توقيت القاهرة المحلي 21:31:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسباب ارتفاع أسعار النفط

  مصر اليوم -

أسباب ارتفاع أسعار النفط

بقلم - وليد خدوري

 ارتفعت أسعار نفط «برنت» الأسبوع الماضي إلى 80 دولاراً من 77، وهذا الصعود مستمر منذ نيسان (أبريل) الماضي، إذ زادت خلاله بنسبة 7.3 في المئة عن آذار (مارس).

تتعدّد أسباب مسيرة الأسعار، منها الاقتصادي والجيوسياسي. في العوامل الاقتصادية، يبرز تحسّن نمو الاقتصاد العالمي المسجل حالياً الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط. فيما تحاول «مجموعة الـ24» المكوّنة من «أوبك» وحلفائها، تقليص فائض المخزون العالمي.

أما الجوانب السياسية، فتتصدرها العقوبات الأميركية على إيران، والانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي. وبما أن قرارات الرئيس دونالد ترامب كانت متوقعة، أدرجت الشركات ارتفاع الأسعار في حساباتها. لكن، ازدادت المضاربات بسبب الوضع المضطرب، وستزيد التكهنات إلى حين بلورة الصورة النهائية. أما بالنسبة إلى الدول الأوروبية، ومدى نجاحها للاستثمار في إيران وتقليص المقاطعة على شركاتها، وإذا كانت ستتمكّن من تبني سياسة «اقتصادية مستقلة» مغايرة تتحدى الولايات المتحدة، ومن ثم القرارات الباهظة الثمن لقرارات المحاكم الأميركية، في ظل تواجد شركات أوروبية كبيرة وكثيرة في الولايات المتحدة توظف استثمارات ضخمة، فضلاً عن أن الدولار يشكل عملة الصناعة النفطية وتخليص المعاملات في نيويورك، في وقت أسهم معظم الشركات الأوروبية الكبيرة مسجلة في البورصات الأميركية.

تناقش الأقطار الأوروبية حالياً سياسة اقتصادية موحدة للتعامل مع إيران، في ضوء الموقف الأميركي المتشدد، إذ لم يستبعد مستشار الأمن القومي جون بولتون في مقابلة تلفزيونية، فرض عقوبات على الدول الأوروبية المخالفة للعقوبات. وليس واضحاً حتى الآن أيضاً، في ما إذا كانت طهران ستقبل بالمطالب الأوروبية، كثمن للاستمرار في الاتفاق. إذ توجد مؤشرات إلى مواصلة إيران سياستها الحالية في تخصيب اليورانيوم، لكن ليس تجميد تطوير برنامج الصواريخ الباليستية. أما محاولة وضع حد لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، كما تطالب واشنطن، فإن الدول الأوروبية لم تطرح هذا الأمر على طهران، إذ يوجد أيضاً تنافس على المصالح الاقتصادية بين الدول الكبيرة. وبغياب الشركات الأميركية، تطمح نظيراتها الأوروبية إلى الاستثمار في إيران، لكن الشركات الصينية تنافسها. إذ تفاهمت بكين المستورد الأكبر للنفط الإيراني مع طهران لاعتماد اليوان في عمليات الدفع، في حين أن عدداً محدوداً من شركاتها مسجل في البورصات الأميركية أو يستثمر في الولايات المتحدة. لذا، فإن الأخطار على شركاتها في التعامل مع إيران ضئيل نسبياً مقارنة بالشركات الأوروبية. وما يزيد في الضبابية توسع النزاع العسكري الإيراني– الإسرائيلي، ومدى تفاقمه. ولا يُغفل أيضاً المشهد المأسوي في الأراضي الفلسطينية هذه الأيام، ومئات الجرحى والشهداء، والإدانات العالمية للسياسة الإسرائيلية منها الدول الأوروبية وحتى بريطانيا، والاستثناء هي الولايات المتحدة.

ولا تخفى أيضاً الأوضاع في فنزويلا، التي انخفض إنتاج النفط فيها بمقدار 550 ألف برميل يومياً، أقل من التزام فنزويلا الإنتاجي.

ويشيــر تقرير «أوبك» الشهري عن أسواق النفط، إلى نمو الناتج الداخلي العالمي بمعدل 2.7 فــــي المئة هذه السنة، بعدما نما 2.3 في المئة خلال 2017. وازداد الطلب على النفط بمقدار 1.65 مليـــون برميل يومياً العام الماضي وهذه السنة. فيمـــا كانت الزيادة في الإمدادات محدودة حتى الآن، والمـتوقع صعودها من الدول غير الأعضاء في «أوبك» نحو 0.01 مليون برميل يومياً خلال هذه السنة، أو زيادة 1.72 مليون برميل يومياً ليصبح إنتاج هذه الدول 59.62 مليون برميل يومياً.

وارتفع إنتاج الدول الأعضاء في «أوبك» نحو 12 ألف برميل يومياً في نيسان الماضي، ليصل معدله إلى 31.93 مليون برميل يومياً. وخفضت المنظمة وحلفاؤها في «مجموعة الـ24» الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يومياً منذ بداية 2017، لتقليص فائض المخزون النفطي ليعادل مستوى السنوات الخمس الماضية.

وتدنى المخزون التجاري العالمي في آذار الماضي، بحيث أصبح 9 ملايين برميل فقط أكثر من معدله للسنوات الخمس الماضية، ما يعني أن «مجموعة الـ24» نجحت في تحقيق هدفها.

لا يزال من المبكر معرفة الآثار المترتبة عن «سياسة الاستقلال» التي تود الدول الأوروبية تبنيها في مقابل سياسة ترامب «أميركا أولاً». وتفصل عن بدء النزاع الحقيقي ستة شهور، إذ طالبت واشنطن الشركات خفض استيراد النفط الإيراني أولاً، ومن ثم المباشرة في إلغاء عقودها مع طهران في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ما قد يؤدي إلى تقليص الصادرات الإيرانية بنحو مليون برميل يومياً.

وستراقب الأسواق قرار الشركات الصينية، وإذا كانت ستقاطع أم لا، خصوصاً في ظل الحرب التجارية التي أعلنها ترامب على الصين. ولا يُغفل أخيراً، النزاع مع إسرائيل وتحديداً الصراع الإسرائيلي- الإيراني ومدى توسعه.

الصعود الأخير للأسعار جيواستراتيجي أكثر منه اقتصادي، لأن العرض والطلب متوازن تقريباً، والأهم من ذلك توافر طاقة إنتاج فائضة، يمكن أن تعوض النقص في الصادرات. فإلى أي مستوى سيرتفع معدل الأسعار، فذلك يعتمد في المرحلة الحالية على وتيرة تصاعد النزاعات العسكرية في الشرق الأوسط.

يتضح للوهلة الأولى عدم توازن العرض والطلب نتيجة فقدان حجم كبير من الصادرات الإيرانية والفنزويلية، لكن على رغم فقدان هذه الإمدادات الضخمة، لا تزال توجد طاقة إنتاجية فائضة تستعد تعويض النقص، إذ يتوافر ما يزيد على ثلاثة ملايين برميل يومياً للطاقة الإنتاجية الإضافية، واستعداد الدول المعنية لضخ الإمدادات لإعادة التوازن إلى الأسواق، ما يكفل استقرار الأسعار.

لكن ما يحصل الآن، هو تصاعد الصراعات العسكرية في الشرق الأوسط. فهل سيبقى الصراع الصاروخي بين إسرائيل وإيران محصوراً بالأراضي السورية، أم سيتوسع إلى دول أخرى أو يبدأ تبادل القصف بين البلدين. في هذه الحال، ستعتبر الأسواق ذلك، حروباً إقليمية خطرة على الصناعة النفطية وطرق الإمدادات، المتوقع أن تفضي إلى استمرار ارتفاع الأسعار.

* كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسباب ارتفاع أسعار النفط أسباب ارتفاع أسعار النفط



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon