توقيت القاهرة المحلي 21:14:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«إعادة الانتشار» والخيار الوحيد لإيران

  مصر اليوم -

«إعادة الانتشار» والخيار الوحيد لإيران

بقلم: سلمان الدوسري

بينما العالم يترقب اندلاع شرارة الحرب في الخليج، خصوصاً بعد حادثتي تخريب السفن الأربع قبالة ميناء الفجيرة، والاعتداء على محطتي ضخ نفطيتين بالسعودية، فاجأ التحالف الأميركي - الخليجي الجميع بتكتيك مختلف للغاية عن مجرى التصعيد الحاصل من إيران، عبر إعادة انتشار القوات الأميركية في المنطقة، كما كشفت صحيفة «الشرق الأوسط» أمس. حقيقة، كان سيناريو بارعاً، فمقابلة الاندفاع الإيراني بخطوة أكبر تذهب باتجاه ردع إيران، وليس السماح لها بالدفع لحرب جديدة، لم يتخيله أحد، ولم يتوقعه أحد. فالهدف نزع فتيل الحرب، ومنع إيران من استمرار الاستفزازات والسلوكيات الطائشة، خصوصاً أن المنطقة كانت على فوهة بركان، وقريبة من الانفجار في أي ثانية. أما بعد خطوة إعادة الانتشار، فإيران لن تجرؤ على القيام بأي تصرف أحمق أو استفزاز وهي ترى في صرامة الرد المنتظر كارثة عليها، ناهيك عن استمرار الضغط أكثر حتى تؤدي العقوبات الاقتصادية نتيجتها على بنية النظام الإيراني، وهي على كل حال بدأ مفعولها بشكل أسرع مما كان منتظراً.
يوجد في دول الخليج تسع قواعد عسكرية: خمس منها أميركية (بما فيها مقر القيادة المركزية في قطر)، وقاعدتان بريطانيتان، وقاعدة فرنسية، وقاعدة تركية، بالإضافة إلى انتشار 54 ألف جندي أميركي في 12 قاعدة عسكرية بالشرق الأوسط، أي أن الوجود الأميركي ليس جديداً بالمنطقة؛ الجديد هو وجود القوات الأميركية مع القوات العسكرية الخليجية في مراكز وموانئ الدول الخليجية، بموافقة وتدبير وتنسيق مسبق منهم، مما يعني أن الانتشار في صيغته الجديدة سيكون سيفاً مسلطاً على إيران، يمنعها من الاستفزاز الذي كانت تمارسه، كما سيمنعها من أي محاولة لتصعيد الموقف عسكرياً، ومهاجمة دول الخليج أو مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، باستغلال المنطقة الرمادية التي كانت تتحرك فيها وميليشياتها، حيث استدعت التطورات الأخيرة إعادة تعريف مقومات الأمن وترتيب الأولويات في المنطقة، فالمهم هنا أن إعادة الانتشار ليس المقصود به بدء الحرب، وإنما تأمين وردع، وهو نوع من أنواع الضغط بالغ القسوة الذي يمارس لأول مرة على إيران حتى تستجيب لمطالب إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، وتتحول لدولة طبيعية، مثلها مثل جيرانها لا أكثر ولا أقل.
بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي مطلع التسعينات، عندما تم إرساء أول تحالف استراتيجي عسكري أميركي - خليجي، لضمان أمن الخليج ضد أي تهديدات مباشرة لدوله، ونظراً لسقوط نظام صدام حسين جزئياً أولاً، ثم رحيل النظام بالكامل عام 2003، أصبح هذا التحالف الاستراتيجي موجهاً مباشرة ضد النظام الإيراني الذي وحده يهدد استقرار المنطقة. صحيح أن الوجود الأميركي يعود إلى قبل ذلك بكثير، إلا أن التحالف الاستراتيجي أصبح أكثر عمقاً وأقوى ارتباطاً خلال العقدين الماضيين، نظراً للتوترات التي تعيشها المنطقة باستمرار بفعل السلوكيات العدوانية الإيرانية التي تعاظمت حتى بلغت حداً لا يمكن مجاراته، كما كانت تفعل السياسة الأميركية، خصوصاً في فترتي الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما أفرز رؤية مشتركة بين الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين، بضرورة رفع الكارت الأحمر في وجه عدوانية إيران التي لم يصبر عليها أحد كما صبر جيرانها.
إيران تقف اليوم أمام معضلتين: الأولى تكمن في أوضاعها الداخلية القريبة من الانفجار بسبب العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة تاريخياً، والثانية بسبب سلبية مواقف الحلفاء (روسيا والصين)، والموقف الباهت من الأوروبيين من الاتفاق النووي، وهو ما أفضى إلى محدودية الخيارات الإيرانية، فالحرب أمامهم والكارثة الاقتصادية خلفهم. ومع خطوة إعادة انتشار القوات الأميركية، وإحكام الخناق على منعهم من القيام بأي خطوة عسكرية متهورة، فليس هناك من حل يلوح أمامها إلا الاستعجال بالتفاوض على اتفاق جديد يحل محل الاتفاق الميت السابق، اتفاق يشابه ما قامت به كوريا الشمالية عندما أُغلقت الحلول أمامها. ربما يطول الأمر قليلاً، إلا أنه الخيار الوحيد المتبقي، بعد أن استنفدت طهران خياراتها كافة على مدى أكثر من أربعين عاماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إعادة الانتشار» والخيار الوحيد لإيران «إعادة الانتشار» والخيار الوحيد لإيران



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 15:07 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 07:34 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

شيخ الأزهر يستقبل توني بلير ويعرب عن دعمه لمصر

GMT 06:35 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خروج فتحي وسامي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon