توقيت القاهرة المحلي 08:03:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غضب «بندر» أم غضب السعوديين؟

  مصر اليوم -

غضب «بندر» أم غضب السعوديين

بقلم: سلمان الدوسري

ثلاث حلقات ظهر بها الأمير بندر بن سلطان على قناة «العربية»، كشف خلالها كواليس المواقف التاريخية المعيبة للقيادات الفلسطينية، كانت وافية كافية لاختصار عقود من الجحود والنكران وعدم الوفاء، ولمن؟ لأكثر الدول خدمة للقضية الفلسطينية. مَن يلوم الأمير بندر على غضبه «بعد سماع تصريحات متدنية المستوى من القيادات الفلسطينية»، كما قال؟! وهو مَن كان شاهداً، طوال فترة عمله الدبلوماسي والسياسي، على حجم التناقضات والجحود الذي قابلت به القيادات الفلسطينية جهود دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، خدمةً لقضيتهم؛ تلك التناقضات التي ألحقت بالقضية أضراراً بليغة كان الشعب الفلسطيني أشد المتضررين منها. حديث الخبير السعودي بدهاليز السياسة دولياً وعربياً جاء لينسف مراهنة القيادات الفلسطينية على استمرار الصمت السعودي، عن وقائع تاريخية مثبتة، ودلائل لا يمكن نفيها، لعقود من الدعم المادي والسياسي والاقتصادي على حساب المصالح العليا لبلادهم، ثم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، بهجوم القيادات الفلسطينية على دول الخليج، بل واحتقارها والاستهانة بها. ألا يحق لبندر، بعد كل هذا، أن يغضب؟!
إذا كانت القضية الفلسطينية يُضرَب بها المثل كأكثر قضية معقدة، ليس في المنطقة، بل والعالم، فقد كان حضور بندر بن سلطان خلال ساعتين كافياً ليفكَّ كل تلك التعقيدات، معتمداً على المعلومة لا الرأي، والمنطق لا العواطف، بالحقيقة الموجِعة التي يتردد كثيرون في قولها، لكن بندر كان شجاعاً وصريحاً ومباشراً في مواجهة الجميع بها: مشكلة القضية الفلسطينية الأولى تكمن في قياداتها، ثم قياداتها، ثم قياداتها، وليس تلك القائمة الطويلة ممن يتم إلقاء اللوم عليهم دولاً وحكومات وشعوباً بأنهم مسؤولون عن الخذلان الذي تعرضت له القضية، أما لماذا «لم يخرج مسؤول سعودي يتحدث عمَّا كانت تفعله القيادات الفلسطينية؟!»، فالسبب الأول أجاب عنه الأمير بندر بسبب أن «السعودية هدفها خدمة الشعب الفلسطيني لأن قضيته عادلة»، أما السبب الثاني، في تقديري، لأن المملكة لا تُدخِل الشعوب في مواقفها، على عكس القيادات الفلسطينية التي لم تتجاوز ضد المواطنين السعوديين فحسب، وإنما أيضاً حرَّضت شريحة من مواطنيها ضد الشعوب الخليجية بتجاوزاتها وإساءاتها، والسبب الثالث أن الأمير بندر وطوال عقود أربعة «أسرَّها في نفسه» حتى بلغ الغضب أقصاه، فاضطر إلى كشف الحقيقة المرَّة.
الأمير بندر رمى بحجر في بركة راكدة منذ سبعين عاماً؛ فالقضية الفلسطينية لم يعد ممكناً بعد اليوم أن تصبح قميص عثمان، يتم من خلالها شتم وتخوين وجحود دول وشعوب بأكملها، لم يعد ممكناً أن يتسمر أصحابها منتظرين الصمت مقابل الإساءة والغفران أمام التزوير والعرفان أمام الأحقاد، لا نتحدث هنا عن مواقف الدول وقراراتها، وإنما الحديث عن شعوب استدركت أخيراً أنها تُلام وتُتهم وتُشتم وتُخوَّن حتى وهي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، حتى والتاريخ يثبت أنها ساندت ودعمت القضية كما لم تفعل أي شعوب في العالم لقضية أخرى، لذلك لم يعبر بندر بن سلطان عن غضبه وحده، وإنما عبّر عن غضب شعب حُكِم عليه بالجهل والتبعية، وكأن ذلك جزاء رادع لمواقفهم التاريخية لقضية حملوا وِزْرها أكثر من أهلها.
على قاعدة «للبيت رب يحميه»، فإن الحكومات تتخذ المواقف التي تتواءم مع مصالحها، والموقف الرسمي السعودي واضح كل الوضوح في حرص المملكة على الوصول إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية لإحلال السلام، أما الرسالة التي أرسلها بندر بن سلطان، فقد كانت مُوجَّهة للسعوديين كمواطنين وتمثِّلُهم، هؤلاء الذين تبنوا القضية الفلسطينية لسبعين عاماً، ودافعوا عنها وحاربوا لأجلها واتخذوها قضية أولى، فجاء الرد عليهم بأنهم يتحملون تبعات وأخطاء تاريخية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. آن الأوان لأن يوجه أحد البوصلة للمكان الصحيح، ليس انتقاماً من أحد، ولا هجوماً على أحد، وإنما تصحيحاً لمغالطات استمرت عقوداً. بندر بن سلطان لم يغضب وحده، بقدر ما كان صوتاً مزلزلاً معبراً عن الغضب الشعبي السعودي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غضب «بندر» أم غضب السعوديين غضب «بندر» أم غضب السعوديين



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon