توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية!

  مصر اليوم -

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية

بقلم :د. جبريل العبيدي

في مدينة بوتشا الأوكرانية عُثر على عشرات الجثث، في مشهد مروع ومفجع للعالم عامة، ولأوروبا وللأوروبيين خاصة، وإن كان المشهد ليس بغريب ولا مفجع لهم لو كان في العراق وسوريا وليبيا. شوهدت عشرات الجثث؛ بل المئات، مدفونة قرب كنيسة قديمة في مدينة بوتشا، بينما المتهم الروسي ينفي بالقول إنه انسحب قبل نهاية مارس (آذار). القوات الروسية انسحبت من بوتشا كلياً في 30 مارس، وتم نشر صور الجثث بعد 4 أيام من الانسحاب الروسي، وبالتالي لو كانت الجثث تعود إليه، لكانت متحللة وظهرت عليها علامات التحلل، بينما ما ظهر من الصور هو لجثث قُتل أصحابها حديثاً، في إشارة من الجانب الروسي لاتهام الجانب الأوكراني بالحادثة، عبر شن الجيش الأوكراني حملة «انتقامية» ضد الذين تعاونوا مع الجيش الروسي، بينما نشرت شركة «ماكسار تكنولوجي» الأميركية، صوراً من الأقمار الصناعية لبلدة بوتشا، تظهر جثثاً ملقاة في الشوارع قبل انسحاب القوات الروسية من المدينة الأوكرانية المدمرة، بينما يؤكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن هذه الصور مفبركة.
في ظل الاتهامات المتبادلة بين الأوكرانيين والروس، بين الاتهام بالإبادة الجماعية، وبين الفبركة الإعلامية، بين الاتهامات الغربية والنفي الروسي، تبقى هناك حقيقة واحدة، هي وجود أكثر من 400 جثة في مقابر جماعية في بوتشا، ومنها جثث لنساء عاريات، قتلن بالرصاص في الشوارع وأياديهن مقيّدة خلف ظهورهن، في ظل غياب شخصية الفاعل.
السلطات الأوكرانية كشفت عن الجثث والمقابر، وذكرت أن أصحابها قُتلوا برصاص «القوات الروسية» قبيل الانسحاب من بوتشا، ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقول: «ما رأيناه في بوتشا ليس عملاً منفرداً لوحدة منحرفة. إنها حملة متعمَّدة للقتل والتعذيب والاغتصاب وارتكاب فظائع»، بينما وصف نظيره الروسي لافروف، اتهام القوات الروسية بقتل مدنيين في بوتشا الأوكرانية بـ«الهجوم الوهمي»، إذ تسوق روسيا ما تسميه «أدلة» على اتهام للفصائل الفاشية النازية التابعة للنظام الأوكراني.
ومن ناحيته، يصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ما حدث في بوتشا بالقول: «هذه إبادة جماعية» وتعتبر «جريمة خطيرة» بمقتضى اتفاقية عام 1948؛ حيث تعرف الإبادة الجماعية (genocide) بأنها «فعل محدد يرتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه». وتنص الاتفاقية على أنه «يجوز للدول الأطراف أن تطلب من أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسباً من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية».
عندما نشأت الأزمة الأوكرانية، كانت الجهود الغربية والأميركية موجهة لوضع خطط لمعاقبة روسيا وإضعافها؛ خصوصاً اقتصادياً، ولم يكن هناك أي جهود لمنع وقوع الحرب أو التوسط لإيقافها.
بعد الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية، أصبحت نهاية الحرب المندلعة لن تقف بمجرد تحييد السلاح في أوكرانيا، ونزع سلاحها. لا أعتقد أن الأمر بات يمكن تسويته بهذا الشكل فقط؛ بل سيتجاوزه إلى تقسيم الجغرافيا الأوكرانية التي لن تعود كما كانت قبل الحرب. فالأزمة جزء من جذورها إعادة رسم خريطة المنطقة، وإعادة توزيع ديموغرافيا السكان وفق المنظور الروسي المتحالف مع الانفصاليين في المنطقة، وهي أحد مسببات الحرب، الأمر الذي يجد معارضة قوية من الغرب، وكذلك من «النازيين» من منظور روسي.
الحقيقة التي يحاول كثيرون القفز عليها هي أن الأزمة الأوكرانية لم تعالج غربياً بشكل يسمح بمنع الحرب ونزع فتيلها؛ بل كانت جميع القرارات وحتى المفاوضات الخجولة تدفع نحو مزيد من التصعيد بين الطرفين، حتى وصلنا إلى مرحلة «الإبادة الجماعية»، وإن كانت باتهامات متبادلة من الجانبين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية بوتشا بين الإبادة الجماعية والفبركة الإعلامية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon