توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية!

  مصر اليوم -

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية

بقلم :د. جبريل العبيدي

في مدينة بوتشا الأوكرانية عُثر على عشرات الجثث، في مشهد مروع ومفجع للعالم عامة، ولأوروبا وللأوروبيين خاصة، وإن كان المشهد ليس بغريب ولا مفجع لهم لو كان في العراق وسوريا وليبيا. شوهدت عشرات الجثث؛ بل المئات، مدفونة قرب كنيسة قديمة في مدينة بوتشا، بينما المتهم الروسي ينفي بالقول إنه انسحب قبل نهاية مارس (آذار). القوات الروسية انسحبت من بوتشا كلياً في 30 مارس، وتم نشر صور الجثث بعد 4 أيام من الانسحاب الروسي، وبالتالي لو كانت الجثث تعود إليه، لكانت متحللة وظهرت عليها علامات التحلل، بينما ما ظهر من الصور هو لجثث قُتل أصحابها حديثاً، في إشارة من الجانب الروسي لاتهام الجانب الأوكراني بالحادثة، عبر شن الجيش الأوكراني حملة «انتقامية» ضد الذين تعاونوا مع الجيش الروسي، بينما نشرت شركة «ماكسار تكنولوجي» الأميركية، صوراً من الأقمار الصناعية لبلدة بوتشا، تظهر جثثاً ملقاة في الشوارع قبل انسحاب القوات الروسية من المدينة الأوكرانية المدمرة، بينما يؤكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن هذه الصور مفبركة.
في ظل الاتهامات المتبادلة بين الأوكرانيين والروس، بين الاتهام بالإبادة الجماعية، وبين الفبركة الإعلامية، بين الاتهامات الغربية والنفي الروسي، تبقى هناك حقيقة واحدة، هي وجود أكثر من 400 جثة في مقابر جماعية في بوتشا، ومنها جثث لنساء عاريات، قتلن بالرصاص في الشوارع وأياديهن مقيّدة خلف ظهورهن، في ظل غياب شخصية الفاعل.
السلطات الأوكرانية كشفت عن الجثث والمقابر، وذكرت أن أصحابها قُتلوا برصاص «القوات الروسية» قبيل الانسحاب من بوتشا، ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقول: «ما رأيناه في بوتشا ليس عملاً منفرداً لوحدة منحرفة. إنها حملة متعمَّدة للقتل والتعذيب والاغتصاب وارتكاب فظائع»، بينما وصف نظيره الروسي لافروف، اتهام القوات الروسية بقتل مدنيين في بوتشا الأوكرانية بـ«الهجوم الوهمي»، إذ تسوق روسيا ما تسميه «أدلة» على اتهام للفصائل الفاشية النازية التابعة للنظام الأوكراني.
ومن ناحيته، يصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ما حدث في بوتشا بالقول: «هذه إبادة جماعية» وتعتبر «جريمة خطيرة» بمقتضى اتفاقية عام 1948؛ حيث تعرف الإبادة الجماعية (genocide) بأنها «فعل محدد يرتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه». وتنص الاتفاقية على أنه «يجوز للدول الأطراف أن تطلب من أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية».
عندما نشأت الأزمة الأوكرانية، كانت الجهود الغربية والأميركية موجهة لوضع خطط لمعاقبة روسيا وإضعافها؛ خصوصاً اقتصادياً، ولم يكن هناك أي جهود لمنع وقوع الحرب أو التوسط لإيقافها.
بعد الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، أصبحت نهاية الحرب المندلعة لن تقف بمجرد تحييد السلاح في أوكرانيا، ونزع سلاحها. لا أعتقد أن الأمر بات يمكن تسويته بهذا الشكل فقط؛ بل سيتجاوزه إلى تقسيم الجغرافيا الأوكرانية التي لن تعود كما كانت قبل الحرب. فالأزمة جزء من جذورها إعادة رسم خريطة المنطقة، وإعادة توزيع ديموغرافيا السكان وفق المنظور الروسي المتحالف مع الانفصاليين في المنطقة، وهي أحد مسببات الحرب، الأمر الذي يجد معارضة قوية من الغرب، وكذلك من «النازيين» من منظور روسي.
الحقيقة التي يحاول كثيرون القفز عليها هي أن الأزمة الأوكرانية لم تعالج غربياً بشكل يسمح بمنع الحرب ونزع فتيلها؛ بل كانت جميع القرارات وحتى المفاوضات الخجولة تدفع نحو مزيد من التصعيد بين الطرفين، حتى وصلنا إلى مرحلة «الإبادة الجماعية»، وإن كانت باتهامات متبادلة من الجانبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon