توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أم الكوارث في لبنان

  مصر اليوم -

أم الكوارث في لبنان

بقلم: سلمان الدوسري

على كثرة الحوادث والتفجيرات الإرهابية التي مرت خلال العقود الماضية؛ فإن قليلة تلك التي تبقى عالقة في الذاكرة لا تتزحزح؛ حيث يتذكر العالم جيداً مشهد إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، كما يتذكر لحظة انهيار برجي مركز التجارة العالمي إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وليس من المبالغة القول إن المشهد المأساوي لتفجير مرفأ بيروت لا يختلف عنهما، سيبقى في الذاكرة طويلاً، ليس فقط للمأساة التي خلَّفها بمقتل وإصابة آلاف من الأبرياء، وإنما لأنه فعلاً سيكون نقطة تحول فارقة للبلد المنكوب، وأم الكوارث في لبنان، ليس ترديداً للعبارة الشهيرة، ما قبل التفجير ليس كبعده، وإنما لأنه إذا لم يستيقظ لبنان على وقع أسوأ كارثة تواجهه في العصر الحديث فلن يستيقظ أبداً، وإن لم تدق الساعة لخروجه من الدوامة التي يترنح فيها منذ فترة فلن يخرج أبداً.
كم هو محزن أن يصحو اللبنانيون على انفجار سببه مواد تعادل 1800 طن من مادة «TNT» شديدة الانفجار، خزنت في موقع تابع لـ«حزب الله» بين المدنيين الأبرياء. اكتشف اللبنانيون أن هذه المادة شديدة الخطورة لم تخزن بالقرب من الحدود الإسرائيلية لـ«تحرير القدس»، كما تشير الشعارات إياها، وإنما تم تأمينها لضرب استقرار لبنان واللبنانيين، واستغلالها في الإرهاب الإقليمي والدولي. الانفجار الضخم لم يهز بيروت وحدها؛ بل هز عقول جميع اللبنانيين بأن ما يواجهونه هو الوضع الطبيعي وخلافه استثناء، وأن القادم سيكون أسوأ من تفجير المرفأ، ما دامت اللعبة السياسية مستمرة في فرض «حزب الله» زعيماً وقائداً للدولة، يختار رئيسها، ويعين مجلس وزرائها، ويسير أعمالها، ويحتل كل مرافقها، ويحدد مواقفها السياسية، وتعينه في ذلك أغلبية نيابية، وفوق كل هذا يواجه أميركا وأوروبا والعرب، فأي مستقبل قاتم ينتظر لبنان؟!
ليست الكارثة في انفجار مرفأ بيروت المشابه لقنبلة نووية هزت البلاد بأكملها فحسب، كارثة لبنان الحقيقية أنه لم يبقَ له صديق؛ حكومته المسيطَر عليها من قِبل «حزب الله» عادت الجميع، وخاصمت الجميع، وعزلت نفسها عن الجميع، فلم يبقَ أحد يريد أن يضع يده في يد وكلاء إيران، فرفع العالم يده عنه، وتركه في غياهب الجب منتظراً أن يعود لبنان بلداً طبيعياً، ومع ذلك يراد للعالم أن ينقذ لبنان، كيف يمكن لأحد أن ينقذ دولة تضع حزباً إرهابياً على رأسها، وتعينه على مشروعه؟ كيف يمكن التعاطي مع حزب يدفع بمواطني بلاده للموت، ويتلاعب بحياتهم لأجل مغامراته التي لا تنتهي؟
الحل في لبنان ليس عبر لجنة تحقيق ستحقق مع الكل إلا «حزب الله» وأدوات «حزب الله» والتابعين لـ«حزب الله». الحل لن يكون بانتظار المدد يأتي من الخارج، فالتعاطف العالمي مهما علا فسيكون وقتياً. وصفة علاج السرطان اللبناني اختصارها: الداخل قبل الخارج. إذا لم يتخلص اللبنانيون من هذا السرطان الذي انتشر في كافة مفاصل بلادهم، فلن يستطيع أحد من الخارج مساعدتهم.
بالتأكيد المواجهة ليست سهلة، وتكلفتها عالية، ولا أحد يستطيع أن يلوم الطرف الأضعف على عدم قدرته على مواجهة الطرف الأقوى، إلا أنها المعادلة الوحيدة المتوفرة حتى الآن، أما المعادلة الأخرى الأشد صعوبة وقسوة، فهي تقوم على أن انهيار لبنان سيؤدي إلى انهيار منظومة «حزب الله»، ومن ثم تكون كلفة إنقاذه أقل مما هي عليه الآن. وما بين معادلتين، كل واحدة أشد قسوة وصعوبة من الأخرى، سيظل لبنان يتعرض لكارثة تلو الأخرى حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وفي كل الأحوال لا يعني ذلك سوى أن الكوارث لن تتوقف، ما لم تحيَ الدولة على أنقاض الحزب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أم الكوارث في لبنان أم الكوارث في لبنان



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon