توقيت القاهرة المحلي 13:33:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجاح الحج ليس استثناءً

  مصر اليوم -

نجاح الحج ليس استثناءً

بقلم: سلمان الدوسري

لم يعد نجاح موسم الحج استثناءً كما كان سابقاً، بل أصبح النجاح منقطع النظير للركن الخامس للمسلمين هو القاعدة. لا تزاحُم على الجمرات، لا مخاوف من التدافع، لا قلق من مسار الحجاج الذين يربون على مليونين ونصف مليون في منطقة جغرافية محدودة، حتى إدارة الحشود الضخمة أصبحت فناً سعودياً بامتياز، والحج الذكي غدا هدفاً يسهّل على الحجاج أداء مناسكهم. تُستنفر المملكة بأكملها لاستضافة الحجاج، فهو أهم حدث تعرفه البلاد طوال العام، بدءاً من قيادتها وحكومتها مروراً برجال أمنها والمتطوعين، وليس انتهاءً بمواطنيها الواحد وعشرين مليوناً. صحيح أن المواطنين لا يشاركون مباشرةً في خدمة الحجاج كما يفعل البقية، إلا أن متابعتهم اليومية ودعمهم اللامحدود، كلٌّ بطريقته، كما من خلال مبادرة «كن عوناً» للمساهمة في الأعمال التطوعية، فتح المجال لجميع أفراد المجتمع لخدمة الحجاج، ووضعهم في مصافّ المشاركين في هذه المنظومة السعودية المليونية التي لا تهدف فقط إلى نجاح موسم الحج كل عام، بل لأن يكون النجاح كل مرة متقدماً عن العام الذي سبقه.
هذا العام مثلاً أطلقت السلطات السعودية حزمة من 8 مشاريع وبرامج ومبادرات باسم «منصة الحج الذكي»، منها مبادرة «الرقابة على الخدمات» لرفع مستوى خدمات السكن بتوفير مساحات إضافية للحجاج وتنظيم مسارات النقل الترددي، وبرنامج «التفويج» المخصص لإدارة الحشود عبر نظام إلكتروني لإعداد ومراقبة خطة التفويج، إضافة إلى «مشروع زيادة الطاقة الاستيعابية»، وكذلك مبادرة «النظام الإلكتروني للمشاعر المقدسة»، من خلال نظام إلكتروني رقابي لقياس جاهزية المشاعر المقدسة ومرافقها، وأخيراً مبادرة «حج بلا حقيبة»، لإعادة نقل أمتعة الحجاج من مقرات سكنهم إلى صالات الحج والعمرة بمطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، كل هذا يمكن اعتباره ثورة لتطويع التكنولوجيا في خدمة الحجاج.
ولا تتفوق السعودية في تقديم نموذج متطور كل موسم حج فحسب، وإنما هناك جانب آخر لا يقل أهمية يكمن في عدم استخدام الدولة المستضيفة للحج لأغراض سياسية أو دعائية لا من قريب أو بعيد، فهي ترفض رفضاً قاطعاً أن تتحول الشعيرة العظيمة إلى محاولة لتحقيق أهداف سياسية، فلا ملكها أو ولي عهدها أو حتى وزراؤها يستغلون اهتمام مئات الملايين من المسلمين لتحقيق غايات سياسية، أو لتمرير رسائل تخدم أجندات الدولة، كل جهودهم وأعمالهم وتركيزهم منصبٌّ على تقديم أفضل خدمة للملايين من ضيوفهم، حتى إن مصالح الدولة تتوقف بالكامل خلال أيام الحج لتتفرغ جميع وزاراتها ومؤسساتها من أجل القيام بواجباتهم المنوطة بهم. المملكة ومن واقع دورها في تنظيم هذه الشعيرة ذات القدسية العالية، ترفض وبحزم استخدام مناسبة الحج في أي أجندات سياسية، وهو ما دفعها لأن تبدأ بنفسها، فلم يسبق أن سعت لاستغلال مثل هذا الحدث الذي يتابعه أكثر من مليار ونصف مليار مسلم ناهيك بالعالم بأسره. غنيٌّ عن القول إن الحج لو نظمته دول أخرى لشهدنا العجب العجاب في استخدامه إما لأغراض سياسية وإما لمصالح حزبية وإما لترويج آيديولوجيا فكرية.
يمكن القول إن المملكة اتخذت لنفسها مبدأ رسّخته عاماً تلو الآخر بأن جرّدت الحج من أي حسابات سياسية أو مصالح حزبية، كما أنها لم تمنع أحداً من حج بيت الله الحرام، حتى من الدول التي حصلت بينها وبين تلك الدول خلاف، إلا إذا كان المنع بسبب عدم التزام تلك الدول بتنظيمات الحج، كما قطر مثلاً، التي ترفض قدوم حجاجها لأسباب هزيلة، ثم تناقض نفسها وتتغافل عن نفس هذه الأسباب وتسمح لفرقها الكروية بالقدوم للمملكة ولعب المنافسات الرياضية.
ليس من الهين ما تقوم به السعودية من تحصين هذه الشعيرة وضمان أن تكون عصية على العبث السياسي الديني، وهو عنصر نجاح رئيسي يضاف إلى التميز الذي بلغه تنظيم الحج.
ومع كل هذا النجاح التنظيمي، الذي لم يعد استثناءً، فلا أحد في المملكة يقبل بأن يكون كل موسم حج إلا أكثر نجاحاً مما قبله. هكذا أصبح تنظيم الحج، مناسبة متميزة يترقبها السعوديون كل عام ليتنافسوا مع أنفسهم في حج أكثر تميزاً ونجاحاً عن العام الذي قبله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاح الحج ليس استثناءً نجاح الحج ليس استثناءً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon