توقيت القاهرة المحلي 07:51:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدرس السعودي... ما بعد «كورونا»

  مصر اليوم -

الدرس السعودي ما بعد «كورونا»

بقلم: سلمان الدوسري

مع بدء السعودية أمس المرحلة الأولى من حملة التطعيم بلقاح فيروس «كورونا المستجد»، ابتدأت الانفراجة الحقيقية لأزمة الوباء في المملكة، بعد ما يقارب 11 شهراً من معاناة عالمية غير مسبوقة، لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، روعت البشرية وخنقت اقتصادات العالم، وفعلت ما لم تفعله حتى الحروب، وإذا كانت السعودية سجلت نفسها من أوائل الدول في العالم التي تمنح مواطنيها والمقيمين فيها اللقاح مجاناً، فإنها ستكون أيضاً من أوائل الدول التي تبدأ بالتخلص من هذه الجائحة، فيما لا تزال دول كثيرة متقدمة تعاني الأمرّين للسيطرة على انتشار الوباء بين سكانها قبل المضي في حملة التطعيم. سعت المملكة في استراتيجيتها لمكافحة فيروس «كورونا المستجد» (كوفيد 19) لأن تجري في إطار نهج قائم على حقوق الإنسان، ضمن مسارين متوازيين يتمثلان في مكافحة الوباء والحد من انتشاره من جهة، ومعالجة الآثار المترتبة عليه أو على التدابير الاحترازية المتخذة للحد من انتشاره على حقوق الإنسان من جهة أخرى.
الدرس السعودي الذي لا يستطيع أحد إلا النظر إليه بإعجاب، هو إعادة تعريف مفهوم حقوق الإنسان، بعيداً عن التعريفات الغربية النمطية التي يفترض أن تؤمن بها الشعوب وكأنها كلام منزل، فهذا المفهوم تعرض للتشويه طويلاً وحُصر في حقوق الإنسان السياسية وحدها، ثم نكتشف أن حقوق الإنسان في المحافظة على حياته وقت الأزمات والكوارث تقبع في آخر الصفحة، لذلك من الطبيعي أن مفهوم الدولة المستقرة وحماية مواطنيها من الأخطار المحدقة التي تتعرض لها، بعد «كورونا»، سيعاد تعريفه بطريقة تختلف كلياً عن المفاهيم السائدة، التي أثبتت أنها غير مثالية لكي يتم اعتبارها نموذجاً، ولو درسنا بموضوعية كيفية تعاطي دول غربية متقدمة مع الجائحة، لكانت النتيجة أنها فشلت فشلاً ذريعاً، ومرد ذلك أنها حصرت مفهوم حقوق الإنسان والحقوق الأساسية لمواطنيها في زاوية ضيقة، فلما أتت الجائحة ظهر أن هناك من الحقوق والاحتياجات ما هو أهم بكثير تم التغافل عنه، ألم تتعرض تلك الدول التي نظرت كثيراً في مفاهيم حقوق الإنسان إلى انكسارات عميقة في نظامها الاجتماعي، بسبب طريقة تعاملها مع «كورونا» منذ اليوم الأول، وهي التي لا تزال في دوامة الخروج من الجائحة؟ ومع ذلك فإن الطريق لا يزال طويلاً على دول متقدمة، بينما دول أخرى، مثل المملكة، كان ينظر إليها على أنها أقل قدرة على حماية حقوق الإنسان، ها هي تقدم نفسها نموذجاً دولياً رائداً، بعد نجاح تجربتها في حمايتها لحقوق الإنسان الحقيقية.
درس «كورونا» لفت أنظار العالم على حقيقة أن السعودية، وهي هنا لا تزعم أن تجربتها مثالية ولا مكتملة ولا متفوقة، ولا تدعي أن هذه التجربة يجب أن تكون نموذجاً للآخرين، باعتبار أن لكل دولة تجربتها الخاصة التي تناسب طبيعتها السياسية والاجتماعية، استطاعت في كل مرة أن تثبت، بفضل نظامها السياسي والاجتماعي، قدرتها على تجاوز أقسى العواصف وأسوأ الكوارث بأقل الأضرار، بعد أن تمكنت من ترسيخ مفهوم الدولة وقوة مؤسساتها وتكاتف شعبها مع النظام السياسي، ويمكن للعالم بأسره اليوم التفريق بين مَن تمكن مِن الحفاظ على حقوق الإنسان الحقيقية والأساسية، مهما كانت كلفته الاقتصادية، وبين من اهتز تعريفه لهذا المفهوم بشكل صادم، والسبب أن هناك من اختلطت عليه الأولويات، وفوق ذلك أراد أن يصدرها للعالم على أنها مقدسة وواجبة التنفيذ.
مرارة السعوديين الطويلة ومعاناتهم من مساعي فرض تعريفات مفاهيم حقوق الإنسان وفق المفاهيم الغربية، كلفتهم كثيراً وهم يستميتون لإثبات أنه ليس كل مفهوم غربي يناسب مجتمعهم، وأن ما يناسبهم ربما لا يناسب غيرهم، واليوم من حقهم أن يقطفوا ثمرة صبرهم وإصرارهم على مبادئهم ومواقفهم.
صحيح أن الضريبة كانت عالية في الوقوف أمام مد من محاولات فرض الوصاية لتطبيق مفاهيم بعينها، لكن النتيجة تستحق أن يقف السعوديون بإعجاب لبلادهم وأفعالهم تسبق أقوالهم، وأن مفاهيمهم لحقوق الإنسان تفوقت على من كانوا ينظرّون عليهم، فإن لم تحمِ هذه المفاهيم حق الإنسان في الحياة وحمايته من الكوارث والأزمات، فما فائدتها؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدرس السعودي ما بعد «كورونا» الدرس السعودي ما بعد «كورونا»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon