توقيت القاهرة المحلي 13:16:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجنوبيون ومعاركهم الطائشة

  مصر اليوم -

الجنوبيون ومعاركهم الطائشة

بقلم: سلمان الدوسري

معركة جديدة أخرى، ذات حسابات ضيقة، دارت رحاها اليومين الماضيين في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة (شرق اليمن) بين قوات الجيش الوطني والقوات التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي»، الساعية لانفصال جنوب اليمن عن شماله، هذه المعركة لم تكن سوى حلقة جديدة من مسلسل تحول خطير في مسار الأحداث سلكه «المجلس الانتقالي»، محوّلاً بوصلة استراتيجيته العسكرية من الحرب ضد الانقلابيين الحوثيين إلى معركة ضد الجيش اليمني والشرعية، بعد أن كان الطرفان حليفين لديهما الهدف المشترك نفسه، وهو قتال الحوثي، ظهرت فجأة معادلة الانفصال على وقع السلاح. الانفصال الذي هو رغبة معلنة لدى المكونات الجنوبية وليست سراً، ولكنها لم تصل لدرجة العمل العسكري على انقلاب ضد الشرعية اليمنية، لم يستطع العدو الحوثي إلا الجلوس والتفرج والتصفيق لهذه الهدية التي أتته من السماء.
منذ الأول من أغسطس (آب) عندما استهدف الحوثيون حفل تخريج عسكريين في عدن، وأسفر عن مقتل أحد أبرز القادة العسكريين في جنوب اليمن أبو اليمامة اليافعي، الذي كان قائداً رئيسياً لـ«قوات الحزام الأمني»، وكذلك مقتل أكثر من ثلاثين من العسكريين، وما أتبعها من أحداث وإطلاق النار على المشيعين في مقبرة القطيع، ثم التوتر الذي جرى مع ألوية الحماية الرئاسية حيث اندلعت شرارة المواجهات، و«الانتقالي» يتهم الشرعية اليمنية بما سمَّاها «تصفية القضية الجنوبية»، في تصعيد خطير لم يضعف موقف الشرعية فحسب، وإنما أضعف أيضاً موقف ورغبة الجنوبيين في الانفصال بشكل عام، حيث وجدت قضيتهم نفسها معزولة وفكرة تبتعد كثيراً عن القبول، وأضحت المواجهات العسكرية الواقعة حالياً تُعرف على أنها بين طرفين أولهما جيش يمني تابع للشرعية المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف العربي، وقوات «انقلابية» تهدف إلى تحقيق انفصال هو أقرب إلى الخيال في المرحلة الحالية، ولعل آخر ردود الفعل هذه ما صرح به متحدث باسم الحكومة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن بلاده «تدعم حكومة الجمهورية اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً»، كما أنها «تدعم وتؤيد جهود الحكومة الشرعية اليمنية نحو الشمولية ويمنٍ موحد لجميع اليمنيين»، وهو ما يغلق الباب أمام أي مساعٍ لـ«شرعنة» هذه المواجهات الجنوبية من أي طرف كان، ووضعها في خانة «التمرد».
مشكلة المجلس الانتقالي الجنوبي أنه قام بمعركته الطائشة في التوقيت الخطأ والمكان الخطأ، فتكالب عليه الجميع، وأصبح عبئاً على الدولة اليمنية المنتظرة، وكذلك عبئاً على المجتمع الدولي، الذي آخر ما ينتظره أن تتعقد الأزمة اليمنية أكثر، فمعركة «الانتقالي» جرت بطريقة سطحية تتجاوز معطيات الواقع المحلي والإقليمي والدولي، فمن المستحيل لمثل هذا الانقلاب اكتساب شرعية من خلال حمل السلاح ضد الدولة، مهما كان حجم الاختلاف معها، ما يجعل من الصعب سحب السلطة منها بانقلاب آخر في المناطق الجنوبية، كما حدث الانقلاب الآخر في المناطق الشمالية، وهنا كأن المشهد يتكرر بمحاولة تشكيل سلطة واقعة في الجنوب في العاصمة المؤقتة للبلاد وما تمثله من رمزية سياسية، بالإضافة إلى استفزازها للتحالف العربي وانقلاب على الإجماع الشعبي والإقليمي والدولي حول السلطة الشرعية.
إذا كان المجلس الانتقالي نجح في المرحلة الأولى عند تأسيسه في 2017 في اختيار الخيار المناسب وهو جانب التحالف العربي، فإنه خسر كثيراً وهو يطعن الدولة اليمنية في خاصرتها والانتقاص من مكانتها والتعدي على صلاحياتها، وإرباك جميع الأطراف بقضايا جانبية من أجل تحقيق مصالح ذاتية ليس هذا وقتها ولا مكانها، فالمعركة الحقيقية حالياً للجنوبيين، إذا كانوا فعلاً يسعون لدولتهم المستقلة مستقبلاً، ليست ضد الشرعية أبداً، بقدر ما هي ضد الحوثيين وحدهم، ووحدهم فقط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجنوبيون ومعاركهم الطائشة الجنوبيون ومعاركهم الطائشة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon