توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواجهة الحقيقة!

  مصر اليوم -

مواجهة الحقيقة

بقلم - دينا عبد الفتاح

حقيقة على الجميع أن يواجهها وهى أن أسعار الوقود والكهرباء ستشهد زيادة لا محالة، نتيجة لصعود أسعار النفط عالميا، واتساع فجوة الدعم الحكومى بما يهدد بعجز متفاقم فى موازنة الدولة.

الحكومة لا تملك سيناريو بديل عن زيادة أسعار الوقود، الرفا��ية المالية المطلوبة لاستمرار الدعم بهذا المستوى غير متوفرة، كما أن التزامنا بتطبيق برنامج إصلاحى وطنى منضبط مع المؤسسات الدولية، وخاصة صندوق النقد الدولى يحتم علينا عدم إرجاء أية قرارات تتعلق بمصير السلامة المالية فى الاقتصاد.

وبالتالى فنحن أمام «أمر واقع» لابد أن نتعامل معه بشكل سريع، ولا نترك الأمر للمفاجآت التى اعتدنا عليها خلال الفترة الماضية.

كلٌ منا عليه أن يعيد ترتيب أولوياته فى الإنفاق من ناحية، ويخفض من استهلاكه قدر الإمكان من ناحية أخرى، إلى جانب ضرورة تكثيف البحث عن مصادر دخل إضافية أو زيادة دخله، حتى يستطيع التأقلم مع مستويات الأسعار الجديدة، سواء فيما يتعلق بالوقود تحديدا أو بمختلف السلع التى ستتأثر بزيادته.

المواطن مطالب بأن يكون أكثر كفاءة فى إدارة دخله خلال الفترة المقبلة، فلا ينبغى أن يلتزم بأقساط مالية تؤثر على قدرته المعيشية فى المستقبل، ولا ينبغ�� أن يرسم حدود نفقاته فى ظل مستويات الأسعار السائدة التى لا تعبر عن التكلفة الحقيقية لتلك السلع.

وعلى الرغم من صعوبة الموقف، وارتفاع التكلفة التى سيدفعها كل منا خاصة أهل الطبقة الفقيرة والمتوسطة إلا أنها تمثل السبيل الوحيد نحو المرور إلى مستقبل أفضل، وتحسين مؤشرات أداء الاقتصاد وتوفير المزيد من فرص العمل والإنتاج.

وعلينا جميعا أن ندرك أن جميع الدول المتقدمة التى نشير إليها الآن ونقارن أنفسنا بها بعبارات «ليه مانكونش زى ألمانيا أو اليابان أو أمريكا»، مرت بنفس الظروف الصعبة التى نمر بها نحن الآن، وطبقت إجراءات أكثر صعوبة من تلك التى نطبقها نحن حاليا.

فتلك الدول لم تبدأ تجربتها التنموية فى ظروف أفضل من الظروف التى نمر بها، بل كانت ظروف أسوأ بمراحل، نتيجة خروج هذه الدول من الحرب مُدمرة ومفتقدة لكافة مواردها وقدرتها على الصمود أمام المجاعات والصراعات الأهلية التى نشبت بداخلها.

بينما نحن نبدأ تجربة تنموية حقيقية فى ظل ظروف أفضل تشير إلى استقرار سياسى وأمنى كبير، وتحسن سريع فى أداء الاقتصاد وفى مؤشرات استجابته لجهود الإصلاح.

وهذا يدل أن الإجراءات التى تطبقها مصر حاليا من أجل الإصلاح المالى والهيكلى هى أقل حدة من الإجراءات التى طبقتها دول أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال.

السبب الرئيسى فى نجاح تلك الدول فى بلوغ أهدافها التنموية، وتحسين المستوى المعيشى لمواطنيها هو تفاعل المواطنين مع الحكومة، والإجماع على هدف واحد وهو تحقيق الصالح العام وتغليب مصلحة الأمة على مصلحة الفرد، فتشارك الجميع فى تحمل تكلفة الإصلاح، وتشاركوا أيضا فى الروح المقاتلة التى تضحى وتبنى وتتطور بدون توقف أو كسل.

ولكى نصبح فى مصر نموذجا مثل تلك النماذج العالمية الناجحة، على الحكومة أن تُحدِث من خططها المستقبلية باستمرار، وأن تراجعها لتتأقلم مع الم��غيرات الجديدة التى تطرأ، وأن تصارح الشعب مصارحة تامة بمستقبل تلك الخطط والقرارات المتوقعة فى ضوئها.

وذلك حتى تقيد من الشائعات التى أصبحت بمثابة لغة سائدة بين جموع الشعب، وذلك نتيجة صمت من بيده التأكيد أو النفى فى كثير من الحالات.

وهنا يستغل أصحاب النفوس الضعيفة هذا الصمت فى وصف الإصلاح بأبشع العبارات، والتقليل من قوة الاقتصاد، وبث روح السلبية واليأس فى قلوب الشباب، حتى يتوقفوا عن الابتكار والعمل.

وينبغى أيضا أن تقوم الحكومة بتكثيف الدعم بالنسبة للطبقات الفقيرة، مع كفالة دعم بنسب معينة للطبقة المتوسطة التى تشارك هى الأخرى بشكل كبير فى تحمل تكلفة الإصلاح، دون أن يناظر هذه التكلفة زيادة بنفس النسبة فى الدخول.

والأهم من وجهة نظرى من إجراءات الحماية الاجتماعية، هو الرقابة المشددة على الأسواق؛ لضمان عدم مبالغة التجار والبائعين فى زيادات أسعار السلع مع كل زيادة فى أ��عار الوقود.

المواطن هو الآخر مطالبٌ بدور رئيسى لدعم خطط الإصلاح وتقييد الآثار السلبية الناجمة عنها، أهمها العمل المكثف والمستمر، والتحوّل للإنتاج والتفاؤل من حالة الكسل واليأس.

ومراجعة جدول الاستهلاك بشكل مستمر، وزيادة الاعتماد على المواصلات العامة كبديل للسيارات الخاصة التى تستنزف جزءا كبيرا من ميزانية المواطن مع كل زيادة فى أسعار الوقود.

هذا هو الحال فى كل دول أوروبا، فأبناء الطبقة المتوسطة يستخدمون المواصلات العامة، ويتنقلون بين العمل والمنزل بدراجاتهم، ويوفرون بشكل كبير من استهلاكهم لأغلب السلع التى تُصنف ضمن سلع الرفاهية أو الكمالية. وذلك لصالح تدبير احتياجاتهم الأساسية، وإدخار جزء من دخولهم للمستقبل.

الخلاصة أن المركب انطلقت وجميعنا بداخلها، فإما أن نصل للبر بتحقيق التنمية الاقتصادية السريعة والمبنية على أسس هيكلية صحيحة تضمن استدامتها، وهو الهدف المطلوب، أو أن نغرق جميعاً ولا يصل أحد!

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة الحقيقة مواجهة الحقيقة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon