التقارير الدولية لا تجامل أحداً، ولا تتحدث عن نظريات، ولكنها تتحدث بلغة الأرقام التى لا تكذب، ولا تتجمل!
لذا بدأت الصورة فى مصر تتلون بالتفاؤل، نتيجة الإشادات العالمية المستمرة بالاقتصاد المصرى، والسياسات الحكومية المطبقة، وبتجربة التنمية التى انطلقت منذ عامين ونصف العام، وما زالت تحقق نتائج مبهرة على جميع المستويات.
ينقصنا بعض الأمور البسيطة لتعظيم عوائد هذه التجربة الرائدة، أهمها تحقيق زيادة أكبر فى رؤوس الأموال الوافدة للسوق المصرية بغرض الاستثمار المباشر، وزيادة تدفق السلع والخدمات المصرية للخارج من خلال سياسات فعالة لتشجيع الصادرات.
وعلينا أن نستغل التقارير الإيجابية التى صدرت عن مؤسسات عالمية خلال الفترة الماضية، ووضعت مصر فى مقدمة الأسواق الجاذبة للاستثمار، وأهمها التقرير الصادر عن «مورجان ستانلى» برفع توقعاته للعائد المحقق لمؤشر منطقة أفريقيا والشرق الأوسـط، بنسبة 6% خلال الـ11 شهراً المقبلة، مقابل 1% سابقاً، إضافة إلى رفع التوصية للسوق المصرية إلى «متعادلة»، على خلفية الإصلاحات الهيكلية، وارتفاع العوائد، وتحجيم المخاطر الناتجة عن العجز المزدوج للحساب الحالى وعجز الموازنة.
وكذا التقرير الصادر عن «بلومبرج» الذى كشف أن مصر صاحبة رابع أكبر عائد حقيقى على السندات فى العالم بنسبة 4.21%، تسبقها البرازيل بعائد حقيقى 5.19%، وإندونيسيا بـ4.42%، وجنوب أفريقيا بـ4.26%.
بالإضافة إلى التقرير الصادر عن بنك الاستثمار العالمى «جولدمان ساكس» الذى أكد أن الضغوط المالية والاقتصادية لمصر تم احتواؤها على المدى المتوسط، مشيراً إلى أن الضغوط التضخمية يسهل التعامل معها من خلال أدوات السياسة النقدية.
كل هذا الزخم وضع مصر فى مكانة متميزة على خريطة الاستثمارات العالمية، الأمر الذى يتطلب تكثيف الجهود الترويجية، خاصة بعد أن أثبتت خطة الترويج التى أعلنتها وزارة الاستثمار والتعاون الدولى فاعليتها فى جذب عدد كبير من الشركات للسوق المصرية، ويؤكد ذلك الأرقام التى كشفت عن زيادة الاستثمارات الأجنبية الوافدة للسوق المصرية بنحو 20% خلال العام الماضى، حيث حققت منظومة إدارة الاستثمار الأجنبى فى مصر نجاحاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، بما أهل مصر لاحتلال المرتبة الأولى فى الوجهات الأفضل للاستثمار المباشر فى أفريقيا وفقاً لتقرير رسمى صادر عن «الأونكتاد».
بالإضافة إلى إعلان «الكوميسا» عن احتلال مصر المرتبة الأولى فى الاستثمارات الأجنبية الوافدة لدول التجمع، حيث استحوذت مصر بمفردها على نحو 41% من هذه الاستثمارات الوافدة والتى بلغ إجماليها 18 مليار دولار تقريباً.
وهناك مجموعة من العوامل التى ينبغى أن ترتكز عليها الخطة الترويجية الخارجية للفرص الاستثمارية المتاحة فى مصر بخلاف التقارير الدولية المذكورة سابقاً.
العامل الأول يرتبط بنجاح مصر فى تفادى أزمة الأسواق الناشئة، الأمر الذى يعزز ثقة المستثمرين الدوليين فى السوق المصرية، بعد أن نجحت الحكومة فى اتخاذ التدابير الاحترازية التى كفلت حماية مصر من الآثار السلبية لهذه الأزمة، ووضعتها فى منطقة خضراء بالنسبة لتطلعات المستثمرين الذين يسعون لإعادة هيكلة وتوزيع استثماراتهم فى ضوء التداعيات التى نتجت عن هذه الأزمة.
العامل الثانى يرتبط بالاتفاقيات التجارية التى تمتلكها مصر مع مختلف الدول والتى تمكنها من إقامة علاقات تجارية تمتد من أقصى الكرة الأرضية إلى أدناها، وقد يتم الاستناد إلى هذه الميزة فى جذب مستثمرين من الصين والولايات المتحدة للاستثمار فى السوق المصرية، والتوجه منها للتصدير للسوقين الصينية والأمريكية دون التعرض للعقوبات التى نتجت عن الحرب التجارية المشتعلة بين البلدين.
العامل الثالث يرتبط برئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، وتزعمها للقارة السمراء خلال الفترة الماضية، وإطلاق الرئيس السيسى للعديد من المبادرات التى تستهدف دعم شعوب القارة، الأمر الذى يؤهل لجذب الكثير من الشركات العالمية لكى تتخذ من مصر مركزاً استراتيجياً لها فى القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط بالكامل.
العامل الرابع يرتبط بالمشروعات القومية التى يتم تنفيذها بوتيرة منتظمة حالياً، والتى أصبحت بؤراً مضيئة على خريطة الاستثمار العالمى، خاصة مشروع محور قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع