فى القرن 21، لا يمكنك بناء مجتمع متقدم، وهو منغلق على نفسه، يعتمد على التطوير من خلال آليات وأفكار قديمة، ويعمل بمعزل عن التطورات السريعة التى يشهدها العالم بين اللحظة والأخرى.
وبالتالى لا بد أن نكون متصلين بالعالم المحيط بنا، ونواكب كل المتغيرات فيه، ونتأقلم مع كل تحدياته، ونبادر لمواجهتها، حتى يمكننا احتلال مكانة مميزة على خريطة الاقتصاد العالمى، وتحقيق الحلم المصرى فى التنمية والتقدم والازدهار.
ومواكبة العالم ومتغيراته تأتى على عدة أصعدة، بدءاً بالتشريعات التى يجب أن يتم تحديثها بين الحين والآخر لتضمن حوافز جديدة، باتت مؤثرة عالمياً فى قرارات المستثمرين الدوليين، وتكون أكثر مرونة للتغيرات المحيطة، وتضمن أعلى مستويات الأمان والطمأنينة للمستثمرين الذين يعملون فى ظل بيئة عالمية شديدة التقلب يحتاجون فيها لضمانات واسعة لرؤوس أموالهم التى ما زالت تتصف بالجبن الشديد.
وهنا فى مصر، نجحنا بالفعل فى تحقيق طفرات كبيرة فى البيئة التشريعية الحاكمة للمعاملات الاقتصادية المختلفة، وبالتحديد حركات رؤوس الأموال والاستثمار، فعلى مدار الأيام الماضية أقر مجلس النواب عدداً من التعديلات الجوهرية المهمة بعدة قوانين ذات صلة مباشرة بالاقتصاد، أهمها قانون رقم 72 لسنة 2017 الخاص بتنظيم شئون الاستثمار، والقانون رقم 198 لسنة 2014 الخاص بالثروات التعدينية.
ورحب مجتمع الأعمال فى مصر بالتعديلات الجديدة، مؤكدين أنها جاءت لتلبى مطالب ملحة لشركاتهم ومؤسساتهم الاستثمارية على مدار السنوات الماضية.
وبعد تعديل القوانين، نحن بحاجة ملحة لصياغة الأطر التنفيذية التى يمكن الاستناد إليها فى تنفيذ هذه التعديلات التشريعية المهمة، وهى ما يطلق عليها اللوائح التنفيذية للقوانين، لأن «تطبيق ونفاذ القانون أهم من إقراره».
فى المقابل لن تحقق التعديلات التشريعية المختلفة التى عملت الدولة عليها طيلة السنوات الماضية المرجو منها، فى حالة عدم تطور الفكر الاستثمارى لرجال الأعمال، وأصحاب الشركات، فضلاً عن ضرورة ظهور جيل جديد حالم من المستثمرين، يتصف باقتناص الفرص، والاستثمار فى الأزمات، ومواكبة التكنولوجيا العالمية التى تتقدم كالصاروخ.
وهذا التطور الفكرى مطالب به أصحاب الأعمال أنفسهم، حتى يستطيعوا البقاء فى السوق والمنافسة فى ظل المتغيرات الجديدة التى باتت لا تحترم القواعد والقوانين الدولية، ولا تهتم بتعليمات المنظمات العالمية المعنية بشئون الاستثمار والتجارة وغيرها.
فالعالم اليوم فى حالة حرب اقتصادية بدون مبالغة، كل مستثمر يبحث لنفسه عن مخرج لتطوير أعماله، حتى لو تضرر من هذا المخرج المنافسون له، أو العاملون فى القطاعات الأخرى، أو المستهلكون أنفسهم!
فنرى اليوم شركات عالمية تعقد صفقات استحواذ أمام عيون الجميع بغرض القضاء على المنافسة فى بعض الأسواق، وشركات أخرى تمنح تمويلات مشروطة بتخارج منافسيها من الأسواق، وأخرى تتبع سياسات حرق الأسعار بهدف إحراج منافسيها، وتقديم ضربات قاضية لمراكزهم المالية.
كما نرى على مستوى الدول، الولايات المتحدة ترفع شعار «مصلحتى أولاً»، ولم تعبأ بتعليمات منظمة التجارة العالمية واتبعت سياسة تقييد تجارى كبيرة تجاه العديد من شركائها، وبدأت الصين ودول الاتحاد الأوروبى، واليابان يطبقون مبدأ المعاملة بالمثل، فضلاً عن الحروب الجديدة التى بدأت تظهر بين حكومات دول، وشركات دول أخرى بهدف حماية العلامات التجارية المحلية الخاصة بها.
وبالتالى فهذا المجتمع الدولى شديد التغير والاضطراب، لا بد أن يقابله مستثمر محلى يعلم جيداً كيف يستثمر، وكيف ينتج ويسوّق ويبيع؟
وكيف يمكنه العمل فى ظل هذه المنافسة الشرسة، التى باتت لا تحترم القواعد والقوانين؟
لذا أتصور أن هناك عدداً من المتطلبات التى لا بد أن تتوافر فى المستثمر المصرى خلال الفترة الحالية.
الأول: الاهتمام بالدرسات والبحوث التى تستهدف رصد تطورات بيئة العمل ومستوى المنافسين فى الداخل أو الخارج.
الثانى: الاطلاع بصفة دائمة على المشهد الدولى ومتابعة تطوراته، وانعكاسات القرارات السياسية والاقتصادية التى يتم اتخاذها فى إطار النزاعات التى يشهدها العالم حالياً.
الثالث: عدم تركيز الأعمال فى منتج أو خدمة أو سوق معينة، وضرورة تجهيز البديل، حال التعرض لأى ضربة مؤثرة.
الرابع: توجيه جزء من الاستثمارات فى المشروعات الريادية الجديدة، والتعاون مع الشباب المبدعين فى خلق وتنفيذ هذه الأفكار، والمشاركة فى حاضنات الأعمال، والمساهمة فى المشروعات الناشئة التى تمتلك مؤشرات أولية على نجاحها فى المستقبل.
الخامس: تطوير استخدام الأساليب التكنولوجية فى مراحل الإنتاج والتسويق والتوزيع المختلفة، لضمان تخفيض تكاليف التشغيل التقليدية، وتقديم منتج بمستوى جودة تنافسى.
السادس: تحرك المستثمر للجهات المختصة فى حالة رصد أى مخالفات يتم ممارستها للتأثير على مستقبل أعماله، مثل سياسة حرق الأسعار، باعتبار أن هذه الممارسات ظهرت فى بعض القطاعات فى السوق المصرية خلال الفترة الماضية، ونجحت فى الضغط على شركات من أجل قبول عروض استحواذ من المنافسين.
لو توافرت هذه المتطلبات يمكننا حينها القول إننا جددنا القانون وجددنا الفكر!
احترامه للمرأة أكبر دليل على رقيه، تابعت ذلك فى وجود زوجته السيدة المثقفة ميرڤت ابنة الشاعر كاتب السيناريو الكبير أبوالسعود الإبيارى.
كانا دائماً جنباً إلى جنب فى كل الأوقات.
هو زوج ورب لأسرة هو مثلها الأعلى.
يوسف شريف رزق الله من أنبل من عرفت ومن قلائل كانوا مؤثرين فى مسيرة الإعلام المصرى والسينما المصرية.
ربنا يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته ويلهمنا وأسرته الصبر والسلوان.