توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آثار العقوبات النفطية على إيران

  مصر اليوم -

آثار العقوبات النفطية على إيران

بقلم - وليد خدوري

تبدأ المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وشملت المرحلة الأولى من العقوبات إنذاراً أميركياً للشركات الدولية المستثمرة في الصناعات المحلية، أما المرحلة الثانية والأهم اقتصادياً لكل من إيران والاقتصاد الدولي، فموجهة إلى الشركات المستوردة النفط الإيراني أو المستثمرة في تطوير الصناعة النفطية.

وبعد القرار الأحادي للولايات المتحدة في الانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته ايران مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، تباينت مواقف الدول الموقّعة، وتعارضت المواقف من انسحاب واشنطن. فبعد الاعتراضات الدولية على سياسة الرئيس دونالد ترامب، ومن ضمنها أسلوب «التغريدات» غير الدبلوماسية، تشكّلت ردود فعل متعددة حول سُبل التعامل مع نهج البيت الأبيض.

وطالب ترامب عدم تحديد أي مهلة زمنية للرقابة على البرنامج النووي الإيراني، وشمول الاتفاق قيوداً على برنامج تطوير الصواريخ الباليستية الايرانية، إضافة إلى وضع حد للتوسع والهيمنة الإيرانية الإقليمية ووقف نشاطاتها الإرهابية. ورفضت السلطات الإيرانية حتى الآن الاقتراحات الأميركية بتغيير الاتفاق، ولكن لم تصدر عنها ردود واضحة حول ما هو المطلوب في ظل الموقف الأميركي.

وتزامن الإعلان عن حصار نفطي جديد على إيران مع نشوب حركات احتجاجية داخلية وتدهور قيمة العملة الإيرانية أمام الدولار، لتسجل مستويات قياسية متدنية، في حين قرّرت شركة «كوزمو أويل» اليابانية عدم تحميل النفط الإيراني ابتداءً من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

وتفاقم الوضع الاقتصادي الإيراني خلال فصل الصيف، إذ أعرب متظاهرون عن استهجانهم إنفاق طهران ملايين الدولارات لدعم مناصريها في بعض الدول العربية بدلاً من تنمية إيران. وبثت وكالة أنباء «فارس» خبراً في 3 الجاري جاء فيه أن المدير العام لأسواق طهران عبد الحسين رحيمي قرر تقنين بيع اللحوم في العاصمة بسبب «شح السلع»، في حين تضاعفت أسعار اللحوم خلال سنة.

وبدأت تنمو وتتوسع حركة عالمية داعية إلى الاستغناء عن استعمال الدولار في بعض التعاملات التجارية الدولية. في المقابل، برزت تصريحات من جماعات اليمين الجديد والأصوليين المسيحيين الأميركيين تدعو إلى عدم الاكتفاء بالحصار النفطي، بل تبني سياسة إزاحة النظام السياسي الإيراني واستبداله بنظام جديد. وحتى قبل بدء الحصار النفطي، برزت مواقف مختلفة ومتعددة، وبدأت تظهر إلى العلن خلافات داخلية في طهران، إذ سحب النواب المتشددون في المجلس الثقة من وزير الشؤون الاقتصادية والمالية مسعود كرباسيان، وحمّلوه مسؤولية عدم ردع الانهيار الاقتصادي.

والأمر الأكثر دهشة ضمن مسلسل ردود الفعل المتناقضة خلال الأشهر الماضية، هو استقرار أسعار النفط العالمية ضمن نطاق ضيق جداً يتراوح بين 70 و75 دولاراً لبرميل نفط «برنت». وعلى رغم تصريحات المسؤولين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري المتككرة باستعدادهم لقطع الملاحة عبر مضيق هرمز، فمن الواضح أن الأسواق التي ترصد الانعكاسات الجيوسياسية لهذه النزاعات، تتحرّك وتدخل في المضاربات اليومية في أجواء كهذه، بحيث ترفع الأسعار إلى مستويات عالية جداً اذا توجّست إمكان انقطاع امدادات نفطية مهمة.

وتمادت الولايات المتحدة في العقود الأخيرة في فرض العقوبات الاقتصادية والحصار النفطي على الدول «المارقة»، فارتفعت هذه العقوبات لتشمل نحو بليوني نسمة تقريباً، وبلغ إجمالي الناتج المحلي للدول المستهدفة أكثر من 15 تريليون دولار. ومن ضمن الدول التي شملتها أو التي لا تزال تشملها العقوبات الأميركية أو الأممية (مجلس الأمن)، روسيا، وايران، وفنزويلا، وكوبا، والسودان، وليبيا، وزيمبابوي، وماينمار، وجمهورية الكونغو الديموقراطية، وكوريا الشمالية، والعراق، وتركيا، وباكستان والصين.

واختلفت أسباب العقوبات بين خلافات حول مصالح سياسية بحتة، واستعمالها جزءاً من الصراع السياسي/العسكري مع الدول المعنية، وعقوبات بسبب انتهاكات حقوق الانسان وارتكاب جرائم ضد البشرية. أما بالنسبة للعشرات من الشخصيات على القائمة السوداء الأميركية، فالأسباب تشمل تهريب المخدرات، والإرهاب، وتبييض الأموال، وتجارة الأسلحة لمصلحة دول «مارقة».

وأدى الاستعمال المتزايد لهذا العدد من السكان والدول الكبرى، تحديداً الصين وروسيا، إلى مبادرة بعضها لاعتماد نظام مالي جديد للتجارة الخارجية لا يعتمد على الدولار، بل على العملة المحلية. ولا يزال النظام المالي الجديد في بداياته ويُستعمل فقط على نطاق ضيق، لكن هناك محاولات لدول «البريكس»، التي تضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، لتأسيس نظام للتعاملات المالية الدولية مستقل عن النظام الحالي «سويفت».

ويؤدي استمرار الحصار على الدول الإقليمية والكبرى إلى تبني وسائل تعامل مالية جديدة في مجال النفط. وخير مثال موقف الصين من العقوبات الإيرانية، إذ قررت تأسيس سوق مستقبلي في شنغهاي لتجارة النفط يستخدم «اليوان» بدلاً من الدولار. وبهذا، ستحاول الشركات الصينية تفادي العقوبات الأميركية، كما أن السوق ستتعامل في بادئ الأمر مع المشتريات الإيرانية وتتفادى الدول الأخرى. ولكن تبقى تجربة الصين مهمة في حال توسعها مستقبلاً، خصوصاً وأنها من أكبر الدول استيراداً واستهلاكاً للنفط. وتوجد أمثلة كثيرة أخرى لمحاولات استعمال المقايضة (الهند وتركيا)، إضافة إلى اعتماد العملات المحلية لإستيراد النفط من ايران.

وتصدر إيران 2.4 مليون برميل يومياً، بينما أدت العقوبات الدولية المفروضة في عهد الرئيس السابق محمد أحمدي نجاد إلى تقليص الصادرات إلى 900 ألف برميل يومياً. وبعد عقود من العقوبات، أصبح لدى ايران خبرة في تفادي جزء من الحصار، ولكن من دون شك ستشكل العقوبات ضربة في صميم النظام الاقتصادي للبلاد، الأمبر الذي عبّرت عنه التظاهرات التي عمت البلاد، وليس طهران فقط.

والسؤال الأبرز ما هو ردّ فعل إيران على العقوبات؟ هل ستقبل بالتفاوض وتعديل الاتفاق النووي؟ أم ستلجأ إلى وسائل عسكرية في إجابتها بتقييد حرية الملاحة في مضيق باب المندب، أو إشعال الجبهات العربية المتعددة الواقعة تحت نفوذها؟ وماذا سيكون ردّ الفعل العسكري لواشنطن وحلفائها؟ فعلى ضوء هذه القرارات، وطبيعة الردود عليها، ستأخذ أسعار النفط منحى جديداً سيعكس الأعمال العسكرية، بدلاً من التصريحات الكلامية.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثار العقوبات النفطية على إيران آثار العقوبات النفطية على إيران



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon