توقيت القاهرة المحلي 13:33:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كورونا»... القواعد الصارمة والنظام ينقذان الأرواح

  مصر اليوم -

«كورونا» القواعد الصارمة والنظام ينقذان الأرواح

بقلم: سلمان الدوسري

من الآن فصاعداً؛ سيتعلم البشر أنه لا يوجد أمر خارج دائرة التصديق، وأن ما كان يستبعد حدوثه في الروايات والأفلام الخيالية، سيعاد النظر فيه ألف مرة؛ إذ منذ الحرب العالمية الثانية لم يحدث هذا التأثير السلبي على المجتمعات كافة كما يجري مع أزمة «كورونا»، فالمطارات متوقفة عملياً، والقطارات لا تتحرك، والطرق السريعة المزدحمة أصبحت خالية، والحدود أغلقت، وأنظمة صحية انهارت، في حين أن التنزه في الحدائق ترف، والمشي في الطرقات غدا حلماً بعيد المنال، وعزل البشر أصبح القاعدة واستمرار الحياة كما كانت الاستثناء. فبحسب إحصائية نشرتها صحيفة «ليز إيكو» الفرنسية يوم السبت؛ تضاعفت وتيرة العزل 3 أضعاف عما كانت عليه قبل 10 أيام، ففي 60 دولة تضم 3.26 مليار نسمة؛ أي 43 في المائة من البشرية، يحظر التجول على الأقل، ويوصى بصرامة بعدم مغادرة المنازل إلا لشراء المؤن وتلقي العلاج الطبي والعمل.
ومع كل تفاصيل فيلم الرعب الذي لم يشاهد أحد مثله مسبقاً، لا تزال أرقام الإصابات حول العالم في ازدياد مفزع، فدولة مثل إيطاليا يشكل عدد سكانها نحو 4 في المائة من عدد سكان الصين، سجلت إصابات أكثر من الصين نفسها، إلا إن هناك بعض الأمل في التجربة الآسيوية، خصوصاً في الصين واليابان وكوريا الجنوبية، حيث علقت الصين تدريجياً إجراءاتها التنفيذية كافة، وأعيد فتح نصف المطاعم، كما خففت اليابان وكوريا الجنوبية إجراءاتهما، في الوقت الذي تحولت فيه الولايات المتحدة وأوروبا إلى بؤرة يتفاقم فيها «كورونا». وليس من المبالغة القول إن الصدمة الثانية، بعد الصدمة الأولى من فيروس «كورونا» نفسه، هي كيف انتشر الوباء بهذه السرعة والخطورة في أوروبا تحديداً، وهي التي تعدّ من أفضل دول العالم في المنظومة الصحية، وبلغت الحال أن إيطاليا وإسبانيا «تنافسان» إيران المتخلفة في كل أنظمتها، في أعداد الإصابات والوفيات. ولتقريب الصورة؛ كأننا نفترض قيام حرب عسكرية بين بريطانيا أو فرنسا ضد دولة مثل هونغ كونغ، ثم نفاجأ بأن الآلة العسكرية للدولتين عجزت عن مواجهة دولة صغيرة هزمتهما بكل سهولة، وهذا ما يحدث حالياً من عجز أقوى المنظومات الحكومية في العالم عن إيقاف وتيرة انتشار «كورونا».
في تقديري أن غالبية الدول سلكت واحدة من استراتيجيتين؛ الأولى تعتمد على إجراءات احترازية وقائية مع قواعد صارمة مشددة قبل استفحال الوباء على أراضيها. والثانية تراهن على مفهوم المواطَنة الصالحة والوعي المجتمعي. في الاستراتيجية الثانية لم تستطع الحكومات؛ الغربية على وجه الخصوص، اتخاذ أي إجراءات احترازية أو قواعد صارمة نظراً لطبيعة النظام السياسي للدول الغربية؛ الذي لم يسمح، في البداية، باتخاذ مثل هذه الإجراءات والقواعد بوصفها تفضي إلى تضييق حدود الحريات على مواطنيها، وفق التعريف الغربي بالطبع، حتى لو كان الخطر محدقاً، فلما أتت كارثة «كورونا»، عجزت الحكومات عن استباق الأحداث والقيام بما يتوجب عليها لإنقاذ مئات الآلاف من مواطنيها، وربما الملايين في الأسابيع المقبلة، من الإصابة بالفيروس، على عكس الدول التي فعلت ذلك استباقاً، ونجحت في التنبؤ بالأخطار المحدقة قبل فوات الأوان. والغريب أن الهدف هو نفسه في الاستراتيجيتين؛ ألا وهو إنقاذ الناس من كارثة بشرية، غير أن إحداها نجحت، على الأقل حتى الآن، والثانية فشلت، أيضاً على الأقل حتى الآن. لقد ثبت عملياً، خصوصاً وقت الكوارث، أن القواعد الصارمة والنظام ينقذان الأرواح، كما تقول البروفسورة ميشيل جيلفاند أستاذة علم النفس في جامعة ميريلاند الأميركية.
في ظل أزمة «كورونا»؛ أصعب سؤال يواجه العلماء والسياسيين والأطباء: متى ستنتهي هذه الجائحة؟ والحقيقة المرة أن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بذلك، الفرق أن هناك أنظمة سياسية استوعبت الخطر مبكراً، فقللت من انتشار المرض وحمت نفسها من كارثة محدقة ولم تترك سبباً للومها من قبل مواطنيها، فيما أنظمة سياسية أخرى انتظرت إلى وقوع الكارثة ثم تحركت متأخرة فجلبت الغضب عليها من شعوبها. المفارقة الكبرى أن الأولى تُتهم بأنها تنتهك حقوق الإنسان، بينما الثانية تفتخر بأنها تدافع عن حقوق الإنسان، ليكتشف العالم أن المبادئ نفسها التي تحمي الحريات العامة هي ذاتها التي تقف عاجزة عن حماية الأرواح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كورونا» القواعد الصارمة والنظام ينقذان الأرواح «كورونا» القواعد الصارمة والنظام ينقذان الأرواح



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon