توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«العقد النفسى مع الوطن»

  مصر اليوم -

«العقد النفسى مع الوطن»

بقلم - دينا عبد الفتاح

سؤال طرحتُه على نفسى كثيراً وما زلت أبحث له عن إجابة: «هل يوجد عقد نفسى بين المواطن المصرى والوطن مصر؟».. تتكرر هذه الكلمات فى ذهنى كلما مررت على مشاهد بعينها وعشرات المظاهر التى تجعلنى أكرر فى نفسى: هل يوجد لدينا بالمعنى الحقيقى شعور بالانتماء لهذا الوطن؟

وهنا نحن لا نتحدث عن الانتماء الذى نؤكده جميعاً على مستوى الإدلاء الدائم بشهادات حب الوطن والتفانى من أجله، ولكننى هنا أتناول الانتماء بتوصيفه الفعلى، والذى أقصد به التعاقد النفسى الذى يصعب كسره أو عدم الالتزام به.. دعونا نستعرض معاً بعض هذه المشاهد ونجيب عن هذا التساؤل.

1 - هل يشعر الموظف الذى يُعرقل أداء الخدمات للمواطنين ويشترط الحصول على إكرامية لإنهاء الأمور بسلاسة وبدون تعطيل، بالانتماء للوطن؟

2- المدرس الذى يُجبر جميع طلابه على الالتحاق بالمجموعات الخاصة لتحصيل العلم لتبقى الفصول الدراسية مكاناً للحجز أو الحوارات التافهة التى لا تتعلق بتحصيل المعلومة أو تثقيف مواطن المستقبل، كيف يبرر هذا المواطن لنفسه ما يفعله تجاه الوطن؟

3- الطبيب الذى يجرى الجراحات فى كثير من الأحيان إما بإهمال شديد تاركاً فى جسد المريض بعض آلاته أو محدثاً ضرراً بالغاً لا يفصح عنه ليخرج الشخص جثة يتلقاها الأهل فى اندهاش، أو مبالغته فى أجر الكشف ليصل فى بعض الأحيان إلى 1000 جنيه، وقوائم انتظار بالساعات دون دفع الضرائب أو حتى إثبات دخله، ما هو نوع التعاقد النفسى الذى يلتزم به صاحب أرقى المهن الإنسانية فى هذه الحالات تجاه وطنه؟

4- قائد السيارة الفارهة الذى يفتح نافذته ليلقى بكل مخلفات السيارة فى الشوارع الرئيسية والفرعية بلا أى حرج، هل يشعر هذا الإنسان الذى من المفترض أنه من أصحاب الدخول المرتفعة ومن المفترض أيضاً أنه يمتلك من الثقافة والمسئولية ما يجعله يتصرف بشكل آدمى ممنهج؛ هل يشعر بأى مسئولية تجاه أفعاله؟

5- الممرضة التى تتجول بين غرف المرضى للحصول على إكراميات وكأنها أحد المتسولين فى شوارع المدينة الذين لا يتوقفون طوال الوقت عن إزعاج المارة أو راكبى السيارات، هل تحترم هذه الإنسانة الوصف المفترض أن تحمله بأنها من بين «ملائكة الرحمة»؟

6- سائقو المركبات العامة الذين يتعاطون المخدرات ويعرضون حياة المئات بل الآلاف للخطر بلا أى إحساس بالذنب أو الخطأ، هل يوجد ميثاق شرف أو تعاقد مهنى ينظم أداء هؤلاء؟

7- العامل الذى يذهب إلى مكان عمله كلما احتاج إلى المال وينقطع بلا مبرر ويعود بدون إبداء أسباب وكأنه أمر واقع مفروض على صاحب العمل غير مكترث بخطة إنتاج أو جدول عمل، هل يعنى هذا الشخص ترديده الدائم لعبارات حب الوطن والتفانى من أجله؟

8- موظفو الحكومة الذين يستغلون وقت العمل فى إنهاء أعمالهم المنزلية كالطهى أو الحياكة، أو الاتجار مع باقى الزملاء، أو تخليص المصالح الشخصية، أيدرك هؤلاء ما يكبدونه للوطن من أعباء؟ ومع هذا لم يكل بهم الوطن يومياً أو يخذلهم.

9- حارس المقابر الذى يقوم ببيع الجثث بمجرد الانتهاء من مراسم الدفن مقابل بضع مئات من الجنيهات ليخترق حُرمة الموتى ويخون الأمانة بأبخس ثمن، هل يمتلك هذا أى تعاقد نفسى أو معنوى؟

10- التاجر الجشع الذى يأبى أن يبيع سلعة بأقل من 100% ربحاً أو أكثر فى ظل ظروف استثنائية فى حياة المواطنين والوطن تحتاج للتكافل والتآخى الحقيقى، هل يدرك هذا التاجر مفهوم التآخى والتكافل وعدم استغلال الظروف الصعبة مع أهل بلده ووطنه؟

11- الصنايعى النصاب سواء فى التسعيرة المبالغ فيها أو ادّعاء المعرفة فى ما لا يملكه من علم ليبيع الوهم مقابل جنيهات عزيزة على أصحابها فى وقت تضاعفت فيه الضغوط فى ظل محاولة إصلاح حقيقية للأوضاع، فى هذه الحالة أعتقد أن التساؤل لا فائدة منه. وأخيراً وليس آخراً، لأن هذه المشاهد تحتاج لمجلدات لحصرها والتحدث عنها باستفاضة ودهشة فى الآن ذاته، التاجر الذى يقبل على نفسه وضميره أن يغش فى الميزان ويغش فى السلع بلا أى ضمير ولا أخلاق، والمستثمر الذى يحصل على قروض البنوك بأسعار مخفضة ويحقق الأرباح الخيالية ويتهرب من الضرائب ويعمل بعدة موازنات كل منها لغرض لعدم إعطاء الدولة حقها فى ربحه.

بعد سرد هذه المشاهد أطرح السؤال بطريقة أخرى: ألا توجد دوافع تستحق الانتماء لهذا الوطن، ألا يوجد هدف للأفراد يتحدوا عليه لإنجاز عمل بكفاءة عالية أو لحل المشاكل لتيسير الحياة، ألا يوجد أى تشابه أو مشاعر أو علاقات تجعل هؤلاء الناس يشعرون ببعضهم البعض فيقومون بأداء الصواب والحق. لماذا لا يشعر الناس بأهمية جماعية الموقف لمواجهة المخاطر، لماذا غاب الإحساس بإمكانية تحقيق الأهداف من خلال احترام القيم والمعايير الاجتماعية المنضبطة، لماذا لم يعد الإحساس بالتقدير والعرفان مشبعاً للمواطنين ودافعاً لمزيد من التفانى من أجل تقديم الأمور كما ينبغى أن تكون، وليس كما نحبها أن تخدم مصالحنا ولو على حساب الآخرين. هل فقدنا الإحساس بالجاذبية تجاه إرضاء بعضنا البعض، هل بلغنا من الانعزال والإذعان للضغوط ما جعلنا، دون أن ندرى، نفسخ التعاقد النفسى بيننا وبين الوطن (مصر)؟.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«العقد النفسى مع الوطن» «العقد النفسى مع الوطن»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon