«السير على الطريق المرسوم سيصل بك إلى حيث يوجد الآخرون».. وبالتالى إذا أردنا إحداث طفرة فى حياتنا فعلينا بالتغيير، والخروج عن المألوف، والتمرد على الواقع بهدف صناعة الحلم.
هذه الفلسفة تحتاج إلى قوة كبيرة تقف خلفها، وهذه القوة لا توجد إلا فى الشباب، الذين يستطيعون فعل أى شىء حتى ولو خرج عن قواعد المنطق، ولم تتقبله حسابات الواقع.
فتلك القوة عادة ما يكون لديها حسابات خاصة، ومعايير مختلفة لقياس الأمور، وهو ما يؤهلها لقيادة أى تغيير فى أى مجتمع، وتحقيق نتائج عظيمة فى أوقات قياسية.
وتمتلك مصر شباباً يمثلون 50% تقريباً من إجمالى عدد السكان الذى تخطى حاجز 100 مليون مصرى يحلم بالتقدم والرخاء، وصناعة تجربة تقدم حقيقية تضع مصر بجانب نمور آسيا، وعظماء أوروبا، والعملاق الأمريكى.
وبقراءة الواقع فقد نجحت الدولة فى أن تحول «حلم التقدم» إلى «رؤية» وتترجم أهداف التنمية إلى خطط عمل لها جداول زمنية محددة، حتى يمكننا أن نحدد «أين نقف الآن؟» و«إلى أين نتجه؟».
وتمكنت القيادة السياسية من إعادة الشباب إلى دائرة صنع القرار، ومواقع التأثير، حتى يشعروا بمستوى المسئولية الكبيرة الذين يتحملونها، ومستوى الآمال الضخم الذى ينشده منهم الجميع.
ومنتدى شباب العالم المنعقد حالياً على أرض السلام مدينة شرم الشيخ، أكبر دليل على تجاوب الشباب المصرى مع الدولة، وتفهمه لطبيعة المرحلة الحالية التى نمر بها ومتطلباتها الحقيقية.
وقد نجح خريجو البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة فى الإعداد للمنتدى بشكل ممتاز، وجعله نموذجاً يمكن الاسترشاد به فى باقى المؤتمرات التى تناقش قضايا الشباب حول العالم، كما يمكن أن يتم انعقاد هذا المنتدى فى أقاليم مختلفة حول العالم، على غرار المنتديات العالمية التى تستقبلها دول مختلفة وتناقش نفس القضايا والمفاهيم.
كما أن استقطاب هذا المنتدى العالمى لشباب من نحو 112 جنسية، يمثل فرصة قوية لتعزيز تبادل الخبرات بين الشباب، وتكوين رؤى مشتركة للتعامل مع مختلف القضايا التى يمر بها العالم حالياً، وبالطبع سيخدم تعدد الثقافات والخلفيات فى تكوين حلول مبتكرة، قد تصلح لتغيير شكل الحياة على وجه الأرض، فى ظل التحديات الضخمة التى يمر بها الجميع.
وأرى أن الدولة المصرية بكامل أجهزتها تعمل من أجل تعزيز مشاركة الشباب فى الحياة الاقتصادية والسياسية، وتمكينهم من لعب دور قيادى فى تجربة التنمية، كما أتصور أن الشباب هم الآخرون مطالبون ببذل المزيد من الجهد، حتى يساندوا هذا الوطن فى مسيرته، ويحققوا أحلام الـ100 مليون مصرى.
أعلم أن انخفاض أداء المنظومة التعليمية فى مصر تحدٍ يواجه الشباب، وأعلم أن الإمكانيات التدريبية محدودة، ولكننى أثق فى قدرة شباب مصر فى التغلب على هذه التحديات، والاعتماد على أدوات جديدة تخفض الفجوة بين دراستهم ومستوى المهارات المطلوب فى سوق العمل.
أعلم أن الوظائف الحكومية انعدمت، وأغلب وظائف القطاع الخاص ما زالت تحدد أجوراً لا ترضى الطموحات، ولكننى أثق فى قدرة الشباب على اتباع مفاهيم العمل الحر، وابتكار مشروعات وأفكار ريادية جديدة، تسهم فى ظهور جيل جديد من المستثمرين، ونوعية جديدة من الشركات التى تستخدم التكنولوجيا فى تيسير كل تعاملات البشر، وتغيير كل مظاهر الحياة التقليدية.
وفى ظل كل التحديات التى يواجهها الشباب، لا يمكننا إنكار الفرص المتاحة أمامهم، خاصة على صعيد فرصهم فى الحصول على تمويل بعائد منخفض فى ظل مبادرة البنك المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واستعداد جهاز تنمية المشروعات لدعم الشركات الناشئة، فضلاً عن الأفكار التى طبقتها وزارة الاستثمار بهدف دعم رواد الأعمال وأصحاب الأفكار الحديثة.. كل هذا يأتى إلى جوار البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، وغيرها من المبادرات التى تجد رعاية مباشرة من القيادة السياسية ويتم تنفيذها وفق أفضل المعايير الدولية.
التقدم لن يحدث إلا بتضافر الجميع، صاحب الخبرة يفكر أكثر، وصاحب المجهود يعمل أكثر، الابن يبتكر والأب يشجعه، الموظف يلتزم والحكومة تكافئه، القيادة ترسم الطريق، والجميع يمضى فيه، هدف واحد.. وطن واحد.. مصير واحد.
نقلا عن الوطن القاهرية