توقيت القاهرة المحلي 08:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جسر العبور السوداني

  مصر اليوم -

جسر العبور السوداني

بقلم: سلمان الدوسري

عندما يوقع الفرقاء السودانيون على وثيقة الاتفاق النهائية لإدارة شؤون البلاد لمدة 3 سنوات خلال المرحلة الانتقالية، فإن المرحلة الفاصلة والحاسمة التي يحتاجها الشعب السوداني لتشكيل مرحلة جديدة يسود خلالها الأمن والاستقرار تكون بلغت ذروتها، تنتقل معها الدولة من فترة مظلمة حدث خلالها العديد من الانتهاكات والمظالم مع نقص شديد في احتياجات المواطن الأساسية، إلى مرحلة جديدة من تكاتف أجهزة الدولة لرفع المعاناة عن السودان دولة وشعباً. قدم السودانيون بكافة مشاربهم خلال الأشهر القليلة الماضية درساً نادراً في كيفية التوافق وتقديم التنازلات من كافة الأطراف، طمعاً في الوصول للحظة تاريخية تمنتها شعوب كثيرة بالمنطقة، إلا أن لغة الدم والدمار كانت هي السائدة، ولغة التفاهم والمصالح الوطنية غابت، وهو ما نجح السودانيون في تقديم درس مختلف يستحق أن يروى.
ومع ذلك، هل يكفي توقيع الفرقاء السودانيين لوثيقة الاتفاق النهائية لإدارة شؤون البلاد؟! بالطبع لا، فما هو إلا جسر عبور للانتقال لتأسيس السودان الذي يحلم به الجميع، خاصة في ظل وضع اقتصادي شبه منهار تعاني منه الدولة طيلة السنوات العجاف التي مضت، وليس من المبالغة القول إن إنقاذ الاقتصاد السوداني يحتاج إلى عملية أشبه بالمعجزة، فالتضخم عاد إلى الارتفاع مجدداً الشهر الماضي، وسجل نسبة 47.78 في المائة، وهو ما يلقي بكثير من الأعباء على المجلس السيادي الجديد، وليس من المناسب أن ينشغل المجلس بخلافات داخلية لتحقيق أجندات ضيقة، بينما البلاد في أمس الحاجة لتوافق الجميع وتركيز كل الجهود لرفع المعاناة عن المواطن السوداني. صحيح أن المملكة والدول الشقيقة للسودان لن تتخلى عنه، غير أن انشغال القوى السياسية بقضايا جانبية صغيرة سيضر بالشعب السوداني أولاً وأخيراً، ويبعد أجهزة الدولة عن العمل لتحقيق تطلعات المواطنين المعيشية.
ومن المهم الإشارة هنا إلى سؤال يطرح بصيغة خبيثة، خصوصاً في الأوساط الغربية، هل وقفت السعودية مع المجلس العسكري في السودان؟! الإجابة نعم، لكن أيضاً وقفت مع «قوى الحرية والتغيير»، ووقفت مع كل القوى السياسية بكافة مشاربها، وقبلهم الوقفة الحقيقية والدائمة كانت مع الشعب السوداني الذي هو الهدف الأول لمنع انزلاق بلاده للعنف والفوضى، وهو ما انعكس في الدور السعودي في التوفيق بين الفرقاء السودانيين، فالدعم السعودي الذي تم من الأيام الأولى لعزل البشير كان موجهاً للشعب السوداني باعتباره أكثر المتضررين من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها بلاده، والرسالة السعودية الأهم أن هذا الدعم لم يكن موجهاً لفئة أو قوى بعينها، كما أن وقفة الرياض ليست منة على السودان، بقدر ما هي استكمال لدورها في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، إضافة إلى الروابط التاريخية مع الشعب السوداني، الذي لا يمكن للمملكة أن تتخلى عنه وقت الأزمات، ولعل في قيام الدبلوماسية السعودية من تقريب لوجهات النظر بين القوى السودانية المختلفة من جهة، وتخفيف الاحتقان مع العواصم الغربية الكبرى من جهة أخرى، ساهم بشكل كبير في تخطي السودان لواحدة من أصعب مراحله الحرجة في تاريخه، ومن ثم الوصول إلى الاتفاق، فالمصلحة السعودية الحقيقية في استقرار دولة جارة ومحورية بما يكفل الحفاظ على مصالحها، والأهم دائماً أن ذلك يحدث اعتماداً على ما يقرره السودانيون أنفسهم ودون فرض أي وصاية، كما عملت بعض القوى الأجنبية التي لم يرَ السودان من التحالف معها إلا الدمار وجلب الشر للبلاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جسر العبور السوداني جسر العبور السوداني



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon