توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صناعة الإعلام في عين العاصفة

  مصر اليوم -

صناعة الإعلام في عين العاصفة

بقلم - سلمان الدوسري

يزداد غموض إعلام المستقبل يوماً بعد الآخر. كل يوم تظهر إمكانات تقنية جديدة ومصادر معلومات مختلفة. عشرات التطبيقات تدخل ساحة المنافسة يومياً. «أمازون» يخطط لمنافسة «يوتيوب». «واتساب» يأخذ من حصة «سناب شات». «تويتر» يرغب في حصة من مستخدمي «فيسبوك». مستخدم جديد لوسائل التواصل الاجتماعي كل 15 ثانية. 62 مليار رسالة يومياً على تطبيقي «فيسبوك» و«واتساب». 8 مليارات مشاهدة يومياً للفيديو على «فيسبوك» و«سناب شات». المشاركة حلت مكان الاستقبال والتلقي. ولم تعد وسيلة الإعلام تتصدر المشهد، فالمتلقي فرض نفسه عنصراً قوياً لا يمكن تجاهله. المهم هنا أين تقف وسائل الإعلام أمام هذه العاصفة الهوجاء؟! ربما من السهل توصيف أزمة الإعلام التقليدي، وتراجع انتشاره وتأثيره وانحساره، بعد أن تسيّد الساحة طويلاً، لكن في الوقت ذاته، لا يوجد من يستطيع أن يحدد المسار المقبل لمستقبل الإعلام، وما هي الوسيلة الإعلامية أو النموذج الأمثل التي سيحل بديلاً للإعلام التقليدي.

إذا كانت الصحافة الورقية تتعرض لتحديات غير مسبوقة، نتيجة تراجع نسب القراءة، مصحوباً بتراجع عائدات الإعلان، فإن الأزمة لم تعد محصورة بها فحسب، وإنما تعدتها لتصل إلى التلفزيون الذي سجل في 2017 ولأول مرة تراجعاً في عائدات إعلاناته لصالح الإعلان الرقمي، أما من يعتقد أن مواقع الإنترنت في مأمن من الثورة التقنية، فعليه أن يراجع حساباته، فعملاقا الإنترنت «فيسبوك» و«غوغل» يستحوذان على 60 في المائة من عائدات الإعلانات الرقمية، بمعنى إذا كانت القنوات الفضائية تنافس بعضها، وكذلك الصحف تفعل الشيء نفسه للحصول على حصة من كعكة الإعلانات، فإن المواقع الإلكترونية الإخبارية تنافس «فيسبوك» و«غوغل»، فإذا أضفنا أن خدمة الدفع مقابل القراءة أو المشاهدة إلكترونياً محكومة بالفشل في العالم العربي، لعدم وجود قوانين الملكية الفكرية التي تمنع السطو على المحتوى، فإن الصورة تبدو قاتمة جداً على واقع الإعلام.
وسائل التواصل الاجتماعي بالطبع هي الغول الذي هدّد أسطورة الإعلام التقليدي، فهي الأكثر انتشاراً وحتى تأثيراً، حيث لم يعد المستخدمون يهتمون بوسيلة الإعلام ذاتها، وإنما بالعلاقة معها، لذلك لا تستغرب أن هناك من يستقي أخباره ومعلوماته من «واتساب»، ويسعى لإقناع الآخرين بمعلومة ليس لها مصدر، المصدر الوحيد هو «واتساب»! فمع ظهور أي تقنية جديدة، يشعر الناس بالحماس والاهتمام والارتباط المذهل بها، مع التذكير أن الأخبار ذات المصداقية التي تنشر في «تويتر» و«فيسبوك» وغيرها لا تعدو كونها نقلاً لما تبثه وسائل الإعلام الأخرى، فوسائل التواصل لا تملك محتوى إخبارياً ولا تنتجه، وما يربط المستخدمين فيها، على حساب الوسائل التقليدية، أنها تقدم الشغف والمتعة، والأسبوع الماضي أظهر استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن 24 في المائة فقط من البريطانيين يثقون بمواقع كـ«فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» فيما يتعلق بالبحث عن الأخبار والمعلومات. وفي الولايات المتحدة قال المشاركون في استطلاع أجراه معهد غالوب وسط 20 ألف أميركي تقريباً، إنهم يثقون أكثر في أخبار الصحف وقنوات التلفزيون الرئيسية الوطنية. ويثقون أقل بأخبار مواقع التواصل الاجتماعي.
لا جدال أن وسائل التواصل الاجتماعي أضفت متعة وشغفاً على طريقة تلقي الأخبار، وأضحى الارتباط بها أكثر بكثير من الارتباط بوسائل الإعلام التقليدية، وهذا ما يشكل تهديداً حقيقياً على مضمون الرسالة الإعلامية، وكيفية وصولها دون تشويش للمتلقي، صحيح أن الرسالة الإعلامية عبر وسائل التواصل أصبحت أكثر انتشاراً وتنافسيةً وإمتاعاً، لكنها في الوقت ذاته أكثر عرضة للاختراق والتشويه والتزوير، وهنا يكمن التحدي الكبير في إمكانية الحفاظ على رصانة ودقة الرسالة الإعلامية وسط سيل من الفوضى غير المسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يمكن القول: إنها الأكثر انتشاراً، وهي أيضاً الأقل مصداقية، باستثناءات حسابات بعينها لا تشكل إلا نحو 1 في المليون من مليارات الحسابات التي يمتلئ بهم الفضاء الإلكتروني.

مع غياب أي نموذج واضح لإعلام المستقبل، الذي لا شك سيكون رقمياً بالدرجة الأولى، فإن النافذة الوحيدة الباقية أمام الإعلام التقليدي لمواكبة هذه العاصفة الهوجاء، هو الحفاظ على ماركات إعلامية تتمايز وتختلف عن بعضها بالمحتوى والنوعية، سواء كان ذلك على الورق أو الجوال أو الشاشة في المنزل أو المكتب، أو ربما مستقبلاً في شريحة صغيرة مزروعة داخل جسم الإنسان، الأكيد أن نهاية عصر الجريدة المطبوعة، مثلاً، لا تعني بالضرورة نهاية عصر الصحافة، فالماركة الإعلامية المتميزة وحدها القادرة على البقاء في عين العاصفة، حتى وإن كان النموذج البديل غائباً ولم يخلق حتى الآن.

نقلا عن الشرق الأوسط القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صناعة الإعلام في عين العاصفة صناعة الإعلام في عين العاصفة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon