بقلم: د. جبريل العبيدي
ليس بمقتل لقمان سليم ستتوقف كواتم الصوت في لبنان عن القتل، فقد سبقه سمير قصير وجبران تويني وقبلهما حسين مروة وحسن حمدان، والقائمة تطول ممن حصد حياتهم كاتم الصوت، ضمن قائمة اغتيالات سجلت «ضد مجهول»، رغم أن الفاعل معلوم ويجاهر بجريمته بفخر، الأمر الذي يهدد بعودة شبح اغتيالات كاتم الصوت للبنان المنقسم، والمتشظي بين صراع النخب السياسية.
المغدور سليم الذي اهتمّ بملف المخفيين قسراً خلال الحرب الأهلية، كان من أشدّ المعارضين لـ«حزب الله» اللبناني، رغم انتمائه إلى الطائفة الشيعية ورغم سكنه في الضاحية الجنوبية وسط معقل «حزب الله»، حيث قتل، مما فتح الأبواب على اتهام «حزب الله» بمقتله، فالمقتول معارض للحزب وقُتل في منطقة يسيطر عليها الحزب، لدرجة أن الطير الطائر في سماء الضاحية معروف لميليشيات «حزب الله»، فكيف يُقتل رجل بحجم سليم في معقل «حزب الله» والحزب لا يعلم؟
سليم وُجد مقتولاً بالرصاص في سيارة في جنوب لبنان، كما قال مصدر أمني «إنه تم العثور على سليم مقتولاً بإطلاق نار في رأسه داخل سيارته في العدوسية» (الجنوب) بعد اختفائه وفقدان الاتصال به، والذي استيقظ يوماً ليجد منشورات ملصقة على باب منزله في الضاحية الجنوبية، تمجّد كاتم الصوت وتتهمه بالعمالة لإسرائيل، وهو الذي أنتج فيلماً وثائقياً حول مجزرة صبرا وشاتيلا، بل وصف بأنه «عميل» يسعى لتدمير «حزب الله» من الداخل، وأنه من «شيعة السفارة» فهل قتلت إسرائيل «عميلها» الافتراضي من وجهة نظر «حزب الله» وسدنته؟!
سليم سبق له أن أصدر بياناً اتهم حسن نصر الله ومن سماهم «خفافيش الظلمة» وحمَّلهم مسؤولية ما قد يجري ضده وضد عائلته ومنزله بعد وضع لافتات وعبارات تهديد بالقتل على باب منزله.
المستفيد مِن مقتل سليم هو «حزب الله»، ومحاولة إلصاق التهمة بالموساد الإسرائيلي كما يحاول سدنة وحواريو «حزب الله» فعله من خلال تحليلات وتحقيقات بوليسية يخجل أطفال المغامرين الخمسة لوزة وتختخ وكلبهم من تكرارها لسذاجة محتواها، فالقتيل قُتل في معقل «حزب الله»، إلا إذا اعترف «حزب الله» بأنَّ ضاحيته الجنوبية مخترقة، وأنَّ للموساد فرعاً نشطاً فيه.
رواية «حزب الله» ومن يدور حول صومعته هي أنَّ جميع من مات أو قُتل فقد قتله الموساد الشرير، أما الحزب الطيب فهو حزب دعوي جهادي بالكلمة، ولا يقتل أحداً، وعليكم أن تصدقوا هذه الرواية وتنشروها في العالم، ومن لا يقتنع بها اقتلوه.
اغتيال لقمان سليم هو الترجمة الحقيقية لتهديدات الحزب له بإلصاق الشعارات والتهديدات على باب منزله، فبصمات «حزب الله» في اغتيال لقمان سليم واضحة وليست مخفية مهما اجتهد الحزب وعناصره في إخفائها من مسرح الجريمة كما فعل في سابقاتها، والشماعة جاهزة وهي الموساد الشرير الذي يشوه المقاومة «الطيبة البريئة»، والتي نشر عناصرها «حُكماً شرعياً» بإعدام سليم تم إلصاقه على جدار منزله ليدعم «البراءة» الافتراضية لـ«حزب الله» من دم لقمان سليم.
لبنان البلد العربي غارق في أزمته الاقتصادية بسبب فساد سياسي وعجز النخبة عن التخلص من الهيمنة الطائفية للخروج بلبنان من أزمته الخانقة، التي أضاف إليها «حزب الله» ضوائق كثيرة ليس آخرها ملف الاغتيالات، بل بوضعه «فيتو» على مستقبل لبنان خالياً من الطائفية، التي رفضها اللبناني السني والشيعي والماروني في مظاهرات لم تتوقف إلا بسبب جائحة «كورونا»، والتي حبست العالم في بيوتهم، وليس فقط لبنان الطامح للحرية من الطائفية، وهوية حزب إيران في لبنان المسمى «حزب الله» والله بريء منه.