توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ارتفاع أسعار النفط بسبب الصراع الأوكراني

  مصر اليوم -

ارتفاع أسعار النفط بسبب الصراع الأوكراني

بقلم :وليد خدوري

فاق سعر نفط برميل برنت سعر 90 دولاراً الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ سبع سنوات. وقد ازدادت أسعار النفط لخمسة أسابيع متتالية؛ مما زاد من سعر النفط نحو 10 في المائة منذ أوائل العام.
تتأثر أسعار النفط عادة بعوامل الأسواق الاقتصادية: معدلات الإنتاج، بالذات تلك لأقطار منظمة «أوبك» والآن «مجموعة أوبك بلس»، والأرقام الأسبوعية لمخزون النفط الأميركي في مجمع التخزين الضخم في «كوشينغ» بأوكلاهوما؛ ومعدل الفائدة على الدولار؛ ومدى قوة أو ضعف الدولار بالنسبة لبقية العملات الصعبة. ويتذبذب السعر حسب الأخبار اليومية لكل من هذه العوامل الاقتصادية.
لكن، تتأثر الأسعار بدورها بعوامل خارجية، جيواستراتيجية، ولتقلبات فصول السنة الأربعة، وظواهر طبيعية، وسياسات الدول الكبرى ومطالبها الاقتصادية.
تلعب «مجموعة أوبك بلس» دوراً أساسياً في استقرار الأسواق من خلال توازن العرض والطلب على الإمدادات النفطية. وهذا ما حصل فعلاً عند تدهور الطلب والأسعار مع اشتداد جائحة «كوفيد - 19»، حيث تدهور الطلب. لكن بادرت «المجموعة» منذ الصيف الماضي بزيادة الإنتاج 400 ألف برميل يومياً كل شهر مع عودة ارتفاع الطلب، والانخفاض النسبي في حالات متحورات «كورونا» ومبادرة عدد من الدول استعادة نشاطها الاقتصادي وتقليص فترات الإغلاق التام. هذا، وقد نجحت «المجموعة» في اكتساب مصداقية الالتزام بقراراتها، بفضل نجاح رئاستها من قِبل السعودية ذات الإنتاج الأعلى «للمجموعة»، كما أنها تحافظ على طاقة إنتاجية إضافية بنحو 2.50 مليون برميل يومياً؛ إذ تلعب هذه الطاقة الإضافية بتوازن الإمدادات في الأسواق عند الضرورة، وهي إمكانية غير متوفرة عند دولة منتجة أخرى. كما يلعب التنسيق المثمر للتعاون السعودي - الروسي دوراً بارزاً نظراً لمجمل الطاقة الإنتاجية للدولتين (تقريباً 20 مليون برميل يومياً، أو نحو 20 في المائة من مجمل الإنتاج العالمي للنفط)، بالإضافة إلى دور السعودية ضمن الأقطار الأعضاء لمنظمة «أوبك»، ودور روسيا في التأثير على الدول في «المجموعة» غير الأعضاء في «أوبك».
تكمن أسباب الارتفاع العالي للأسعار حالياً إلى أسباب عدة، فنشاهد خلال هذه الفترة: أولاً، زيادة القناعة عند المسؤولين في صناعة النفط أن الدلائل تشير إلى أن طريق تحول الطاقة غير معبدة ومحفوفة بالمطبات (ما مدى إمكانية التزام دول العالم الثالث بتصفير الانبعاثات بحلول عام 2050؟ وما مدى نجاح الهيدروجين - الوقود الجديد المنشود؟)، من ثم هل ستؤدي هذه التساؤلات والعديد غيرها إلى تعكير صفو الأسواق البترولية خلال هذه المرحلة الانتقالية؟ لقد أخذت هذه التساؤلات تقلق الدول الصناعية المستهلكة حول البعد الاستراتيجي القديم - الجديد «أمن الطاقة»؛ مما رفع أولوية الاهتمام به مؤخراً.
يكمن أحد المخاوف في تقليص الاستثمارات في كل من عمليات الاستكشاف والتطوير للحقول؛ مما خفض من معدلات الاحتياطي المتوفر. وكذلك تخفيض معدلات التخزين للوقود، بالذات للغاز قبل حلول فصل الشتاء القارس في نصف الكرة الشمالي، كما هو الحال في الأقطار الأوروبية؛ مما أدى إلى ارتفاع عالٍ في أسعار الكهرباء والوقود، حيث أدت زيادة استهلاك الغاز إلى نقص في الإمدادات؛ مما أدت بدورها إلى استبداله بزيت الوقود (الفيول أويل) لتوليد محطات الكهرباء؛ مما يعني زيادة الطلب على النفط عن معدلاته لهذا الفصل من السنة. أما في الصين، ثاني أكبر مستهلك في العالم، فقد تم تخفيض استهلاك الفحم الحجري نظراً لكثافة انبعاثاته الكربونية؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة استبداله بالغاز ومن ثم زيادة الطلب على الغاز وانخفاض إمداداته وبدوره زيادة الطلب على النفط وزيادة أسعارهما.
ثانياً، تصاعد التهديدات ما بين الدول الكبرى حول أوكرانيا، التي تترك بصماتها على صادرات ترانزيت الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا. والنزاع طبعاً جيواستراتيجي ما بين احتلال روسيا لأوكرانيا و- أو إمكانية انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي. لقد تصاعدت التهديدات بحيث أخذ يستعمل الطرفان تعابير «حرب أوروبية». هذه التهديدات واستنفار القوات المسلحة للأطراف المتعددة وإنذارات المقاطعة والحصار، أثارت الذعر في الأسواق؛ مما أدى أيضاً إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز؛ نظراً إلى انعكاسات التهديدات المحتملة على تجارة النفط الأوروبية والعالمية. كما أدت القلاقل السياسية في كازخستان وقصف ميليشيات الحوثيين لمنشآت نفطية في أبوظبي إلى زيادة المخاوف من تقلص الإمدادات، وإن لم يؤد الحدثان الأخيران إلى تقلص فعلي في الإمدادات.
ثالثاً، الخلافات التي نشبت مؤخراً ما بين الدول الأوروبية وروسيا، حول كيفية دفع ثمن الغاز المستورد من روسيا. فالأقطار الأوروبية تطالب بعقود شراء قصيرة الأجل أو فورية، على عكس المطلب الروسي لعقود طويلة المدى. يعكس هذا الخلاف في طبيعة العقود المصالح الاقتصادية لكل من الطرفين.
ظهر هذا الخلاف بشكل واضح في تشغيل شبكة خط انبوب الغاز البحري «نورد ستريم - 2» بين روسيا وألمانيا الذي تم إنجازه في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بكلفة 11 مليار دولار. كما تضمنت هذه الخلافات معارضة أميركية سياسية للاعتماد الأوروبي المتزايد على الغاز الروسي وكذلك لأسباب اقتصادية، لإتاحة الفرصة للغاز المسال الأميركي المتزايد الكمية أن يحوز على حصة أكبر من السوق الأوروبية. وبالفعل أخذت تزداد صادرات الغاز المسال الأميركية إلى أوروبا؛ الأمر الذي يهدد المصالح الروسية هناك. من الجدير بالذكر، أن أسعار الغاز المسال قد ارتفعت مؤخراً في شمال شرقي آسيا إلى نحو 23 دولاراً، كما زادت أسعار الغاز إلى أوروبا إلى نحو 30 دولاراً للمليون وحدة بريطانية.
رابعاً، ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة؛ مما زاد من ارتفاع معدلات التضخم، حيث ارتفعت إلى أعلى معدلاتها خلال العقود الثلاثة الأخيرة. الأمر الذي قد يؤثر سلباً على ردود فعل المواطن الأميركي واحتمال خسارة الحزب الديمقراطي الانتخابات التشريعية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
لقد أصبح من الواضح قلق الرئيس جو بايدن من ارتفاع أسعار البنزين وآثاره المترتبة على التضخم الاقتصادي الأميركي. إذ تتناقض قرارته الأخيرة بزيادة الإنتاج النفطي مع قرارته في أوائل عهده قبل سنة تقريباً، عندما اتخذت إدارته قرارات عدة تؤدي إلى تخفيض إنتاج النفط في الولايات المتحدة لأجل تصفير الانبعاثات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ارتفاع أسعار النفط بسبب الصراع الأوكراني ارتفاع أسعار النفط بسبب الصراع الأوكراني



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon