توقيت القاهرة المحلي 05:55:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العراق وساحات الدم

  مصر اليوم -

العراق وساحات الدم

بقلم: د. جبريل العبيدي

الهيمنة الإيرانية، والمحاصصة الطائفية، وتقاسم السلطة بمبدأ الغنيمة، وغياب رؤية سياسية واضحة، وانتشار الفساد الإداري والمالي والبطالة، جميعها مسببات للمظاهرات الشعبية في ساحات العراق، التي طالبت بإنهاء الهيمنة الإيرانية، وحالة التبعية للنظام الإيراني، فمطالبة الشعب العراقي في الساحات بإخراج إيران من المشهد كانت السبب في سبع مرات يتم فيها الهجوم والاعتداء على المتظاهرين، ويسيل فيها الدم دون أي حماية، وفي ظل فشل الحكومة في معرفة أو التوصل إلى الجناة، الأمر الذي يجعل الحكومة في محل الشك، بينما مظاريف الرصاص الفارغة تثبت أنها صنعت في إيران.
ليست ساحة الخلاني وسط بغداد فقط هي مصدر النزف الدامي في العراق، وإن كانت مذبحة ساحة الخلاني، التي راح ضحيتها 25 قتيلاً وسقط خلالها 130 جريحاً، هي أحدثها، فقد كشف ضابط عراقي رفيع عن وجود شبهة «تواطؤ» بين قوات الأمن العراقية، وعناصر ميليشيا مرتبطة بإيران. ففي ذلك اليوم الدامي في ساحة الخلاني؛ فتحت مجموعة من ميليشيا «كتائب حزب الله» العراقي، النار باتجاه المتظاهرين في ظل انقطاع التيار الكهربائي، بينما في المقابل لم يتعرض أحد للمظاهرات المضادة التي خرجت بها عناصر الأحزاب والميليشيات، بل لم تتعرض لهجوم أو انقطاع التيار الكهربائي، أو ما شابه، وبينما يقول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إنه «إذا لم يكشف الأمن عن قتلة المتظاهرين فهو متواطؤ»، فكان الرد تعرض منزله ومقره «الحنانة» للقصف من طائرة مسيرة.
الدم المسال في ساحات بلاد الرافدين، يحتاج تحركاً دولياً عبر مجلس الأمن والمحكمة الجنائية لملاحقة المتورطين، ولا يمكن إيقافه بمجرد تغريدات لسفراء الغرب، كسفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق مارتن هوث، والسفير الكندي لدى العراق أولريك شانون.
في مواجهة حمام الدم في ساحات العراق، تبقى المطالبات الخجولة لبريطانيا وفرنسا وألمانيا للحكومة العراقية بـ«حماية المتظاهرين ومحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل، وعدم السماح لأي فصيل مسلح بالعمل خارج سيطرة الدولة»، دون فائدة تذكر، إذ لا يمكنها وقف سيل الرصاص الإيراني عن أجساد المتظاهرين العراقيين الذين يطالبون بتحرير الإرادة العراقية، ونبذ الطائفية.
المظاهرات في الساحات العراقية أو «ثورة تشرين» مظاهرات اندلعت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، في ساحات بغداد وجنوب العراق، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، والفساد الإداري، والبطالة، امتدت للمطالبة بإنهاء المحاصصة الطائفية ونبذها كمنهج لتقاسم المناصب السيادية في البلاد.
ومع سيل الدماء في الساحات العراقية، سُجلت عمليات اختطاف استهدفت ناشطين ومدونين عراقيين في بغداد وجنوب العراق، ووجود سيارات من دون لوحات، تقوم بعمليات اغتيال للناشطين في المظاهرات، في ظل تسجيل حالات قمع للصحافيين والمراسلين. وأفادت منظمة العفو الدولية باستهداف المتظاهرين على أيدي قناصة، الأمر الذي لا يمكن أن يقوم به أفراد، بل هو جهاز استخباراتي ضليع في مثل هذه الأعمال، وهذا لا يتوفر إلا لجهاز «الباسيج» و«الحرس الثوري» الإيراني.
ثمن التغيير في العراق، والتخلص من تركة بول بريمر ذات التركيبة والمحاصصة الطائفية، هو سيل الدماء في ساحات العراق، في ظل تقارير منظمة العفو الدولية التي طالبت الحكومة العراقية بوقف استخدام القوة المُفرطة، وأن تأمر قوات الأمن على الفور بالتوقف، دون أن تجد إجابة.
ساحات العراق، التي شهدت ترديد أغاني الرفض للحكومة، بل ومقارعتها، قابلها أتباع إيران بالرصاص «المجهولة» هويته للحكومة، المعلومة لجميع العراقيين الرابضين في الساحات من أجل عراق خالٍ من إيران والطائفية.
رغم الوضع المرعب في مظاهرات العراق، ورغم أن إخراج إيران من العراق سيكون مكلفاً للشعب العراقي، ففاتورة الدم أصبحت ثقيلة، إلا أنه لم يعد بالإمكان التراجع عن تحرير إرادة العراق، فالشعب العراقي قال كلمته، رغم التهديدات بأن شعار «إسقاط النظام» يُعاقب عليه القانون، وخاصة بعد سقطوط الحكومة ولو باستقالة عادل عبد المهدي، وما زال الشعب العراقي يطالب بإسقاط النظام الفاسد حتى يتحقق له ما أراد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق وساحات الدم العراق وساحات الدم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon