توقيت القاهرة المحلي 00:05:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بطالة الـ 6 ساعات!

  مصر اليوم -

بطالة الـ 6 ساعات

بقلم - دينا عبد الفتاح

يبدو أن الدولة برغم الظروف الصعبة التى تمر بها، والمرحلة الفاصلة التى تعيشها تحت شعار «أكون أو لا أكون»، لم تفطن بعد لمشكلة الـ 6 ساعات التى حددتها لعمل موظفى الدولة يومياً، ولمدة خمس أيام فقط فى الأسبوع، الأمر الذى يفقد الجماهير حقوقهم فى إتاحة الخدمات الحكومية لفترة أطول، حتى يتمكنوا من الحصول عليها، دون الاصطفاف من التاسعة صباحاً أمام «شبابيك» السادة الموظفين، لكى يتلاشوا عبارة «مواعيد العمل انتهت يا أستاذ.. عدى علينا بكرة»!

الدولة اليوم فى ظل الحراك الاقتصادى الكبير الذى تشهده وظروفها المالية الصعبة عليها أن تكثف من العمل والإنتاج، وأن تثبت للعالم أجمع أن خطة التنمية هذه المرة لن تكون «حبر على ورق» أو «دوسيه» فى مكتب مسئول لا يفتحه إلا عند قرائته على المشاهدين أو للقراء فى وسائل الإعلام المختلفة.

وعلينا أن نعترف بأن هذا الأمر فى حاجة ماسة لمعالجة جذرية، فالوضع أصبح فى غاية الصعوبة فى ظل تعدد إجازات العاملين بالدولة، ناهيك عن انخفاض مستوى الإنتاجية وتفشى ظاهرة البطالة المقنعة بين المصالح الحكومية المختلفة.

تشير احصائيات 2018 أن العاملين بالدولة على موعد مع 16 يوم إجازة رسمية للمناسبات المختلفة، يضاف إليهم 96 يوماً إجازة الجمعة والسبت أسبوعياً، و21 يوماً إجازة اعتيادية «كحد أدنى» و7 أيام إجازات عارضة لكل موظف، فيصل بذلك إجمالى أيام العطلات المستحقة للعامل فى الدولة لنحو 140 يوماً تمثل 39% تقريباً من إجمالى أيام السنة، ونحو 58% تقريباً من إجمالى أيام العمل السنوية البالغة حوالى 220 يوماً؛ وهنا أتسائل متى سنعمل؟، خاصة لو تطرقنا لبعض الثغرات القانونية التى قد تمكن العامل من الحصول على إجازات إضافية مثل «الإجازة المرضية» على سبيل المثال.

وبحسابات الساعات نجد أن الموظف المصرى يعمل حوالى 1320 ساعة بعد استيفاء كافة إجازاته المقررة قانوناً مقابل 1900 ساعة للموظف اليابانى، و2163 ساعة للموظف فى كوريا الجنوبية، و2036 ساعة للموظف اليونانى، و1788 ساعة للموظف الأمريكى، فأيهما أحق بالعمل لفترة أطول، الموظف فى دولة نامية ترغب فى التقدم، أم الموظف فى دولة متقدمة حققت بالفعل حلم الرخاء والرفاهية!

لابد أن نواجه أنفسنا بحقيقة واضحة وضوح الشمس وهى أن الدولة فى ظل ظروفها الاقتصادية الصعبة على مدار الفترة الماضية كانت تمتلك ما يكفى من المبررات لتسريح عدد كبير من عمالتها، نتجية تضخم قيم الرواتب الحكومية فى الموازنة العامة للدولة وتخطيها حاجز الـ 240 مليار جنيه فى موازنة العام المالى الحالى، خاصة مع محدودية الموارد المالية المتاحة لتمويل هذا العجز سواء من الداخل أو الخارج، ولكنها لم تقترب لأى من العاملين أو تحجّم مستويات الرواتب بل أبقت على الزيادات السنوية التى يكفلها القانون، واعتبرت أن هذا الاتجاه يدعم العدالة الاجتماعية ويمنع من تشرد العديد من الأسر.

لكن فى المقابل لم يواجه ذلك اهتمام مناظر من الموظفين، الذين اعتبر الكثير منهم أن «الراتب الحكومى» عبارة عن منحة من الدولة ليس من الضرورى أن يناظره العمل، وهنا انهار مفهوم الإنتاج الحقيقى، واعتاد الكثير من الموظفين على تقسيم أوقاتهم فى العمل بين «الفطار» و«الصلاة» و«الكلام فى الكورة والسياسة»، دون الوفاء بحق الدولة التى لم تقترب من حقوقهم، ولا حق المواطن الذى تحمل من دخله رواتب هؤلاء الموظفين من خلال الضرائب التى يسددها للدولة بصفة دورية.

مشكلة العمل فى مصر وخاصة العمل الحكومى هى مشكلة ثقافة لابد أن تضعها القيادة السياسية على رأس أولوياتها ولابد أن تكون الشغل الشاغل خلال الفترة المقبلة، فتركها وفقدان الأمل فى تصويب أوضاع الموظفين الحاليين يؤدى لتدهور أوضاع هذا الملف إلى الأبد، فالموظف الجديد حتى وإن كانت أفكاره مختلفة فعندما يدخل هذه البيئة فسيتأثر بها أكثر مما سيؤثر فيها، وسيرث الجديد أفكار من سبقوه، وسنظل نحن لدينا ألف مشكلة ومشكلة فى حجم الإنجاز، وإنهاء تراخيص وموافقات الاستثمار، والوفاء بخدمات الجمهور، وتطبيق منظومة سليمة تحجم من الفساد وتضمن الكفاءة والجودة فى الأداء.

المدن الجديدة فى مصر وخاصة العاصمة الإدارية الجديدة والجيل الحديث من المدن لابد وأن تدار بعقول وأفكار مختلفة، فبكل صراحة لو نقلنا إلى تلك المدن الحديثة نفس العقول والأفكار القديمة، فحتماً ستتحول «العاصمة الجديدة» إلى «وسط القاهرة» بازدحامه وزخمه الرهيب، وستتحول «العلمين الجديدة» و«بورسعيد الجديدة» و«دمياط الجديدة» إلى مناطق عشوائية لن تفرق شيئاً عن العشوائيات التى ننفق عليها المليارات حالياً من أجل تطويرها.

لابد من صياغة خطة واضحة لمعالجة هذه الأزمة فى ضوء العديد من المقتراحات الموجودة على الساحة ومن ضمنها أن يتحول نظام العمل فى الدولة لنظام «الفترتين» بدلاً من الفترة الواحدة، لتخفيف الزحام المتواصل الذى يضيع أوقاتنا جميعاً، وحتى تتاح الخدمات لوقت أطول، ويتمكن كل فرد من التواصل مع مراكز الخدمة الحكومية المختلفة لقضاء احتياجاته دون الحاجة للحصول على إجازة من عمله ليوم أو أكثر.

سيضمن هذا النظام أداءاً أفضل للرقابة الحكومية على الموظفين، ويساهم فى تحسين كفاءة وجودة العمل، وضمان تيسيرات حقيقية للشركات فى إنهاء كافة الإجراءات التى تمثل المعوق الأكبر فى تواجدها بالسوق المصرى، فمع احترامى لمؤشرات «الديمقراطية» و»الحرية السياسية» وغيرها من المؤشرات التى يشغل ترتيب مصر فيها الرأى العام لفترات طويلة، فالمستثمر يهمه بشكل أكبر مؤشرات «الفساد الإداري» ومدى قدرته على إنجاز أوراقه وتراخيصه فى وقت قياسى، أكثر من اهتمامه بشكل نظام الحكم، وطبيعة المتنافسين عليه، بدليل أن الصين أحد أكثر البلاد ديكتاتورية على مستوى العالم، وتعد الموطن الأول للاستثمار الأجنبى عالمياً.

نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بطالة الـ 6 ساعات بطالة الـ 6 ساعات



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
  مصر اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
  مصر اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 05:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
  مصر اليوم - بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة

GMT 05:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 12:09 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد
  مصر اليوم - نانسي عجرم تشوق جمهورها لعمل فني جديد

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
  مصر اليوم - غوغل تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 00:26 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

موعد نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والزمالك

GMT 07:19 2020 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الخميس 8 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 05:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير مكرونة باردة بالجمبري

GMT 05:32 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير عصير الليمون باللبن

GMT 23:50 2020 الأربعاء ,23 أيلول / سبتمبر

انخفاض سعر نفط خام القياس العالمي

GMT 23:25 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 19:23 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

منال سلامة تكشف كواليس تعرضها لحادث مميت

GMT 23:49 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020

GMT 16:49 2020 السبت ,12 أيلول / سبتمبر

مقتل شخصين في تحطم طائرة قرب مطار لوس أنجلوس

GMT 04:59 2020 الأحد ,07 حزيران / يونيو

أحمد وفيق يحدد الجيل الذي احتفل بـ"النهاية"

GMT 14:22 2020 الجمعة ,22 أيار / مايو

أسعار الدواجن في مصر اليوم الجمعة 22 مايو

GMT 20:28 2020 السبت ,11 إبريل / نيسان

الهند تسجل 1035 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon