توقيت القاهرة المحلي 10:44:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تاورغاء الليبية تنتظر المجتمع الدولي

  مصر اليوم -

تاورغاء الليبية تنتظر المجتمع الدولي

بقلم - د. جبريل العبيدي

ما زالت مدينة تاورغاء الليبية الواقعة في الشمال الغربي من ليبيا تنتظر أهلها الذين هجرتهم ميليشيات مسلحة حتى أسنانها مدعومة من بؤر الإرهاب الإخواني، هؤلاء الكَذَبة الذين يطمحون، حسب زعمهم، إلى بناء الدولة الإسلامية الواحدة، فإذا بهم يدمرون مدينة كاملة، ويهجرون أهلها في كل أرض ليبيا... إنها سبع سنوات من الظلم والتهجير والنزوح والملاحقة والعقاب الجماعي، لم يفلح معها أصحاب قرار «حماية» المدنيين الذي بسببه أسقطت الدولة الليبية بطائرات الناتو، وليس فقط نظام القذافي، في رفع معاناة أهل تاورغاء وحماية المدنيين وإيقاف سياسة العقاب الجماعي، التي تمارس منذ سبع سنوات على أكثر من 40 ألف مواطن ليبي دون محاكمة، بتهمة مشاركة نظام القذافي في قمع «ثورة» فبراير (شباط) وتهم باغتصاب 8 آلاف امرأة، ثبت فيما بعد أنها مجرد أكذوبة من أكاذيب الإسلام السياسي، تسببت في تهجير مدينة بكامل أهلها؛ أطفال ونساء وشيوخ وصبيان ورجال، شدوا الرحال قسراً شرقاً وغرباً وجنوباً يلتحفون السماء ويتدثرون الأرض، سنوات عجاف ليسوا وحدهم الشركاء فيها بل تقاسموها مع باقي الليبيين بين نازح ومهجر، إنه الظلم الصارخ واستقواء القوي على الضعيف، وتحميلهم وزراً وعقاباً جماعياً لم يكونوا جميعاً شركاء فيه، وطال التشويه والتزوير أرقام الضحايا وهوية من ارتكب الجرائم، التي نرفضها جميعاً سواء كان مرتكبها تاورغياً أو غيره كرفضنا سياسة العقاب الجماعي.

سنوات التهجير لأهل هذه البلدة الساحلية كانت صعبة، فقد سكنوا أكواخ الصفيح وتنقلوا بين المدن والقرى والواحات، تطاردهم نظرات استعلائية لم يكن فقط الجهلاء من يطلقونها، بل طالت من يمتهنون الثقافة حرفة فقالوا عنهم «إنهم مجرد بقايا عبيد أفارقة تركتهم سفن النخاسة على شواطئ ليبيا، زمن كانت ليبيا معبراً للنخاسة الدولية»، وكأن ليبيا ليست بلداً صحراوياً وأهله جميعهم بيض شقر بعيون زرقاء. إلى هذا الدرجة وصل امتهان أهل تاورغاء من قبل هؤلاء المتبجحين الذين يحتمون وراء سلاحهم الثقيل الذي وزعته عليهم قطر وتركيا، ليخيفوا به بقية الليبيين الذين لا يملكون سلاحاً مثلهم، في تشويه كامل للحقيقة وفجور في الخصومة مع مكون ليبي لا يختلف عن غيره من الليبيين.
معاناة أهل تاورغاء ستبقى حجر عثرة أمام أي مصالحة وطنية مكتملة الأركان، لأنها تعتبر كارثة إنسانية ولا تختلف عن التغريبة الفلسطينية إلا في هوية الجلاد، ورغم المحاولات الكثيرة لرأب الصدع ومحاولة إعادة أهالي المدينة المهجرة إلى بيوتهم، فإن أطرافاً كثيرة لها مصلحتها في ابتزاز الدولة، خصوصاً بعد أن تمت عملية مصالحة تضمنت اتفاقاً بعودة سكان المدينة مع بداية فبراير لتفقد بيوتهم وتكفلت الحكومة بجبر الضرر للطرفين، إلا أن أطرافاً لم يعجبهم الأمر؛ منهم من يطمع في حصة أكبر من حجم التعويض، ومنهم من يطمع في الاستيلاء على أرض المدينة الساحلية واستغلال مزارعها، ومنهم ميليشيات الإسلام السياسي التي لا تزال تمتلك القوة في محيط بلدة تاورغاء، تاركة جرافاتها تدمر ما تبقى من شواهد المدينة المدمرة عبر سني فبراير السبع العجاف على سكان تاورغاء، ما دفع النائب في البرلمان عن مدينة تاورغاء بالمجاهرة بالقول: «فبراير كانت نكبة لا ثورة».

المفتي المعزول الذي تستمع إليه ميليشيات الإسلام السياسي، وتتخذ منه ولياً لها، وهو في الواقع أحد أهم أسباب العنف والدم في ليبيا، عبر فتاوى ضالة وتحريض على القتل ومجاهرة بدعم «داعش» قال صراحة عن عناصر داعش: «هم إخوة لنا»، ومع هذا لم يحرك الإنتربول الدولي شارة حمراء إلى ضرورة القبض عليه، وتخليص الليبيين وحتى باقي المسلمين والعرب والعالم من شروره.

الميليشيات التي تمنع أهالي تاورغاء من العودة لمنازلهم، رغم زعمها في البداية أنها كتائب تحت إمرة «جيش» حكومة «الوفاق»، فإنه سرعان ما اتضح أكاذيب قادتها الذين مارسوا الابتزاز، فحركوا الميليشيات لتقطع الطريق أمام قافلة عودة المهجرين لبيوتهم، رغم الاتفاق الذي رعته هذه الحكومة التي تزعم الميليشيات الامتثال لأمرها، لتتوقف قوافل العائدين في الصحراء تمنعهم رشاشات ومدافع من يسمون أنفسهم «ثوار فبراير» أمام مرأى ومسمع الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

عن الشرق الاوسط اللندنيه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاورغاء الليبية تنتظر المجتمع الدولي تاورغاء الليبية تنتظر المجتمع الدولي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon