توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا عادت الواردات للتزايد؟!

  مصر اليوم -

لماذا عادت الواردات للتزايد

بقلم - دينا عبد الفتاح

مع انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر عام 2016، واتخاذ القرار الجرىء بتحرير أسعار الصرف، الذى ترتب عليه تراجع قيمة الجنيه بأكثر من 100%، بدأت الواردات فى التراجع، وسجلت نسبة تراجعها 24% فى أول 6 أشهر عقب القرار، وذلك فى انعكاس مباشر لارتفاع أسعار الواردات فى السوق المحلية، وتفضيل المستهلكين للمنتجات الوطنية.

وهنا اتّسعت فرص بيع المصانع المحلية، وتوقعنا طفرة صناعية مرتقبة مدعومة بتمكين المنتجات الوطنية فى السوق المحلية بعد ارتفاع أسعار الواردات، وتمكينها فى السوق العالمية بعد ارتفاع سعر الدولار.

وبالفعل تحسّنت الصادرات المصرية وارتفعت بنحو 14% فى أعقاب تحرير سعر الصرف، وزادت مبيعات الشركات الصناعية فى السوق المحلية بنحو 20%، وانخفض العجز فى الميزان التجارى بنحو 25%.

وبعد مرور عامين على قرار تحرير أسعار الصرف، وبدء خطة الإصلاح، عادت الواردات للارتفاع مرة أخرى، حيث سجلت زيادة بنحو 13% خلال الشهور الستة الماضية، وسجلت نسبة الزيادة ذروتها فى أكتوبر 2018 بنحو 21% وبفاتورة استيراد بلغت 7 مليارات دولار فى شهر واحد فقط!

ظاهرة «زيادة الواردات» من الممكن أن تكون «ظاهرة صحّية» وتفيد الاقتصاد، لكن بشرط أن تكون البنود السلعية التى ارتفعت عبارة عن «سلع استثمارية أو إنتاجية»، أى آلات ومعدات، ومواد خام ووسيطة، تستخدم فى الإنتاج، ففى هذه الحالة تكون الزيادة انعكاساً طبيعياً لتطور الصناعة المحلية.

لكن الواقع يشير إلى أمر مخالف تماماً، حيث اقتصرت الزيادة فى فاتورة الواردات على السلع الاستهلاكية، التى لا تتعلق بالعملية الإنتاجية، ويعنى هذا أننا نستورد، ونستنزف العملة الأجنبية، بغرض الاستهلاك.

حيث ارتفعت واردات السلع المعمّرة، مثل الأجهزة الكهربائية بنحو 63% فى أول 10 شهور من 2018، وزادت واردات المحمول 80%، وزادت واردات سيارات الركوب بـ69%، وزادت واردات التليفزيونات والشاشات بنحو 112%.

ويُعد هذا التطور بمثابة أمر خطير للغاية، له أكثر من مدلول، علينا الانتباه إليها.

الأول يتعلق بتراجع الصناعة المحلية، وعدم قدرتها على توفير الاحتياجات الاستهلاكية للمواطنين، خاصة من السلع التى يتم إنتاجها أو تجميعها فى الداخل، وفشلها مرة أخرى أمام المنتجات المستورَدة، وهذا الأمر يتطلب من الدولة إعادة النظر فى أوضاع المصنّعين المحليين، وتكلفة الإنتاج الصناعى وجميع الأسباب التى من الممكن أن تلعب دوراً فى هذا التراجع.

الثانى يتعلق بالاختلاف عن العالم كله فى إدارة تجارتنا الخارجية، ففى الوقت الذى تمرّدت فيه كل الدول الكبرى على النظم واللوائح الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، وقواعد إدارة التجارة بين الدول واتّخذت سياسات مباشرة لحماية صناعتها المحلية من خلال فرض قيود جمركية وغير جمركية لتقييد الزيادة فى الواردات، ما زالت مصر سوقاً مفتوحة ترحب بكل «سلع العالم»، الرديئة قبل الجيّدة، والاستهلاكية قبل الاستثمارية!

وبالتالى، نحن مطالبون بإعادة النظر فى سياساتنا التجارية، وفرض قواعد جديدة لتقييد دخول المنتجات الأجنبية إلى أراضينا، على غرار ما تفعله الصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى حالياً، وفى الوقت ذاته نحن مطالبون بوضع قواعد جديدة لحماية المستهلك من استئثار الشركات المحلية بالسوق، وإمكانية استغلال ذلك فى تحريك الأسعار دون داعٍ.

الثالث يتعلق باستمرار تطور الغريزة الاستهلاكية لدى المصريين، وعدم التفهّم بشكل كامل لمتطلبات المرحلة الحالية، التى تفرض علينا جميعاً ترشيد الاستهلاك، وزيادة الإنتاج، من أجل دعم الاقتصاد وتحقيق الحلم المصرى فى التقدم والازدهار، خاصة بعد أن توافرت جميع مقومات هذا التقدم على أرض الواقع.

ويتطلب هذا الأمر أن يعيد كل منا النظر فى سلوكياته خاصة على صعيد ثقافة الاستهلاك، وأن نعتبر «التسوق» بمثابة أداة فعّالة لدعم الاقتصاد والصناعة الوطنية من خلال تفضيل المنتج المصرى، والتنازل، ولو مؤقتاً عن اقتناء جميع الكماليات التى لا نحتاج إليها.

نقلا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا عادت الواردات للتزايد لماذا عادت الواردات للتزايد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon