«Bravo.. وزارة السياحة».. هكذا ينبغى أن نوجه الشكر لمن يستحقه، وبالتحديد الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، وكل العاملين تحت قيادتها، بعد أن نجحت الوزارة فى تحقيق نقلة نوعية فى أداء القطاع، خلال العامين الماضيين، وبالتحديد خلال العام المالى الأخير 2018/ 2019، الذى كسرت فيه السياحة المصرية ولأول مرة أرقام عام 2010.
وذلك بعد أن سجّلت إيرادات القطاع 12.6 مليار دولار، مقابل 9.8 مليار دولار فى العام المالى السابق عليه، بنمو كبير بلغ 29% تقريباً.
وتخطت بذلك إيرادات القطاع مستوى الإيرادات التاريخى الذى تم تحقيقه فى العام المالى 2009/ 2010 عندما بلغت 11.6 مليار دولار.. وهو الرقم الذى لم تنجح السياحة المصرية فى تحقيقه أو الاقتراب منه على مدار 8 سنوات كاملة.
«لكل مجتهد نصيب».. وهذا ما تحقّق بالفعل فى نتيجة العمل المكثّف الذى قامت به وزيرة السياحة وفريق العاملين معها، بدءاً من الوجود الخارجى المكثف، واستهداف أسواق سياحية جديدة فى مناطق مختلفة، لتغطية العجز الذى نتج عن الانخفاض النسبى فى أعداد السياح الوافدين من بعض الدول، بالإضافة إلى استقدام شخصيات عالمية بارزة لمصر، وتعزيز سياحة المؤتمرات، وتوفير المناخ الجيّد لاستقبال أكبر المعارض والمؤتمرات العالمية.
هذا النموذج هو الذى نود رؤيته بمختلف القطاعات الاقتصادية فى مصر، وأن نكسر جميع الأرقام القياسية التى تحقّقت فى السابق، ونقود هذه القطاعات لتحقيق طفرات سريعة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تطبيق الدولة لبرنامج إصلاح وطنى، وتنفيذ مشروعات قومية للبنية التحتية وتحفيز الاستثمار، فضلاً عن الاستقرار الأمنى والسياسى الذى يضعنا على رأس دول المنطقة الموجودة على خريطة الاستثمار والتجارة العالمية.
الدولة تعلم جيداً أهمية المرحلة الحالية والقيادة السياسية وضعت مستهدفات شديدة التفاؤل للمستقبل، وذلك لإيمانها بأن الوضع الراهن للاقتصاد المصرى يؤهله لتحقيق تلك المستهدفات فى المستقبل، فالحديث عن استهداف رفع النمو إلى 8% فى 2022 و12% فى 2030 وتخفيض البطالة لأقل من 5%، وزيادة معدلات الاستثمار إلى 30%، وتخفيض معدلات الفقر للحد الأدنى، هى مستهدفات تُعبّر عن قيادة تعلم جيداً إلى أين تتجه، وكيف ستصل؟
الدول التى تسعى للتقدّم لا بد أن تكون مستهدفاتها على هذا النحو، ولا بد أن تكون آليات التنفيذ هى شاغلها الأول، ولا بد كذلك أن تعلم كل الجهات والهيئات أن هذه المستهدفات وُضعت لكى يتم تحقيقها، وأنه لا مجال للتأخر أو التهاون فى العمل والإنتاج والتطوير، لأن هذه الفرصة الذهبية التى تمتلكها مصر فى النمو والاستثمار.. قد لا تتكرّر بسهولة خلال عقود قادمة.. إذا لم ننجح فى استغلالها بالشكل الأمثل الآن.
«القطاع الخاص.. القطاع الخاص».. نؤكد دائماً أننا لن نستطيع تحقيق طفرات اقتصادية كبيرة خلال الفترة المقبلة، بالاعتماد على مشروعات الدولة، ولا بد أن تتّسع أعمال هذا القطاع بشقيه المحلى والأجنبى فى مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية.
فما زالت معدلات نمو هذا القطاع، ونمو نسب مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى بطيئة للغاية، حيث سجّلت مساهمته فى الاقتصاد خلال العام المالى الماضى 69.8%، مقابل 69.4% فى العام المالى 2017/ 2018.
وجاءت مساهمة القطاع العام بنحو 30.2% فى العام المالى الماضى، مقابل 30.6% فى العام المالى السابق عليه.
وبهذا سجّل القطاع الخاص نمواً بطيئاً فى مساهمته الاقتصادية فى مصر، بما يتطلب دعم الدولة للقطاع وتعزيز الفرص المتاحة أمامه خلال الفترة المقبلة.
فلا بد أن تتّسع مساهمة القطاع فى الاقتصاد لأكثر من 85% خلال الفترة المقبلة، ويمكن أن نُحقق ذلك من خلال عدة آليات أهمها تشجيع القطاع الخدمى، الذى يتسم بانخفاض نسبى فى حجم الاستثمار مقابل الإنتاج، وعدم حاجته إلى سنوات طويلة لبناء المنشآت، كما هو الحال فى الصناعة.
ودعم المستثمرين وأصحاب المشروعات الصغيرة فى تنفيذ خططهم التوسّعية، خاصة مع تراجع أسعار الفائدة بنحو 350 نقطة أساس فى آخر 3 اجتماعات للجنة السياسة النقدية للبنك المركزى.
كما ينبغى التوسّع فى تمويل مشروعات ريادة الأعمال والشركات الناشئة القائمة على الابتكار والتكنولوجيا، باعتبارها أهم القاطرات التنموية فى العالم حالياً، وأحد مظاهر الاقتصاد الجديد الذى يتحكم فى العالم أجمع.
يأتى هذا بالإضافة إلى ضرورة مراجعة كل المعوقات الاستثمارية والتشغيلية فى القطاعات المختلفة وحلها بحلول جذرية، بعيدة عن سياسة المسكنات، والتوسع فى الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر، مع تركيز الترويج على أقاليم جغرافية معينة تصلح لجذب استثمارات منها خلال المرحلة الراهنة، خاصة السوق البريطانية والأمريكية والصينية.
وقد يهمك أيضًا:
مصر التى كانت.. ومصر اليوم!
عيد العلم.. وتطور فكر الدولة!