السنوات الماضية، فستطالب الشركات بالتعويضات وسيتم اللجوء إلى التحكيم. وهذا ما حدث فعلاً مع الشركة الإسرائيلية المالكة خط العريش -عسقلان، إذ طالبت بالتعويضات. والأمر الآن عند هيئة تحكيمية قبل البت في الأمر نهائياً.

ومن أجل إيقاف الخسائر الفادحة التي قد تتحملها مصر، ولعدم توفر إمدادات غازية وافية للتصدير في المستقبل القريب، لجأت مصر إلى عقود طويلة الأمد لاستيراد الغاز بأنابيب قصيرة المدى من كل من قبرص وإسرائيل ليتم تسييله في محطتيها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وتعتبر هذه الاتفاقات مربحة للدول المعنية. وبالنسبة إلى مصر، ستستطيع تشغيل المحطتين بإمدادات متوفرة من الدولتين المجاورتين. وبهذا، ستلتزم مصر تنفيذ تعهداتها للشركات الأوروبية المستوردة وتوقف نزيف الخسائر البليونية التي ستلحق بها. لكن يتوجب التنويه بفكرة الترابط والاعتماد المتبادل ما بين صناعة الغاز الإسرائيلية والدول العربية الموقعة ضمن معاهدات سلام مع إسرائيل، يشكل هذا الاعتماد المتبادل تنفيذاً لسياسة اقترحتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كوسيلة لاستعمال سياسة الاقتصاد الطاقوي المتبادل لدعم اتفاقات السلام العربية - الإسرائيلية على المدى البعيد، وذلك خدمة للمصالح المتبادلة بين الطرفين. من ثم، استفادة مصر من استيراد الغاز الإسرائيلي لإعادة تصديره غازاً مسالاً هو أمر تستفيد منه مصر بتشغيل محطات التسييل وإيقاف نزيف التعويضات المالية التي سيطالب بها الأوروبيون. من جهة أخرى، تستفيد إسرائيل من الحصول على عقد للتصدير لمدة 15 سنة. وبما أن إسرائيل أخفقت حتى الآن الحصول على عقد أوروبي لاستيراد الغاز، من ثم أخفقت الشركات البترولية العاملة عندها من اقتراض المبالغ اللازمة لتطوير حقولها حيث تكلف عمليات التطوير ما بين 6 - 12 بليون دولار لكل حقل. فمن دون عقود التصدير الإقليمية لكل من مصر والأردن، لم يكن ممكناً مالياً الشركات تطوير حقلي «تامار» و «لفيتان» اللذين سيتم التصدير منهما.

تعاني مصر منذ فترة من مشكلة تسعير الغاز محلياً. فالأسعار كانت أقل من معدلاتها العالمية وكانت مدعومة، ما نتج منه عجز بنحو 6.5 بليون دولار للسنة المالية 2017/2018. تقررت أخيراً زيادة الأسعار على مرحلتين. الأولى، خلال الفترة ما بين تموز (يوليو) 2016 - 2017 حيث تمت زيادة أسعار المنتجات المحلية نحو 50 في المئة في منتصف حزيران (يونيو) غطت هذه الزيادة بالفعل الفرق في تدهور قيمة الجنيه للدولار أخيراً. الثانية، المقترحة من قبل صندوق النقد العالمي، والتي يتوقع تنفيذها قبل نهاية 2018، تقضي باعتماد مؤشراً سعرياً مقارباً لأسعار المنتجات البترولية العالمية يتغير تلقائياً حسب المتغيرات العالمية.

يشمل المؤشر جميع المنتجات باستثناء الفيول أويل لمحطات الكهرباء والمخابز. يهدف الاقتراح إلى استرداد تكاليف الإنتاج لتعويض ما يتم استهلاكه داخلياً. هذه السياسة التي طال أمدها، نظراً إلى الوضع الاقتصادي الصعب، قد توفر الإمكانية لمعالجة بعض مشكلات البلاد الاقتصادية، حيث كان يشكل ارتفاع سعر «برنت» دولاراً، زيادة تكاليف الدعم 3.5 بليون جنيه.

من المتوقع أن تخلق الإصلاحات عبئاً ثقيلاً على موازنة العائلات المصرية ذات الدخل المحدود، بالذات في تزامنها مع فرض ضرائب جديدة وتعديل أسعار سلع أخرى كانت مدعومة سابقاً.

تواجه مصر تحدياً بترولياً آخر، وهو توفر كل من احتياط محدود للنفط الخام (4.4 بليون برميل) وإنتاج محدود له (700 ألف برميل يومياً). في الوقت ذاته، ازداد الاستهلاك النفطي نحو 3 في المئة سنوياً منذ 2010 ليرتفع إلى 770 ألف برميل يومياً.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة البترول المصرية الإنجازات والتحديات صناعة البترول المصرية الإنجازات والتحديات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon