بقلم - عباس الطرايلي
اليوم، تنطلق من مدينة أسوان فعاليات مؤتمر شباب أفريقيا.. وهو بكل تأكيد أول مؤتمر من نوعه تشهده القارة الأفريقية.. وأراه بادرة طيبة نحو بدايات جديدة لهذا المؤتمر الذى يجتمع فيه خلاصة شباب القارة بكل تياراتها الفكرية سواء من أصولها العربية- فى شرق القارة وغربها- أو من أصول زنجية أفريقية فى قلبها وجنوبها.. ومن أقصاها المطل على البحر المتوسط حيث يحلم بعض أبناء القارة بالقفز إلى أوروبا ليلحقوا بالحضارة الغربية.. ونسوا كلهم، أنهم يمكنهم بناء حضارتهم الخاصة بهم.. خصوصاً أن القارة تزخر بالقدرات والإمكانيات الاقتصادية والثروات الزراعية والتعدينية.. ونسوا أنهم ساهموا وبنصيب كبير فى نشأة الحضارة الأمريكية، الشمالية والوسطى والجنوبية.
وعندما اختار الرئيس السيسى أسوان لتكون بداية الانطلاق الأفريقى الجديد كان ذلك لأن أسوان هى آخر وأكبر مدينة مصرية تقترب حدودياً مع باقى بلاد هذه القارة.. أى يراها الرئيس البداية الصحيحة لهذا التواصل غير المحدود بين شمال شرق القارة- مصر- وبين جيرانها فى باقى أنحاء القارة التى تضم ثانى أكبر قارات العالم بشراً وإمكانيات.. فضلاً عن أنها تتوسط قارات العالم القديم كله.
وليس سراً أن اختيار السيسى مدينة أسوان لتقوم بمهمة التواصل مع كل القارة الأفريقية إنما يجىء مع نفس البداية التى تتولى فيها مصر- بقيادة الرئيس السيسى- رئاسة دول القارة. وهذه كلها معان كثيرة عن أهمية التواصل والعمل المشترك.. الذى لا يرفض التعاون الضرورى البعيد عن أى استغلال، بعد طول امتصاص الدول الأوروبية بكل أنواعها لثروات أفريقيا، على مر القرون، بل ليس سراً أن أوروبا بالذات قامت حضارتها بأموال وثروات أفريقيا واسألوا المثقفين من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.. وحتى بلجيكا والبرتغال!!.
هنا يأتى التحرك المصرى الذى يطالب بثروات أفريقيا لشعوبها وكفى ما قامت دول أوروبا بنهبه والاستيلاء عليه منها.
■ ■ وتذكرنى بدايات مؤتمر الشباب هذه بما عاشته مصر والقاهرة منذ النصف الثانى من خمسينيات القرن الماضى عندما دعمت القاهرة نشاطات قادة أفريقيا التاريخيين، والمطالبة باستقلال شعوب القارة عن المستغلين.. ولن أنسى هنا دور جمال عبدالناصر وكيف نظمت مصر واحداً من أفضل مؤتمراتها داخل كليات جامعة القاهرة.. حيث احتضنت مصر كل دعوات شعوب القارة المطالبة بالتحرر والاستقلال.
حقاً ما أشبه اليوم بالبارحة.. ولذلك أعتبر مؤتمر شباب أفريقيا الذى يبدأ اليوم فى أسوان هو العودة الطبيعية من مصر إلى أفريقيا.. أو العودة الضرورية من شعوب القارة إلى مصر.
وأهلاً بأفريقيا فى مصر من جديد.. ومن أسوان بالذات.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع