توقيت القاهرة المحلي 22:49:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدرس السعودي... ما بعد «كورونا»

  مصر اليوم -

الدرس السعودي ما بعد «كورونا»

بقلم: سلمان الدوسري

مع بدء السعودية أمس المرحلة الأولى من حملة التطعيم بلقاح فيروس «كورونا المستجد»، ابتدأت الانفراجة الحقيقية لأزمة الوباء في المملكة، بعد ما يقارب 11 شهراً من معاناة عالمية غير مسبوقة، لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، روعت البشرية وخنقت اقتصادات العالم، وفعلت ما لم تفعله حتى الحروب، وإذا كانت السعودية سجلت نفسها من أوائل الدول في العالم التي تمنح مواطنيها والمقيمين فيها اللقاح مجاناً، فإنها ستكون أيضاً من أوائل الدول التي تبدأ بالتخلص من هذه الجائحة، فيما لا تزال دول كثيرة متقدمة تعاني الأمرّين للسيطرة على انتشار الوباء بين سكانها قبل المضي في حملة التطعيم. سعت المملكة في استراتيجيتها لمكافحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد 19) لأن تجري في إطار نهج قائم على حقوق الإنسان، ضمن مسارين متوازيين يتمثلان في مكافحة الوباء والحد من انتشاره من جهة، ومعالجة الآثار المترتبة عليه أو على التدابير الاحترازية المتخذة للحد من انتشاره على حقوق الإنسان من جهة أخرى.
الدرس السعودي الذي لا يستطيع أحد إلا النظر إليه بإعجاب، هو إعادة تعريف مفهوم حقوق الإنسان، بعيداً عن التعريفات الغربية النمطية التي يفترض أن تؤمن بها الشعوب وكأنها كلام منزل، فهذا المفهوم تعرض للتشويه طويلاً وحُصر في حقوق الإنسان السياسية وحدها، ثم نكتشف أن حقوق الإنسان في المحافظة على حياته وقت الأزمات والكوارث تقبع في آخر الصفحة، لذلك من الطبيعي أن مفهوم الدولة المستقرة وحماية مواطنيها من الأخطار المحدقة التي تتعرض لها، بعد «كورونا»، سيعاد تعريفه بطريقة تختلف كلياً عن المفاهيم السائدة، التي أثبتت أنها غير مثالية لكي يتم اعتبارها نموذجاً، ولو درسنا بموضوعية كيفية تعاطي دول غربية متقدمة مع الجائحة، لكانت النتيجة أنها فشلت فشلاً ذريعاً، ومرد ذلك أنها حصرت مفهوم حقوق الإنسان والحقوق الأساسية لمواطنيها في زاوية ضيقة، فلما أتت الجائحة ظهر أن هناك من الحقوق والاحتياجات ما هو أهم بكثير تم التغافل عنه، ألم تتعرض تلك الدول التي نظرت كثيراً في مفاهيم حقوق الإنسان إلى انكسارات عميقة في نظامها الاجتماعي، بسبب طريقة تعاملها مع «كورونا» منذ اليوم الأول، وهي التي لا تزال في دوامة الخروج من الجائحة؟ ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلاً على دول متقدمة، بينما دول أخرى، مثل المملكة، كان ينظر إليها على أنها أقل قدرة على حماية حقوق الإنسان، ها هي تقدم نفسها نموذجاً دولياً رائداً، بعد نجاح تجربتها في حمايتها لحقوق الإنسان الحقيقية.
درس «كورونا» لفت أنظار العالم على حقيقة أن السعودية، وهي هنا لا تزعم أن تجربتها مثالية ولا مكتملة ولا متفوقة، ولا تدعي أن هذه التجربة يجب أن تكون نموذجاً للآخرين، باعتبار أن لكل دولة تجربتها الخاصة التي تناسب طبيعتها السياسية والاجتماعية، استطاعت في كل مرة أن تثبت، بفضل نظامها السياسي والاجتماعي، قدرتها على تجاوز أقسى العواصف وأسوأ الكوارث بأقل الأضرار، بعد أن تمكنت من ترسيخ مفهوم الدولة وقوة مؤسساتها وتكاتف شعبها مع النظام السياسي، ويمكن للعالم بأسره اليوم التفريق بين مَن تمكن مِن الحفاظ على حقوق الإنسان الحقيقية والأساسية، مهما كانت كلفته الاقتصادية، وبين من اهتز تعريفه لهذا المفهوم بشكل صادم، والسبب أن هناك من اختلطت عليه الأولويات، وفوق ذلك أراد أن يصدرها للعالم على أنها مقدسة وواجبة التنفيذ.
مرارة السعوديين الطويلة ومعاناتهم من مساعي فرض تعريفات مفاهيم حقوق الإنسان وفق المفاهيم الغربية، كلفتهم كثيراً وهم يستميتون لإثبات أنه ليس كل مفهوم غربي يناسب مجتمعهم، وأن ما يناسبهم ربما لا يناسب غيرهم، واليوم من حقهم أن يقطفوا ثمرة صبرهم وإصرارهم على مبادئهم ومواقفهم.
صحيح أن الضريبة كانت عالية في الوقوف أمام مد من محاولات فرض الوصاية لتطبيق مفاهيم بعينها، لكن النتيجة تستحق أن يقف السعوديون بإعجاب لبلادهم وأفعالهم تسبق أقوالهم، وأن مفاهيمهم لحقوق الإنسان تفوقت على من كانوا ينظرّون عليهم، فإن لم تحمِ هذه المفاهيم حق الإنسان في الحياة وحمايته من الكوارث والأزمات، فما فائدتها؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس السعودي ما بعد «كورونا» الدرس السعودي ما بعد «كورونا»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon