توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرهان السعودي على الواقعية السياسية

  مصر اليوم -

الرهان السعودي على الواقعية السياسية

بقلم - سلمان الدوسري

أكثر ما يتردد في الفترة الأخيرة في الإعلام السياسي، هو ما يعرف بالواقعية السياسية. تمثل ببساطة «النظرية السياسية التي تؤكد أن السلطة والصراع هما الأساس في العلاقات السياسية بين الدول، وهي نقيض المثاليّة، أو الليبراليّة. يرى الواقعيون أن الدول التي تضع أمنها ومصالحها الوطنيّة الخاصة على رأس أولوياتها، هي اللاعب الرئيس والفاعل في الساحة الدولية».
من الضروري الإشارة إلى اعتماد نظرية الواقعية على مفاهيم خاصة لفهم تعقيدات السياسة الدولية، وتفسير السلوك الخارجي للدول، لعل أبرزها: الدولة، القوة، المصلحة، العقلانية، الأمن. حتى أصبحت تلك المفاهيم بمثابة مفاتيح اعتمدتها كل المقاربات الواقعية.
معظم المراجع تُرجع نشأة النظرية إلى الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ففي هذه المرحلة تحول الاهتمام في دراسة العلاقات الدولية من إطارها القانوني إلى إطارها الواقعي. يمكن القول أيضاً إن نظرية الواقعية السياسية Political Realism جاءت نتيجة لفشل التيار المثالي Idealism، ما استدعى وجود بديل لملء «فراغ» هذا الإخفاق.
ما سبق معروف لدى معظم العاملين في الصناعة السياسية، أو الإعلام السياسي، ويمكن إيجاد أضعافه في المراجع والكتب؛ لكن استحضاره هو للتأكيد على ما تقوم به الرياض، كاستمرار في سياستها الخارجية المعتمدة على مصالحها العليا.
المملكة، في عهدها الجديد، قررت أن تطبق النظرية الواقعية؛ واضعة مصالحها كأولوية قبل أي تفاوض، مرتكزة في الوقت ذاته على مضاعفة إمكانياتها الأمنية والعسكرية والاقتصادية، ما يرمي بالضرورة للقوة المؤدية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
وكنتيجة لهذه الاستراتيجية الحديثة في المملكة، تضاعف التأثير من القيادة الإقليمية للتأثير عالمياً، في عدد من الموضوعات المختزلة سابقاً في عواصم صنع القرار العالمي. ويمكن القول بوضوح إن الأمر قاد للتحكم بأسعار الطاقة، وترتيب الأولويات في الكثير من الملفات الشائكة، أهمها التأكيد على أن الرياض هي الحليف الموثوق في المنطقة، والذي تهرول إليه واشنطن وبكين وموسكو، رغم اختلاف المصالح والتقاطعات؛ بل يمكن القول إن قلة من دول العالم تبحث عنها هذه العواصم الكبرى مجتمعة.
ليس مستغرباً قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بالسفر إلى الرياض، الشهر المقبل، بعد مسرحيات حزبه المتكررة «التي أثبتت فشلها وكشفت أن تقديرات الأمور في العلاقة مع الرياض كانت كلها خاطئة». كان يحتاج للوقت فقط، لإزالة الضباب أمام نظرته السياسية تجاه السعودية والمنطقة، حتى يدرك أهمية السفر لإكمال التنسيق الدائم مع واشنطن. يمكن أيضاً، قراءة تغير الموقف من خلال تطور الأمر لعقد قمة مصاحبة لزيارته للرياض، المنطلقة من إيمانه بثقل القرار «الذي يُصنع» في السعودية، ولتأثيرها الكبير على أهم اللاعبين في المنطقة.
بالعودة لـ«رؤية السعودية 2030» التي أراها أساس كل توهج وحضور سعودي، يمكن التحقق بسهولة من دقة نهجها ومسارها، عبر النتائج الملموسة التي تؤثر في الساحتين الإقليمية والدولية، وليس المحلية وحسب، وهذا يعكس بالضرورة المنهجية السعودية في التعاطي مع الملفات كافة: المصالح السعودية أولاً.
كل هذا يحدث بالتزامن مع الجولة الإقليمية التي يقوم بها ولي العهد السعودي، والتي تشمل مصر والأردن وتركيا، وتركز على توحيد الجهود في العديد من الملفات، لتشرح قوة التنسيق بين القوى الرئيسية في المنطقة، بقيادة الرياض دائماً.
ما أود الختام به، هو الحديث عن السياسة السعودية المتأنية، القائمة على التوازنات في مختلف الظروف، والتي أثبتت كثيراً أن المعيار الرئيس للتأثير والقيادة هو استيعاب المصالح المشتركة، وفهم تغير الظروف وتطورها، والرهان الدائم على الداخل قبل كل شيء.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان السعودي على الواقعية السياسية الرهان السعودي على الواقعية السياسية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon