توقيت القاهرة المحلي 11:19:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

  مصر اليوم -

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة

بقلم: وليد خدوري

تغيرت أولويات البشرية خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب المعاناة من الأوبئة والمجاعات التي غيرت الكثير من المفاهيم حول أولويات الإنسان للحياة، وأضيفت لهذه المعاناة مؤخراً حرب أوكرانيا ومآسيها. ورغم أن هذه النكبات ليست جديدة على الإنسانية، إلا أن ما يميزها هذه المرة هو مسلسل وقوعها الواحدة تلو الأخرى. كان التصور الشائع أن العالم قد تقدم علمياً واقتصادياً، بحيث إنه من المستطاع حل كثير من المشاكل بسرعة، وعدم السماح لأكثر من مليون وفاة للجائحة. كما ساد التوقع أيضاً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أن الحرب بين المعسكرين الشرقي والغربي قد انحسرت إلى غير رجعة، بالذات على الساحة الأوروبية.
بدأت ردود الفعل الحتمية لهذه المآسي المتتالية تبرز تباعاً، ويتبين أن التحديات مستمرة. الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمة ألقاها عن بعد لمؤتمر استضافته برلين الأسبوع الماضي شاركت فيه قرابة 45 دولة ومنظمة إنسانية ووزراء خارجية «مجموعة السبع»، حذر العالم من «خطر مجاعة غير مسبوقة».
أدت هذه التطورات المأساوية، والأولويات العالمية السائدة خلال الأعوام الماضية، إلى بروز أزمة طاقة غير مسبوقة منذ حوالي نصف قرن، مردها تبني شعارات إيجابية في ظاهرها لكن بأجندات غير واقعية. والمثال على ذلك الموافقة الجماعية في مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة تغير المناخ في باريس 2015 بتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050 لأجل التمكن من إنقاذ الكرة الأرضية من الكوارث المناخية والبيئية. وإلا، فإنه سيكون من الصعب جداً معالجة مشاكل الكرة الأرضية البيئية والمناخية بعد ذلك التاريخ.
الصعوبة الرئيسة التي واجهت قرار تصفير الانبعاثات منذ يومه الأول، هو معاداته ومحاولات تهميشه لأي شيء له علاقة بصناعات الوقود الأحفوري (النفط، الغاز، الفحم) التي توفر حالياً الأغلبية الساحقة من الطاقة للعالم. قادت الحركات المناخية والبيئية والدول الأوروبية بالذات هذه الحملة.
ورغم الأخذ بنظر الاعتبار وجهة النظر أن الانبعاثات الناتجة عن الوقود الأحفوري ضارة صحياً، إلا أنه يجب التنبيه إلى أن الأجندة للتخلص السريع وغير الواقعي من الانبعاثات قد رسمت من قبل الدول الأوروبية لتعكس أولوياتها وإمكاناتها التنفيذية لسن القوانين المناخية ومصالحها الاقتصادية والبيئية، وذلك بغض النظر عن مصالح الدول الأخرى ذات الاقتصادات المختلفة والمتخلفة، كما ناهيك عن الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية توالي الكوارث المتوالية على البشرية لسنوات متتالية، مما يتطلب تخصيص مليارات الدولارات لتفادي نتائج هذه الكوارث.
أغلقت الحركات البيئية والأقطار الأوروبية المجال لمناقشة موضوعية حول إمكانية تنفيذ الأجندات المطروحة لتصفير الانبعاثات في المواعيد المحدد لها، أو إعارة الانتباه اللازم لتوفير المليارات من الدولارات لبعض الدول في تنفيذ هذه الأجندات في الأوقات المحددة.
لقد أهملت الحركات المناخية إمكانية الاستفادة من الإمكانات والمنشآت الموجودة عالمياً، وذلك ضمن حملتها الهادفة والمعادية للهيدروكربونات.
كان من الممكن الاستمرار بهذه السياسة لولا الكوارث العالمية، التي لا يزال يشكل البعض منها خطراً مستقبلياً على العالم. أدت المآسي المستمرة خلال الأعوام القريبة الماضية إلى تغيير الأجندات والأولويات، لكن ليس أهداف مسيرة تصفير الانبعاثات. فمقاطعة الوقود الروسي كشفت حقيقة الاعتماد الواسع للأقطار الأوروبية على مختلف أنواع الوقود الأحفوري، الذي كانت تستورد معظمه من روسيا. لقد أدت حرب أوكرانيا إلى بدء بعض الأقطار الأوروبية، رغم حماسها البيئي المشهود، وقبل غيرها، بسبب محاولة تلافي انقطاع الطاقة الكهربائية في الأشهر المقبلة أو ارتفاع أسعار الكهرباء إلى مستويات قياسية. بدأت هذه الدول (ألمانيا والنمسا وهولندا) التغاضي عن بعض القوانين التي دافعت عنها عالمياً وشرعتها محلياً، بإعادة الاعتماد على الفحم الحجري، رغم تلوثه. كما تتفاوض السوق الأوروبية وأقطارها لاستيراد إمدادات جديدة من الغاز، رغم القوانين الأوروبية نفسها بتخفيض استهلاك الغاز ما بين الأعوام 2030 - 2035.
من نافل القول إن المآسي العالمية الأخيرة ستتطلب مليارات الدولارات لتغطية المشكلات الناتجة عنها. ومن المتوقع أن تحصل هذه المليارات على الأولوية في موازنات الدول، وستحل محل الأولويات السابقة لتصفير الانبعاثات، التي بدأت تعد نوعاً من «الترف» في عالم غير مستقر.
هذا لا يعني بتاتاً غض النظر عن سياسات تصفير الانبعاثات. لكن الواقع الأليم سيفرض مراجعة الأولويات والأجندات. هذا التغيير في الاهتمامات والأولويات يتطلب أيضاً من الدول الأوروبية وحركات مكافحة التغير المناخي الأخذ بنظر الاعتبار إمكانية الاستفادة من الصناعة البترولية المساهمة الفعالة في استعمال تقنياتها وبناها التحتية والوقود الأخضر، في تصفير الانبعاثات بدلاً من نبذها أو مقاطعتها.
تبلغ قيمة أصول الشركات البترولية العالمية المليارات من الدولارات. وبنجاح الأبحاث في تدوير صناعة واقتصاد الكربون، يصبح من الممكن استعمال بعض هذه الأصول في تنمية طاقات جديدة، كالهيدروجين الأزرق، ناهيك عن إضافة الوقود الأخضر إلى سلة الطاقات المعتمدة بحلول عام 2050.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة مساهمة الشركات البترولية في عصر تحول الطاقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon